بدأ «حريق» عرسال الذي يشهد محاولات حثيثة لإخماده بناء على معالجة وفق شروط «الدولة» يتحوّل عنصراً في الأزمة اللبنانية المتشعّبة الفروع رغم الاحتضان «فوق العادي» السياسي والشعبي الجامع للجيش اللبناني في المعركة التي يخوضها منذ السبت الماضي ضد مسلّحين من «داعش» و»جبهة النصرة» في عرسال وجرودها.فبعدما تمت مقاربة أحداث عرسال في الايام الثلاثة الاولى سياسياً على انها من «توابع» الأزمة السورية، أعادت قوى «14 آذار» ربْط هذا الملف المستجدّ ببُعده اللبناني معتبرة اياه من تبعات انخراط «حزب الله» عسكرياً في الحرب السورية ومحمّلة اياه مسؤولية التضحيات الضخمة التي يدفعها الجيش في المواجهة المستمرة في البقاع الشمالي عبر استدراجه الإرهابيين الى عرسال، ومعتبرة انسحاب الحزب من سورية عنصراً رئيسياً في «الخطة الانقاذية» من 12 نقطة التي اعلنتها بعد اجتماعها الموسع مساء الثلاثاء والتي تبدأ «بانتخاب رئيس جديد للجهورية لتحصين لبنان من الاخطار، واطلاق سراح المحتجزين من الجيش والقوى الامنية فوراً وانسحاب المسلحين غير اللبنانيين من عرسال» و»توسيع تنفيذ القرار 1701 ليشمل الحدود الشرقية مع سورية ومنع حركة تسلل المسلحين في الاتجاهين» بعدما «ربط تدخل حزب الله العسكري في سورية لبنان بحروب المنطقة وعرّض دولته وشعبه وجيشه لمخاطر كبيرة».وما جعل هذا الموقف العالي السقف لقوى «14 آذار» يكتسب اهميته انه لاقى موقفاً مماثلاً أطلقته «كتلة المستقبل» البرلمانية، مع حرص بالغ على الفصل بين موجبات دعم الجيش حتى النهاية في معركته ضد الارهاب وبين تظهير مسؤولية «حزب الله» عن مآل الامور في عرسال وربما لاحقاً في بقع لبنانية أخرى نتيجة انغماسه في الحرب السورية التي يعتبر تحالف «ثورة الأرز» ان الحزب يخوض أشرس معاركه فيها وربما أكثرها كلفة له (بشرياً) في جرود القلمون المتاخمة لعرسال. وكان بارزاً ان هذه المقاربة «المحسوبة» لقوى «14 آذار» ترافقت مع اعلان الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري امس من جدة ان السعودية قدمت مليار دولار اضافية للجيش اللبناني من اجل تعزيز قدراته في «المحافظة على امن لبنان».وقال الحريري، الذي عاد وعقد مؤتمراً صحفياً بعد ظهر امس، في تصريح للصحافيين في قصر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في جدة «لقد ابلغني خادم الحرمين بانه اصدر امره الكريم بتقديم مساعدة للجيش اللبناني والامن الوطني بمبلغ مليار دولار وقد استلمنا هذا الدعم»، واضاف ان «هذا الدعم مهم جدا ولا سيما في هذه المرحلة التي يمر فيها لبنان (الذي) يحارب الارهاب».وجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين غداة الكشف عن اتصال أجراه بالرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أعرب خلاله عن دعم بلاده ووقوفها بجانب المؤسسة العسكرية في مواجهة الارهاب، مؤكداً عزمه على الاسراع في تنفيذ الدعم الاستثنائي للجيش اللبناني الذي كان العاهل السعودي عبّر عنه من خلال هبة الثلاث مليارات دولار التي قدمها للجيش في ديسمبر الماضي لتسليحه من فرنسا.وفي حين سارعت باريس الى الاعراب عن استعدادها «كي تلبي سريعا احتياجات لبنان» بعدما طالبها قائد الجيش العماد جان قهوجي بتسريع تسليم الاسلحة التي من المقرر ان يحصل عليها الجيش بموجب هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية، اشارت تقارير في بيروت الى ان دفعة اولى من السلاح للجيش وصلت اول من امس من الولايات المتحدة على ان تليها دفعة اخرى من فرنسا، ملاحظةً ان ثمة ما يشبه السباق بين الجهات المعنية لتسليح الجيش. وكانت هبة المليار دولار الاضافية للجيش اللبناني محور اللقاء البالغ الدلالات الذي عُقد مساء الثلاثاء في دارة الرئيس ميشال سليمان في اليرزة وحضره البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والرئيس فؤاد السنيورة، ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، والذي تخلله ايضاً بحث ضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي والانتخابات النيابية، اضافة الى الوضع الامني في بلدة عرسال.وفي سياق مقاربة الواقع اللبناني «المعلّق» هذه الايام على مواجهات عرسال، جدد رئيس مجلس النواب نبيه بري تأكيد تقديم كل الدعم للجيش، داعياً الى «الالتفاف حوله في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة»، ومشدداً على أن «الاستثمار في الأمن هو من أولويات المرحلة».وأكد في «لقاء الاربعاء النيابي» اهمية تحضين الوحدة الوطنية، وقال انها «الكلمة الذهبية في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، مشدداً على «رفض التمديد للمجلس النيابي»، ومشيراً الى انه طلب من وزارة الداخلية الاعداد للانتخابات النيابية التي يفترض توجيه الدعوة لها في 20 الجاري اي قبل 3 اشهر من انتهاء ولاية البرلمان.
خارجيات
«14 آذار» صوّبت على مسؤولية «حزب الله» عن توريط لبنان
«هبّة» عربية - دولية لدعم الجيش اللبناني: مليار دولار من السعودية ووصول سلاح أميركي
تعزيزات عسكرية لبنانية الى منطقة المواجهات في عرسال (ا ف ب)
12:57 م