هذا تلخيص وتهذيب, لكتاب الطلاق, من كتاب العلامة الصنعاني: «سبل السلام شرح بلوغ المرام», بعد أن نشرنا في العام السابق كتاب النكاح منه, و«البلوغ» هو للامام الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب الكتاب الفذ: «فتح الباري شرح صحيح البخاري», اجتهدت في تسهيل عرض مسائله, وما زدته من اشياء يسيرةٍ جعلته بين معقوفين, فأسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا به, وأن يجعله في موازيننا يوم نلقاه.النص القرآني والنبوي صريح في إطعام ستين مسكينًا, كأنه جعل عن كل يوم من الشهرين إطعام مسكين.واختلف العلماء: هل لا بد من إطعام ستين مسكينا، أو يكفي إطعام مسكين واحد ستين يوما؟1 - فذهب مالك وأحمد والشافعي إلى الأول لظاهر الآية.2 - وذهبت الحنفية إلى الثاني، وأنه يكفي إطعام واحد ستين يوما, أو أكثر من واحد بقدر إطعام ستين مسكينا, قالوا: لأنه في اليوم الثاني مستحق كقبل الدفع إليه.وأجيب بأن ظاهر الآية تغاير المساكين بالذات, ويروى عن أحمد ثلاثة أقوال كالقولين هذين, والقول الثالث له: إن وجد غير المسكين لم يجز الصـرف إليه وإلا أجزأ إعادة الصرف إليه.مقدار الإطعام لكل مسكين:اختلف في قدر الإطعام لكل مسكين:1 - فذهب الحنفية إلى أن الواجب ستون صاعا من تمر، أو ذرة، أو شعير، أو نصف صاع من بُرٍّ.2 - وذهب الشافعي إلى أن الواجب لكل مسكين مُدٌّ, والمد ربع الصاع, واستدل بقوله في حديث الباب: «أطعم عَرَقًا من تمر ستين مسكينا», والعَرَقُ: بفتح العين والقاف, مِكْتل يأخذ خمسة عشر صاعًا من تمر, ولأنه أكثر الروايات في حديث سلمة هذا.عدم سقوطِ الكفارة بالعجز:في الحديث دليل على أن الكفارة لا تسقط جميع أنواعها بالعجز، وفيه خلاف:1 - فذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى عدم سقوطها بالعجز لما في حديث أبي داود عن «خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت إلى أن قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتق رقبة قالت لا يجد قال يصوم شهرين متتابعين قالت إنه شيخ كبير ما به من صيام قال يطعم ستين مسكينا قالت ما عنده شيء يتصدق به قال فإني أعينه بعَرَقٍ» الحديث, فلو كان يسقط عنه بالعجز لأبانه - صلى الله عليه وسلم - ولم يعنه من عنده.2 - وذهب أحمد في رواية وطائفة إلى سقوطها بالعجز كما تسقط الواجبات بالعجز عنها وعن إبدالها. وقيل: إنها تسقط كفارة الوطء في رمضان بالعجز عنها لا غيرها من الكفارات قالوا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المجامع في نهار رمضان أن يأكل الكفارة هو وعياله والرجل لا يكون مَصْرَفًا لكفارته، وقال الأولون إنما حلت له؛ لأنه إذا عجز وكفر عنه الغير جاز أن يصـرفها إليه، وهو مذهب أحمد في كفارة الوطء في رمضان وله في غيرها من الكفارات قولان.(فائدة): قد يتوهم أن سبب نزول آية الظهار حديث سلمة هذا لاتفاق الحكمين في الآية والحديث وليس كذلك بل سبب نزولها قصة أوس بن الصامت ذكره ابن كثير في الإرشاد من حديث «خويلة بنت ثعلبة قالت (فِيَّ والله وفي أوسٍ أنزل الله سورة المجادلة قالت كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه، وقد ضحوا قالت فدخل علي يوما فراجعته بشيء فغضب، فقال أنت علي كظهر أمي قالت ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل علي، فإذا هو يراودني عن نفسي قالت قلت كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلي، وقد قلت ما قلت فحكم الله ورسوله فيهما» - الحديث) رواه الإمام أحمد وأبو داود وإسناده مشهور.* الاستاذ المساعد بقسم الدراسات الاسلاميةكلية التربية الأساسية
متفرقات - إسلاميات
الدليل الفقهي / اشتراط ستين مسكيناً في كفارة الظِّهار
| الدكتور عبدالرؤوف الكمالي |
01:36 م