تشهد «حرب» عرسال عملية «كرّ وفرّ» بين معارك عسكرية لم تنته بعد ومساعي الحل التي لم تكلل بالنجاح، وسط اهتمام عربي ودولي بالحاجة الى تحصين مكانة الجيش اللبناني ورفْده بالقدرات العسكرية وهو ما تجلى في مكرمة المليار دولار التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز للجيش عبر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والمعدات العسكرية الأميركية التي وصلت الى بيروت على جناح السرعة.وفي الوقت الذي تحدّثت التقارير عن أوضاع كارثية لأهالي عرسال ونحو 120 ألف نازح سوري في البلدة جراء العمليات العسكرية منذ السبت الماضي، فان الدوائر المراقبة في بيروت تتحدث عن «حتمية الحل» بعدما شعر الجميع بأنهم سقطوا في فخّ لا طاقة لا للجيش اللبناني ولا للمسلحين المتشددين على تحمله، وتالياً تتزايد الحاجة الى الخروج من عنق الزجاجة.وتبعاً لذلك استمرت مساعي الحل الذي تضطلع به هيئة العلماء المسلمين بتغطية حكومية وسط صعوبات قاسية لم تصمد معها هدنة الـ 24 ساعة التي كانت أعلنت ليل أول من أمس، غير ان المحاولات استمرت بموافقة من الجيش اللبناني وأطراف من المسلحين كـ«جبهة النصرة» التي تحدثت المعلومات عن انسحاب غالبية مسلحيها من عرسال.ولفتت في هذا السياق التقارير التي تحدثت عن صراع بين «جبهة النصرة» و«داعش» بعدما عارضت الاخيرة مساعي الحل، في الوقت الذي غمز النائب في «تيار المستقبل» جمال الجراح، الذي يضطلع بدور مساعد في المساعي الجارية، من قناة «حزب الله» كطرف لا مصلحة له بالتوصل الى حل، وهو ما ألمح إليه ايضاً رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في تصريح لـ «الراي».وعلى وقع معاودة قوى 14 آذار ربْط أحداث عرسال ببُعدها اللبناني معتبرة اياها من تبعات انخراط «حزب الله» عسكرياً في الحرب السورية ومحمّلة اياه مسؤولية التضحيات الضخمة التي يدفعها الجيش في المواجهة المستمرة في البقاع الشمالي عبر استدراجه الإرهابيين الى عرسال، أطلّ الرئيس سعد الحريري من جدة معلناً في مؤتمر صحافي تفاصيل المكرمة السعودية للجيش التي تأتي بعد تسعة اشهر على هبة الثلاث مليارات دولار التي قدّمتها المملكة لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا.وأعلن الحريري «ان لبنان اليوم يواجه هجمة إرهابية غير مسبوقة، عملت على خطف بلدة عرسال وأسر أهلها ومهاجمة المراكز العسكرية والأمنية المتواجدة فيها»، لافتاً الى «ان خادم الحرمين الشريفين اعلن الوقوف مع لبنان في مكافحة الإرهاب وفلوله المسلحة، ووضع خطابه التاريخي الذي وجهه قبل أيام موضع التنفيذ، تأكيداً للصرخة التي أطلقها، منبهاً ومحذراً من تنامي الإرهاب وقصور المجتمع الدولي عن مكافحته».وإذ شدد على ان «الإرهاب سرطان يهدد وجود لبنان، بل المنطقة كلها بانتشار الفوضى والفتن، واستئصاله مسؤولية الدولة ومؤسساتها»، أكد أنه «من هذا المنطلق، وجه خادم الحرمين الشريفين، وحرصاً من مقامه الكريم على حماية لبنان ودعم مؤسساته، والتضامن مع شعبه في مواجهة المخاطر الداهمة، بتقديم دعم فوري للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر القوى الأمنية الشرعية، قوامه مليار دولار يخصص لرفد الدولة اللبنانية بالامكانات التي تتيح لها دحر الإرهاب ورده على أعقابه وقد شرفني، بالاعلان عن هذا الدعم والاشراف على هذا العمل الأخوي النبيل».واكد انه سيباشر «فوراً باجراء اتصالات برئيس الحكومة والوزارات والادارات العسكرية والأمنية اللبنانية، والعودة معها الى البرامج والخطط والمشاريع، التي تلبي بالدرجة الأولى الحاجات الملحة للجيش والأجهزة، وتساهم مباشرة في توفير المستلزمات الممكنة والمطلوبة، لمكافحة ظاهرة الإرهاب».ورداً على سؤال عن الحل في عرسال، رأى الحريري ان «المهم الافراج عن العسكريين ومغادرة المسلحين الاراضي اللبنانية والتفاوض لابد منه لأن ثمة عسكريين مفقودين مع الإرهابيين ونحن نريد انقاذ عرسال واعادة العسكريين»، واضاف: «اكدنا سابقا ان قتال (حزب الله) في سورية سيتجلب الردود الى لبنان وحذرنا من ذلك. فمشاركة الحزب جريمة وكذلك ما قام به المسلحون في عرسال جريمة».وفي موازاة ذلك، شهدت بلدة كفرزبد (البقاع) عند الثانية بعد منتصف ليل الثلاثاء - الاربعاء اشتباكات في محيط موقع «الجبهة الشعبية القيادة العامة» في تلة البيضا استُخدمت فيها جميع انواع الاسلحة المتوسطة والخفيفة والقذائف الصاروخية.وتضاربت الروايات حول خلفيات الاشتباكات التي استمرت حتى الخامسة صباحاً والجهة التي اصطدم بها عناصر موقع جبهة أحمد جبريل. وفيما نفت «القيادة العامة» في لبنان ان يكون ما حصل في سياق انشقاق حصل داخل صفوفها، موضحة ان الاشتباك حصل مع مجموعة مسلحة ارادت الانقضاض على الموقع، أكد مصدر أمني لـ «الراي» أن ما جرى في تلة البيضا هو اشتباك بين عناصر «القيادة العامة» وأي حديث عن مجموعة إرهابية مسلحة ارادت اقتحام الموقع «كلام غير دقيق، لأن وحداتنا ومراكزنا على طول السلسلة الشرقية مستنفرة وجاهزة للرد على أي عمل عسكري داخل الحدود».
خارجيات
الحريري أعلن تفاصيل مكرمة المليار دولار السعودية للقوى العسكرية والأمنية
مساعٍ جدية في لبنان للخروج من «فخ» عرسال
04:01 م