رغم استبعاد الاحتمالات التي من شأنها ان تستدرج توسيع الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة الى جنوب لبنان لعوامل مختلفة، فإن تكرار إطلاق الصواريخ من مناطق جنوبية في اتجاه شمال اسرائيل للمرة الثانية ليل السبت - الأحد أثار عامل قلق إضافياً من اندفاع جهات إسلامية أصولية الى استغلال المواجهة في غزة لإحداث مزيد من الاختراقات الأمنية على الساحة اللبنانية.ولعل ما زاد خطورة هذه الاختراقات ان تكرار اطلاق الصواريخ أثبت ان الجهات التي تقف خلفها تتحرك في مناطق عدة. اذ بعد اطلاق الدفعة الاولى من الصواريخ من خراج بلدة الماري في قضاء حاصبيا صباح الجمعة، أُطلقت الدفعة الثانية من سهل القليلة في صور جنوب مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين. وهو الامر الذي يعني ان السلطات الامنية اللبنانية ستكون أمام عمليات كرّ وفرّ في مطاردة الجهات التي تعمل على توريط الساحة الجنوبية في المواجهة.ومع ذلك لا تبدي مصادر وزارية لبنانية عبر «الراي» قلقاً من تصاعُد الوضع في الجنوب جراء هذه الظاهرة ولو انها تخشى في المقابل تنامي الإختراقات الأمنية والتداعيات التي قد تنشأ عنها. اذ تقول ان اطلاق الصواريخ سيبقى مجرّد ممارسات معزولة لن تدفع بإسرائيل الى ارتكاب خطأ الانجرار الى توسيع المواجهة الى حيث لم تقرر أساساً، كما ان «حزب الله» لن يُستدرج بدوره الى إشعال مواجهة لم يقررها. فالظروف التي أدت الى اشتعال حرب 2006 والتي صادفت ذكراها الثامنة في 12 يوليو الجاري ليست هي نفسها اليوم وسط تورّط الحزب خصوصاَ في سورية. كما ان الواقع في الجنوب تبدّل أقلّه لجهة وجود لاعبين آخرين أساسيين، منهم القوى الامنية اللبنانية بدليل توقيف مطلقي الدفعة الاولى من الصواريخ وأحدهم عنصر «غير منضبط» من «الجماعة الاسلامية» ومطاردة مطلقي الدفعة الثانية والتحسب لأي احتمالات اخرى.ولكن المصادر تشير الى ان ما يثير القلق هو توسيع الجهات الأصولية إطار استهدافاتها اللبنانية في الفترة الأخيرة بما يشكل إنذاراً متقدماً لارتفاع وتيرة القلق الأمني في مناطق لبنانية مختلفة. فإطلاق الصواريخ لم يعد معزولاً عن الاستهدافات الارهابية في الداخل التي فرضت حال استنفار أمني واسع زادت وتيرته في الأيام الاخيرة في ظل تطورات جديدة منها بدء المحاكمات غداً في ملف أحداث بلدة عبرا (صيدا) التي أنهت قبل نحو عام ظاهرة الشيخ احمد الأسير الذي اعلن ما يشبه «الحرب» على «تيار المستقبل» ورئيسه سعد الحريري في اطلالة عبر «تويتر» عشية هذه المحاكمات مغرداً: «سيكشف أهل السّنة في لبنان عموماً وفي الشمال خاصةً خطرَ تيّار المستقبل على دينهم».وكذلك، فان ما كُشف عن تهديدات لمسؤولين سياسيين وأمنيين على خلفية وضع سجن رومية المركزي يتخذ بعداً أشد جدية وخطورة. اذ تقول المصادر الوزارية ان سائر المسؤولين الرسميين وُضعوا في معطيات تنذر بخط بياني لاستهدافات إرهابية محتملة متنقلة، وسط معلومات عن احتدام المواجهات في منطقة القلمون السورية، الأمر الذي يفسر الحماوة التصاعدية على تخوم جرود عرسال في البقاع الشمالي. وقد سُجلفي اطار العمل على سحب فتائل التوترات الأمنية بدايةُ معالجةٍ للوضع المتوتر في طرابلس منذ ايام اذ نجحت جهود وزير العدل اللواء اشرف ريفي في إقناع أهالي بعض الموقوفين من «قادة المحاور» السابقين في فتح طرق كانوا اقفلوها طوال ايام مطالبين بإطلاق هؤلاء ومهددين بتصعيد احتجاجاتهم في الأيام القليلة المقبلة.وتقول المصادر نفسها لـ «الراي» ان الوضع الأمني الضاغط سيعود الى تصدُّر الاولويات الحكومية بما يملي تبريد التوترات التي عادت تعصف بواقع الحكومة في ظل الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء التي دفعت برئيس الحكومة تمام سلام الى عدم توجيه دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع الحالي مشترطاً توافق أطراف الحكومة سلفاً على ملف الجامعة اللبنانية الذي تسبب بفشل الحكومة في إنهائه. وتوقّعت تالياً ان تتكثف الاتصالات في الساعات المقبلة لاحتواء الخلافات نظراً الى خطورة الواقع الذي ستبدو معه الحكومة مشلولة امام تصاعد الأخطار الأمنية سواء في الجنوب ام في الداخل.وكان مجهولون أطلقوا قرابة الساعة العاشرة من مساء السبت ثلاثة صواريخ باتجاه الاراضي الاسرائيلية، من سهل القليلة جنوب صور. وفيما أعلن الجيش الاسرائيلي أنه تم اطلاق صاروخين من لبنان، كرّر اسلوب الردّ «الموْضعي» مستهدفاً بلدة زبقين الجنوبية بقذائف مدفعية.كما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية عن «سقوط 4 قذائف من عيار 155 ملم، في منطقة الضبعة بين بلدتي طير حرفا وشمع في قضاء صور، مصدرها المواقع الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة».وفي سياق متصل، نفى عضو القيادة السياسية لحركة «حماس» في لبنان جهاد طه، ما تناقلته وسائل إعلام عن تبني « كتائب القسام » إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الأراضي الفلسطينية، مؤكدا أن « العمل العسكري لكتائب القسام محصور داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة».
خارجيات
تعاظُم المخاوف من عمليات إرهابية «فتائلها» متشابكة
عمليات «كرّ وفرّ» في لبنان بين الأمن ومطلقي الصواريخ على إسرائيل
11:04 ص