يلخّص مدير مصرف أجنبي في الكويت نظرته إلى الوضع الاقتصادي وحركة المشاريع بالقول «لم نشهد مثله منذ الأزمة». هذا التفاؤل تفسره أرقام الميزانية العامة التي تعد بإنفاق 1.7 مليار دينار على الأوجه الاستثمارية خلال العام المالي الحالي.وخلافاً لأجواء القلق التي فرضها الوضع السياسي الداخلي خلال الأسابيع الماضية، تلحظ المصارف حركة غير عادية في النشاط الاقتصادي وتمويلات المشاريع، وفاعلية حكومية أكبر من أي وقت مضى في تسريع وتيرة الطرح ومتابعة التنفيذ، ربما يعززه إقرار مجلس الأمة للموازنة العامة قبيل انتهاء دور انعقاده، ما من شأنه تعزيز التفاؤل بانطلاق الإنفاق الحكومي بوتيرة أكبر بعد الصيف.وتبلغ الاعتمادات للمشاريع الجاري تنفيذها حالياً 1.3 مليار دينار خلال العام الحالي، وتضاف إليها اعتمادات بقيمة 13.5 مليون دينار للمشروعات الجديدة، ونحو 380 مليون دينار للأعمال الإنشائية الصغيرة وصيانة المنشآت والمرافق، ونحو 50 مليون دينار للاستملاكات العامة. وهذه الأرقام من شأنها أن تحرّك عجلة التمويل المصرفي، وتطلق نشاط قطاع المقاولات وقطاعات التوريد كافة.ولا تشمل هذه الأرقام مشاريع القطاع النفطي، التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة البترول وشركاتها العامة، والتي لا تدخل في الموازنة العامة، وهي بالمليارات. وتشير التوقعات إلى أن الإنفاق عليها هذا العام لا يقل عن الأرقام المرصودة للإنفاق الاستثماري في الموازنة العامة.ويبدو أن وزارة المالية عمدت هذا العام إلى تقديم أرقام واقعية لتقديرات الإنفاق الاستثماري ضمن الباب الرابع من الموازنة العامة للسنةالمالية 2015/2014، فلم تسلّم بما قدمته إليها الوزارات والإدارات الحكومية من أرقام للاعتمادات المطلوبة وصل مجموعها إلى 2.46 مليار دينار، بل أعادت دراسة تلك الأرقام المقترحة، وأدرجت منها 1.7 مليار دينار فقط للمشاريع القائمة والجديدة (لا تشمل الاستملاكات العامة)، بفارق نقص قدره 753 مليون دينار عن مقترح الجهات الحكومية، وبنسبة تخفيض قدرها 31 في المئة.وقامت وزارة المالية بإعداد ميزانية الباب الرابع بعد إجراء الدراسات الفنية والمالية على مقترحات الجهات الحكومية بحيث تعتمد أسس التقديرات على التوزيع السنوي للإنفاق الاستثماري وفق احتياجات الجهات الحكومية وفي ضوء معدلات الصرف السنوية، وعلى ضوء ما جاء بالخطة السنوية الرابعة.ومن شأن هذا التخفيض أن يحسّن نسبة الإنجاز، أو الصرف إلى الاعتمادات، خلافاً للسجل التاريخي المنخفض للمالية العامة على هذا الصعيد، إذ غالباً ما كانت نسبة الصرف الفعلي على الإنفاق الاستثماري تتراوح ما بين 50 و70 في المئة، ما كان يعطي انطباعاً سلبياً عن كفاءة الجهاز التنفيذي للدولة، ويضعف مصداقية التقديرات الواردة في الموازنة العامة.وبإضافة الاستملاكات العامة للمبلغ المقترح قدر مشروع ميزانية الباب الرابع بمبلغ 1758 مليون دينار بفارق نقص وقدره 704 ملايين دينار عن مقترح الجهات وبنسبة تخفيض 29 في المئة، وفق ما أظهر تقرير حصلت عليه «الراي»، من المتوقع أن تقدمه وزارة المالية للجنة المالية البرلمانية اليوم.ويشير التقرير إلى أن وزارة المالية، ورغبة منها «في إجراء التوازن بين الإنفاق الجاري والإنفاق الاستثماري ولتفعيل عجلة الاقتصاد الوطني والذي يمثل الإنفاق العام المحرك الرئيسي للدورة الاقتصادية فيه، فقد قامت بإدراج بعض المشروعات الجديدة لأهمية هذه المشروعات في تلبية احتياجات المواطنين من خدمات أو زيادة وتحسين في الخدمات القائمة حاليا وذلك بسبب التوسع العمراني وإنشــاء المناطــق السكنية الجديدة، بالإضافة إلى بعض المشاريع الحيوية والضرورية للبنية الأساسية».وبلغت الاعتمادات الصرفية للمشاريع الجديدة خلال السنة المالية 2015/2014 مبلغ 13.52 مليار دينار، علما بأن التكاليف الكلية المعتمدة لبعض هذه المشروعات تمثل تكاليف مرحلة الاستشارات للتصميم فقط انتظارا لتحديد تكاليف التنفيذ بمعرفة المكاتب الاستشارية أو على ضوء قرارات الترسية للمشروعات المطروحة للتنفيذ والتي تصدر من قبل لجنة المناقصات المركزية، وعند تحديد هذه التكاليف سترتفع إجمالي التكاليف الكلية لتلك المشروعات، والتي توزع على سنوات تنفيذ المشروع، إلى 673.6 مليون دينار.وحرصت وزارة المالية في الموازنة التي أقرت الأسبوع الماضي على «تفعيل مبدأ توحيد وظائف الميزانية في وزارة المالية،حيث تقوم وزارة المالية بإعداد كافة أبواب الميزانية بما يساعد على تكامل الدراسة وربط أبواب المصروفات ببعضها ما ينعكس إيجابيا على دقة التقديرات»، مع «ترشيد الإنفاق العام وضبط المصروفات إلى أدنى حد ممكن دونما إخلال بقدرة الجهات الحكومية على تنفيذ برامجها وتحقيق أهدافها وأداء أعمالها بالكفاءة المطلوبة».ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي حول المتغيرات الاقتصادية الكلية الأساسية لدولة الكويت خلال الفترة من 2013 حتى 2019، يتوقع أن يتزايد الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (أسعار 2007) من 20.6 مليار دينار في 2013 الى 25.1 مليار دينار في 2019، بمعدل نمو يتراجع من 6.2 في المئة في 2012 الى 3.9 في المئة في 2019، أما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فمن المتوقع أن يتزايد من 51.5 مليار دينار في 2013 الى 59.3 مليار دينار في 2019، وبسبب النمو السكاني الكبير يتوقع أن يتراجع متوسط نصيب الفرد من الناتج بالأسعار الجارية من 13240.4 دينار في عام 2013 إلى 12935.1 دينار في عام 2019.ويتوقع أن يتزايد الاستثمار المحلي في دولة الكويت كنسبة من الناتج المحلي من 16.4 في المئة في عام 2013 إلى 25.6 في المئة في عام 2019، في الوقت الذي يتراجع فيه الادخار الوطني كنسبة من الناتج من 55.2 في المئة عام 2013 الى 50.7 في المئة في عام 2019، كما يتوقع أن يظل معدل التضخم عند مستويات منخفضة، وإن ارتفع من 2.7 في المئة في عام 2013 الى 4 في المئة في المتوسط خلال السنوات 2015-2019، بينما ستظل معدلات البطالة عند مستوى 2.1 في المئة حتى العام 2019. كذلك من المتوقع استمرار النمو السكاني في الدولة بحيث يرتفع عدد السكان من 3.9 مليون نسمة في 2013 الى 4.6 مليون نسمة في 2019، بما يترتب عليه استمرار الضغوط على البنية التحتية والخدمات وسوق العمل.
اقتصاد
توقعات مصرفية متفائلة «جداً» في ظل ضخامة الإنفاق الحكومي على المشاريع
1.7 مليار دينار تنعش الاقتصاد بعد الصيف
08:53 ص