تُسدل صبيحة العاشر من الجاري الستارة على الإنقسام الذي كاد يودي بالطائفة السنية في لبنان الى سابقة وجود مفتييْن للجمهورية وتالياً الى تكريس الشرخ الذي أحدثه الخلاف الحاد بين المفتي الحالي محمد رشيد قباني وبين معارضيه وهم من غالبية أبناء الطائفة وتياراتها السياسية والذي أفرز لأكثر من عامين مجلساً شرعياً إسلامياً أعلى لكلّ منهما.هوية المفتي الذي سيُنتخب الاحد باتت واضحة؛ انه رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا القاضي الشيخ عبد اللطيف دريان الذي سيأتي اختياره تتويجاً لإتفاق محلي برعاية عربية كان لدولة الكويت دوراً بارزاً فيها وسيفضي إلى «النهاية السعيدة» التي أقفلت صفحة الانتخابات التي كان دعا اليها قباني في 31 اغسطس والتي ستعيد لمّ شمل الطائفة السنية بعد سنوات من الإنقسام ذات الخلفيات السياسية والتنظيمية.ودريان، المفتي العتيد، من مواليد العاصمة بيروت العام 1953. كان تولى عدة مناصب منها: أمانة سرّ مفتي الجمهورية اللبنانية الشهيد الشيخ حسن خالد، مدير مكتب المفتي الشيخ محمد رشيد قباني، مديراً لمؤسسة الخدمات الاجتماعية التابعة لمؤسسات محمد خالد الاجتماعية في بيروت، مديراً عاماً للأوقاف بالوكالة، قاضياً شرعياً لمحكمة بيروت الشرعية السنية، مستشاراً في المحكمة الشرعية السنية العليا ثم رئيساً للمحكمة الشرعية السنية العليا ومديراً عاماً للمحاكم الشرعية السنية.«الراي» اتصلت بدريان مهنئة، فقال: «هذا كله بتقدير الله سبحانه وتعالى، وسنرى في العاشر من أغسطس الجاري، وأصر على ترك الأمر إلى حينه، والأحد لناظره قريب».ورداً على سؤال عن أي صفحة ستفتح في تاريخ لبنان ودار الإفتاء الأحد المقبل، قال: «هذا الأمر سيتحدث عنه مَن سيتم عليه الرأي، ونحن الآن لا نملك شيئاً».من جانبه، الأمين العام للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الشيخ خلدون عريمط (معارض لقباني)، أكد لـ «الراي» أنه «بإذن الله تعالى، ستجتمع الأحد الهيئة الناخبة برئاسة دولة الرئيس تمام سلام وبحضور أصحاب الدولة رؤساء الحكومات السابقين والوزراء والنواب المسلمين وقضاة الشرع ومفتي المناطق لينتخبوا مفتي جديد للجمهورية اللبنانية»، لافتا إلى أن «هناك توجهاً لأن يكون الشيخ عبد اللطيف دريان المفتي المقبل للجمهورية بالتزكية».وأضاف: «حتى الآن هناك توجه عام لأن لا يكون هناك مرشح غيره، وإذا كان هذا التوجه مستمراً فسيكون مفت بالتزكية أي بإجماع المسلمين، وإذا جرت إنتخابات فنحن أعددنا كل الآلية اللازمة لها من حيث الصندوق والأوراق وسرية الإنتخاب، وذلك في حال ترشح أي أخ من اخواننا وله الحق في ذلك»، متداركا: «لكن من خلال المعلومات المتوافرة لديّ، فإن الأكثرية المطلقة من الهيئة الناخبة تتجه نحو سماحة الشيخ دريان لأن يكون مفت للجمهورية».وعن الوساطة العربية التي لعبت فيها الكويت مساع حثيثة لإنهاء مشكلة الانقسام في إفتاء لبنان، قال عريمط: «الأشقاء العرب سواء دولة الكويت الشقيقة التي تحتضن دائما لبنان وقضاياه، أو المملكة العربية السعودية أو جمهورية مصر العربية أو بقية الأشقاء العرب، كلهم من خلال ممثليهم أو سفاراتهم في بيروت كانوا يشجعون وينصحون بوحدة الصف ويتمنون أن يكون هذا الانتخاب مناسبة لوحدة الصف الإسلامي، لأن هذا يشكل المقدمة الأساسية لوحدة الصف الوطني اللبناني»، مضيفاً: «اخواننا في الكويت لم يقصروا بجهدهم ومحبتهم، كذلك لم يقصر بقية الأشقاء العرب لأن كلهم حريصون على وحدة المؤسسات الإسلامية وعلى دعمها وعلى وحدة اللبنانيين ودعم مؤسسات الدولة ليبقى لبنان موحداً بمؤسساته وشعبه وألا تكون هناك سلطة على أرضه إلا سلطة الدولة اللبنانية. وهذا ما عهدناه من اخواننا في الكويت منذ الحروب العبثية التي عاشها لبنان وكان خلالها سمو الأمير الشيخ صباح الاحمد الصباح وزيرا للخارجية، إذ بتعاونه مع الأشقاء العرب لعبوا دوراً أساسياً في الوصول الى اتفاق الطائف».بدوره المدير العام للأوقاف الاسلامية هشام خليفة (قريب من قباني) أكد لـ «الراي» أنه «بالإتفاق الذي تم السبت وصدر على أثره بيان من الرئيس تمام سلام تبعه بيان سماحة مفتي الجمهورية، أُعلن أن الصفحة طويت»، مشيرا إلى أن «هناك خطوات عملية لتنفيذ ما تم الإتفاق عليه كانت بدأت منذ استقالة ستة أعضاء من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى (المؤيد لقباني)، وتأتي هذه الخطوات كتحضير لهذه الأجواء التي جاءت بدعم ومباركة من الأشقاء العرب بما فيهم مصر والسعودية والكويت وسورية، لتجاوُز الأزمة ووصلنا الحمدلله إلى هذه النتيجة المطلوبة».وقال: «يوم الأحد محطة أساسية باعتبار أن مفتي الجمهورية الحالي انتهت ولايته وسيتم انتخاب مفت جديد، سيكون ومن ضمن الإتفاقية، فضيلة الشيخ عبداللطيف دريان».وتعليقا على المساعي العربية وتحديداً الدور الكويتي في هذا الإطار، أوضح أن هذه ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها الكويت بمساعيها، قائلا: «أعتبر الكويت شريكاً مضارباً أو حيوياً مع لبنان، بما يعود دائماً بالخير المادي والمعنوي والسياحي على لبنان»، ومشددا على أن «أحداً لا ينكر فضل الكويت بكل جهودها الإيجابية، إذ أنها لم تتدخل يوماً بأي شيء سلبي لا من قريب ولا من بعيد فهي إما إيجابية أو لا تعمل إلا لما فيه خير لبنان، وهذا ما كان واضحاً في المباركة الكويتية للخطوة التي كان يديرها على الأرض القائم بالأعمال المصري في لبنان».وإذ نفى علمه بتفاصيل الوساطة والقنوات الكويتية التي تمت المشاركة من خلالها، أضاف: «أظن أن المرجعيات كانت من خلال السفارات السعودية والكويتية والمصرية، بالإضافة إلى دور للقنوات السورية، والحمدلله تم التوصل إلى نتيجة رفعت الشرخ الذي كان موجودا وأعادت اللحمة»، لافتا إلى أن «الإجراءات الإدارية والقانونية تُستكمل حالياً لإتمام هذه اللحمة وعودة الأمور إلى سابق عهدها: دار فتوى واحدة، مفت واحد ومجلس إداري واحد ومجلس شرعي واحد، لنواجه الحالة الخطيرة الآتية بموقف إسلامي لمرجعية موحدة».
خارجيات
الكويت في قلب وساطة إنهاء الانقسام في دار الفتوى اللبنانية
الدريان لـ «الراي» عشية انتخابه مفتياً للجمهورية: الأحد لناظره قريب
12:56 م