تسارعت الخطوات امس، في اتجاه محاولة معالجة الوضع الناشىء في بلدة عرسال على قاعدة هدنة «مشروطة» تكون مدخلاً لوقف إطلاق نار نهائي وفق بنود حاسمة وضعتها الدولة اللبنانية بما يحافظ على هيبتها وسمعتها ولا يعرّض الجيش اللبناني لأي نكسة.وبدت خيوط المبادرة التي تتولاها هيئة العلماء المسلمين بالتنسيق مع رئاسة الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش في سباق مع الوقائع الميدانية في عرسال و«الأفخاخ» سواء التي برزت من خلال التعرض لموكب هيئة العلماء بإطلاق النار عليه بعيد دخوله عرسال ما ادى الى اصابة الشيخ سالم الرافعي ومرافقه جلال كلش والمحامي نبيل الحلبي بجروح او من خلال البند في المبادرة المتعلق بمصير عماد احمد جمعة، القيادي في تنظيم «داعش» في القلمون الذي شكل توقيفه من الجيش اللبناني يوم السبت الشرارة التي أشعلت المواجهات.وشخصت الأنظار امس على اولى خطوات «حسن النيات» في اطار السير بالمبادرة والتي تمثلت في الافراج عن 3 من عناصر قوى الامن الداخلي الذين كانوا في عهدة الشيخ مصطفى الحجيري في عرسال وهم مطانيوس مراد وخالد صلح ورامي جمال. علماً ان تضارباً يبرز حيال عدد الأسرى من قوى الامن الذين اعلن الحجيري ان عددهم 16 كانوا داخل مفرزة عرسال حين اقتحمها المسلحون يوم السبت مقابل 19 عسكرياً (من اصل 22 اعلن الجيش انهم مفقودون) قال انهم «محتجزون في مكان آمن داخل لبنان»، قبل ان يعلن الشيخ محسن شعبان (عضو هيئة العلماء) «اننا تعرفنا الى مصير 12 عسكرياً للجيش و20 عنصراً من القوى الأمنية وهم مع المسلحين».ويفترض ان يمهّد اطلاق العناصر الثلاثة الطريق امام تثبيت هدنة وصولاً الى إقرار سائر بنود المبادرة التي تنصّ على الإفراج عن العسكريين وانسحاب المسلحين من عرسال وتلالها وجرودها، وإخراج المدنيين الجرحى من أهل عرسال المحاصرين في البلدة، وإدخال مساعدات إنسانية. فيما لفت كشْف هيئة العلماء المسلمين ان بنداً اضافياً في المبادرة ينص على «إطلاق أبو أحمد جمعة أو إغلاق ملفه عبر القضاء المختص» وهو ما ينذر بامكان تعقيد الامور في ظل ما سبق ان كشفه قائد الجيش العماد جان قهوجي من ان جمعة اعترف في التحقيق معه بانه كان يقوم بجولة استطلاعية اخيرة قبل تنفيذ مخطط كان يقضي بتنفيذ عملية واسعة على مواقع الجيش المتقدمة في منطقة عرسال.وكان يوم امس، شهد ساعات من الترقب ولا سيما في ظل وجود الشيخ الرافعي وهو مصاب في قدمه داخل عرسال وسط حاجته الى عملية جراحية غير ممكنة في البلدة، قبل ان تنجح الاتصالات في تأمين إخراجه بعدما دخلت سيارة النائب جمال الجراح الى عرسال فيما بقي باقي أعضاء وفد هيئة العلماء برئاسة الشيخ مالك جديدة في البلدة لمتابعة الاتصالات. وجاءت هذه التطورات غداة ليل «مثير» بدأ بعدما تعثّرت مهمة تثبيت وقف النار على خلفية رفض العناصر المسلحة تقديم أي معلومات أو ضمانات بتسليم العسكريين المحتجزين لوفد هيئة العلماء الذي كان من المفترض ان يبدأ مهمته بعيد السادسة مساء بالتفاوض مع المسؤول الميداني عن المسلحين وهو المعروف بأبو طلال، الا ان وقف النار لم يتم عند السادسة مساء وبقي الوفد في شتورا حتى الثامنة والنصف ليلاً عندما أفيد عن توجهه الى عرسال للشروع في مهمته.غير انه بعيد دخول الوفد البلدة تعرض لاطلاق نار روى ملابساته عضو الهيئة الشيخ عدنان امامة (كان في عداد الوفد الذي توجّه الى عرسال) اذ قال لـ «الراي»: «الوفد انطلق قرابة الساعة الثامنة من مساء الاثنين الى عرسال وعند الوصول إلى آخر حاجز للجيش اللبناني قبل دخول البلدة إرتأينا أن من المناسب ارسال سيارة استكشاف، لأن الوفد كان كبيراً ويتألف من نحو 25 شيخاً ولم نرغب أن نجازف بدخول الجميع، لكن للاسف لم يمض أكثر من خمس دقائق على انطلاق سيارة الشيخ سالم ومرافقه جلال كلش والمحامي الحلبي حتى تعرضت لاطلاق نار فاصيبوا ما استدعى نقلهم الى اقرب مستوصف في عرسال، قبل ان تنقطع معهم الاتصالات فترة من الوقت. والمعلومات أشارت إلى أن اصابتهم طفيفة، لكن اتضح أن هذا الكلام لم يكن دقيقاً، فقد اخترقت رصاصة العمود الفقري لـ جلال كلش الذي اصيب بالشلل».واذ شدد أمامة على أن هيئة علماء المسلمين لا تتهم أحداً باطلاق النار «فالاتهام من دون بيّنة حرام»، قال رداً على سؤال حول إذا كان وفد الهيئة التقى المسلحين: «الشيخ سالم بقي داخل عرسال بعد معالجته وقابل المسلحين مع بقية الوفد، وطالبنا الوفد بالبقاء داخل عرسال، لكن الشيخ سالم سيخرج لاستكمال علاجه ومعه ثلاث اسرى عسكريين كبادرة حسن نية من المسلحين، ونتأمل ان تستكمل المبادرة بالطريقة الصحيحة، لكن نريد من الجيش التهدئة كي تثمر المبادرة».من جهته اوضح المفتي الميس الذي كان اضطلع بدور ايضاً في هذه المبادرة أنه كان التقى قائد الجيش ونقل اليه الاجواء العامة. وقال لـ «الراي»: «نقلنا للقائد أن جميع الاجواء تؤكد أن من الطبيعي دخول الجيش الى عرسال، ولكن غير الطبيعي وغير المقبول أن تدخل عناصر تحت غطاء الجيش وهذا قد يحوّل عرسال الى قلمون ثانية»، غامزاً بذلك من قناة التقارير التي تحدثت عن دخول عناصر لحزب الله بلباس الجيش الى عرسال وقصف عناصره للبلدة من مرابضه المتمركزة في اللبوة والنبي عثمان.
خارجيات
المفتي الميس لـ «الراي»: دخول عناصر تحت غطاء الجيش اللبناني قد يحوّل القرية قلمون ثانية
مبادرة «العلماء المسلمين» في عرسال حقّقت خطوة في مسيرة الألف ميل
12:57 م