بلغ التأزُّم في الواقع السياسي الداخلي في لبنان حدوداً متقدمة جداً في توسيع التداعيات والانعكاسات على مستويات مختلفة بما ينذر بصفحات إضافية من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وحتى المالية في ظل خطر تَمدُّد تعطيل المؤسسات الدستورية الواحدة تلو الاخرى.وإذ بدأت الضجّة تتصاعد من احتمال تعذُّر دفع رواتب الموظفين في القطاع العام قبل نهاية يوليو الجاري المصادف نهاية شهر رمضان المبارك نتيجة الانقسام الحكومي والنيابي حول ملف التغطية القانونية للإنفاق المالي العام، بما فيه تسديد رواتب الموظفين، أشارت مصادر وزارية في حكومة الرئيس تمام سلام لـ «الراي» الى ان «الايام الطالعة مرشحة لان تشهد ذروة في شدّ الحبال بين أطراف الحكومة والكتل النيابية في فريقيْ 8 آذار و14 آذار على خلفية ملفّات تعني الطبقات الشعبية مباشرة بما يعني اننا قد نكون امام مبارزة شديدة الصعوبة سيعمد فيها كل فريق الى تحميل الآخر تبعة المساس بمصالح هذه الطبقات والعبث بحقوقها المشروعة والبديهية في مواجهة ترتّب على أطرافها اختباراً خطراً امام القواعد الشعبية».وأوضحت المصادر ان الساعات الأخيرة شهدت انطلاق مشاورات ووساطات يتولى أبرزها وزراء كتلة النائب وليد جنبلاط من اجل تَدارُك الوصول الى وضعٍ من شأنه إحداث سابقة شديدة الخطورة لم يسبق ان عرفها لبنان في تاريخه ولا حتى خلال الحرب الاهلية لجهة تعذُّر دفع الرواتب للموظفين في الدولة من دون إغفال أزمة سلسلة الرتب والرواتب التي تهدد بمفاعيلها مصير مئة الف طالب بسبب إضراب الاساتذة عن تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية في اطار الضغط لإقرار السلسلة. علماً ان وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب حذّر من ان أزمة السلسلة متجهة الى سقف زمني خطير بعد أربعة ايام نظراً الى ضرورة بت مصير الامتحانات الرسمية قبل بدء مواعيد قبول الجامعات تسجيل الطلاب وإلا فان مصير الطلاب سيكون في مهب الضياع.وتَزامن تصاعُد هذه الازمة مع تصاعُد الأزمة الثانية المتعلقة بالرواتب من خلال عدم التوصل الى تسوية تضمن انعقاد مجلس النواب لبت مجموعة ملفات ذات طابع مالي منها التغطية القانونية للإنفاق المالي لهذه الرواتب. وإذ يتمسك وزير المال علي حسن خليل (من فريق الرئيس نبيه بري) بموقفه من ضرورة الحصول على قانون يغطي الإنفاق، ترفض كتلة «المستقبل» ذلك وتتمسك بالمضي في اتباع قواعد الصرف على أساس سلفات خزينة جرى اتباعها منذ سنوات طويلة وإلا ان يكون الصرف من ضمن إقرار موازنة سنة 2014 مع إنجاز قطع الحساب عن كل السنوات السابقة من 2005 الى 2014، علماً ان وزير المال يرفض أن يشمل قطع الحساب سنوات حكم الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة.ويأتي ذلك في وقت تعطّلت جلسات مجلس الوزراء نتيجة الخلاف على ملف الجامعة اللبنانية وامتناع رئيس الحكومة تمام سلام عن الدعوة الى جلسة هذا الاسبوع خشية مزيد من الاحتدام السياسي داخل الحكومة.وتقول المصادر الوزارية نفسها ان الاسبوع المقبل قد يشكل الاختبار الأكثر دقّة لبتّ مجموعة الملفات الخلافية المتراكمة لان عدم إنجازها سيرتّب مضاعفات تتسم بخطورة عالية على الجميع وتضع الحكومة امام تحدّ مبكر لاستمرارها. ومع ان مختلف الأطراف تؤكدو استمرار القرار في عدم هز الواقع الحكومي، فان المصادر تعتقد انه لا بد من التوافق على رزمة الملفات الخلافية الاسبوع المقبل وإلا سيغدو واقع الحكومة مهدداً بجدية.وتتجه الأنظار اليوم الى الكلمة التي سيلقيها الرئيس سعد الحريري في حفل الإفطار المركزي الذي يقيمه «تيار المستقبل» في مجمع البيال في بيروت والتي يتوقع ان تتضمن مواقف بارزة من الأزمة الرئاسية خصوصاً فضلاً عن إمكان تناوله بعض الملفات الاساسية المطروحة على صعيد عمل الحكومة ومجلس النواب والمسائل الشائكة التي تعانيها البلاد.ورغم تكتم أوساط الحريري في الإفصاح عما ستحمله كلمته من مواقف، فُهم ان صلبها الاساسي سيركز على الازمة الرئاسية وتحديد موقع «تيار المستقبل» منها، علماً ان اطلالة الحريري ستكون اول الكلام العلني له منذ ان خاض في حوار مع العماد ميشال عون الساعي الى الحصول على موافقة زعيم «المستقبل» على تبنيه مرشحاً توافقياً للرئاسة دون ان يحصل عون على جواب مباشر من الحريري الذي أحال «الجنرال» على حلفائه المسيحيين في 14 آذار، مؤكداً ان لا فيتو لديه على عون وانه مستعد للسير به إذا وافق هؤلاء.
خارجيات
ترقُّب لكلمة الحريري اليوم... والقضايا الاجتماعية - المالية رهينة الكباش السياسي
«عضّ الأصابع» في لبنان إلى تصاعُد ... والأزمات تتوالد
12:57 م