من تابع مسلسلات رمضان هذا العام أحس بمدى الغربة والغرابة مما عرض على شاشات المحطات الفضائية من مسلسلات، فلا القصص ولا بعض الممثلين أو البيئة المحيطة تمثل المجتمع الكويتي، فقد شاهدنا عارضي وعارضات أزياء يرتدون غالي الملابس ويتزينون بالذهب والمجوهرات، وبالغوا بوضع الماكياج وبانت عليهم آثار عمليات التجميل والتحزيم والتقشير وتبييض الأسنان حتى كدنا لا نعرفهم، وهم في بيوتهم كأنهم يحضرون حفلة عرس، يتحدثون بلهجة هجين، من لهجات خليجية وعراقية وشامية، تتغير معها معاني الكلمات، يعيشون في قصور مشيدة ومنازل فخمة، ويركبون سيارات فارهة ومن آخر طراز.أما أحداث هذه المسلسلات فلا يمكن أن تجري في بلد خليجي محافظ على عادات وتقاليد وقيم أساسها الدين الإسلامي، وقد صورت هذه المسلسلات المجتمع الكويتي بالمفكك الذي تنتشر فيه الأمراض والآفات الاجتماعية دون محاولة لمناقشة وعرض القضايا والهموم الاجتماعية الحقيقية التي تعاني منها المجتمعات الحديثة، بل وإنني أثناء متابعة حلقة من أحد المسلسلات شعرت بالأسى والحزن وأنا أشاهد عملاق التمثيل حسين عبد الرضا وهو يحاول تغطية سوءة نص المسلسل بخبرته التي تجاوزت نصف القرن وموهبته الفذة بقفشات وإسقاطات أظنها مرتجلة، وخارج النص الأصلي، ولكن دون فائدة، محاولة ذكرتني ببداياته مع مسلسل (محكمة الفريج) الذي عرض مع بداية انتشار التلفزيون بالكويت، والذي كان بظني نصاً أكثر تماسكاً وجدوى من هذا المسلسل.لقد أعطت هذه المسلسلات صورة مشوهة للأسرة الكويتية، وجب معها أن تشدد وزارة الإعلام في إجازة نصوص من هذا النوع، فهذه المسلسلات تعرض على الشاشات العربية والخليجية وعليها أيضاً أن تحرص على المتابعة حتى أثناء تصويرها وتتأكد من مدى تقيد الممثلين والممثلات بالنص والفكرة بإعطاء الصورة الحقيقية للأسرة الكويتية، فالناس تحكم على ما تراه، وتصدق ما يعرض إن تكررت هذه الصورة في أكثر من مسلسل وفي فترة زمنية واحدة.