إعلان منتخبات في البرازيل على مرأى ومسمع عشرات الملايين في مختلف بلدان الأرض، إدانتها للعنصرية ومناهضتها للتمييز العنصري، حدث مهم نظراً لإنشداد أعداد هائلة، في مختلف أنحاء المعمورة، إلى وقائع مونديال كأس العالم.ما من مؤتمر أو منتدى عالمي، ومهما كان موضوعه يمسُّ بحياة الناس، بيئياً أو سياسياً أو اقتصادياً، يمكن له أن يجذب الاهتمام ـ كمّاً وتركيزاً ومتابعة ـ كمل يفعل مونديال كأس العالم في دوراته كل أربع سنوات.وفضلاً عن ذلك، فإن شعار: «قلْ: لا للعنصرية» شعار شامل لمختلف الشعوب والبلدان والسياسات، تصعب معارضته أو إبداء رأي مخالف له، لأن العنصرية آفة لعينة جرّت حروباً وكوارث هائلة بحق البشرية ويمكن لها أن تجرَّ المزيد!هذا مُتّفق عليه نظرياً!على الأرض، ثمة تمييز عنصري على أساس الدين أو المذهب أو الجنس أو العرق...الخ ثمة العديد من مظاهر التمييز التي يُفترض أن عالمنا قد تجاوزها، وأن التطور الحضاري قد أتى على آثارها اللاإنسانية.غير أن التمييز لا يزال قائماً.في منطقتنا العربية على الأقل نشهد فصولاً منه مما يحدث في فلسطين المحتلة، مما لا يحتاج إلى التفصيل في ذكر وقائعه إذ أنها مرئية ومسموعة مما يُذكّر بنظام الفصل العنصري الذي كان ـ إلى الأمس القريب ـ قائماً في جنوب إفريقيا!أليس ما حدث اخيراً للطفل «طارق أبو خضير» أميركي الجنسية من أصل فلسطيني، ولابن عمه الشهيد محمد حسين أبو خضير مثالاً راهناً ومروّعاً على ممارسة التمييز العنصري بشكل فاضح من قِبل قوات الاحتلال والمستوطنين؟!والمفارقة العنصرية الفاضحة أن قوّات الكيان التي اعتقلت الفتى «طارق أبو خضير» وأشبعته ضرباً وتعذيباً بصفته من أبناء الشعب الفلسطيني المناهض للاحتلال من دون أي اعتبار لسنّه الصغيرة، كفّت عن التعذيب فوراً وقامت بإطلاق سراحه على وجه السرعة، معتذرة منه، ومن والده وذلك حين علمت قوى الاحتلال بأنه أميركي الجنسية!وقبل قليل من ذلك، كان المستوطنون قد قاموا بخطف ابن عم طارق واسمه «محمد حسين أبو خضر» وأقدموا على إحراقه حيّاً على مرأى ومسمع من الفتى طارق نفسه!لو لم يكن «طارق» أميركي الجنسية لكان مات تحت التعذيب بكل بساطة على غرار آلاف الفلسطينيين الذين عانوا من السجون والتعذيب والتهجير والقتل وكل ما يمكن أن يشتق من تعبير التمييز العنصري!نجا، فقط لأنه أميركي في جنسيته، أنجته ممارسة التمييز العنصري الفاضح! هذه المرة، ممارسة التمييز العنصري أنقذت حياة إنسان!! في حين دمّرت هذه النزعة الآلاف من البشر وأهانت كراماتهم وسوّتهم مع الحيوانات والدّواب!لفتة جميلة الإعلان عن مناهضة العنصرية قبل كل مباراة في مونديال البرازيل. غير أنها لفتة جميلة فحسب. على الأرض وتحت الشمس، وأمام وسائل الإعلام تتم ممارسة العنصرية والتمييز العنصري بشكل رهيب ومهين للكرامة الإنسانية.ويبدو أن كل المطلوب هو أن نقول: لا للعنصرية، ثم نمارس ما شئنا من تمييز عنصري!
محليات - ثقافة
مقال / قلْ: لا وافعل ما شئت
07:16 م