لا تبدو في أفق المشهد الداخلي اللبناني اي تطورات سياسية وشيكة من شأنها ان تنقل أزمة شغور رئاسة الجمهورية  التي تقترب من شهرها الثاني من ضفة الى اخرى، فيما تتركز الاهتمامات الحكومية على ملفات أمنية واجتماعية وخدماتية تأخذ الاولويات وتكاد تهمّش اي كلام عن الأزمة الرئاسية.وقللت الاوساط النيابية والسياسية في هذا السياق من اهمية اي خطوات جديدة يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يزمع إجراء جولة مشاورات جديدة مع رؤساء الكتل البرلمانية والنواب المستقلين من اجل البحث عن مخارج للأزمة الرئاسية في ظل الجمود الواسع الذي يحكم بقبضته على الوضع السياسي ويشلّ اي إمكان لإحداث ثغرة في الأزمة في الوقت الحاضر.واوضحت مصادر سياسية مطلعة على صلة بالاتصالات الجارية لـ «الراي» ان بري لم يقرر بعد نهائياً ما اذا كان سيجري مشاورات منتظمة ام يعمد الى التشاور البعيد عن العلنية تجنباً للوصول الى نتائج يدرك سلفاً انها لن تؤدي الى اي تغيير في الوضع القائم وخصوصاً بعدما بدأ الكلام عن احتمال التمديد لمجلس النواب يتصاعد في الكواليس السياسية بما يؤشر الى ان اي افق لحل الأزمة الرئاسية ليس وارداً في المدى المنظور.واشارت هذه المصادر الى ان ما تردد عن ترقب انفتاح الأزمة السياسية على مقلب اضافي اعتباراً من منتصف اغسطس المقبل يكتسب صدقية كبيرة نظراً الى اقتراب استحقاق فتح ملف الانتخابات النيابية التي يفترض ان تجرى في شهر نوفمبر بما يعني الشروع في الاجراءات القانونية لدعوة الهيئات الناخبة قبل ثلاثة اشهر من الموعد. وما دام لا امكان اطلاقاً للتوافق على قانون الانتخاب الذي ستجرى الانتخابات النيابية على اساسه، فان مجمل المعطيات تشير الى ان الاتجاه الى التمديد للبرلمان لمدة جديدة هو أمر حتمي ولو عارضته قوى معينة من أبرزها كتلة العماد ميشال عون. ولكن المصادر نفت ما تردد في الايام الاخيرة عن اتجاه الى التمديد لمدة تتجاوز السنة الى سنتين وربما اكثر، وقالت ان ذلك سيكون شديدة الصعوبة ولن يمر في مجلس النواب لان كثيراً من الكتل التي يمكن ان تتوافق على التمديد لسنة اضافية لا يمكنها ان تتوافق على مدة تتجاوز ذلك نظراً الى العنوان القاتم الذي يشكّله التمديد في اي مدة يُعتمد فيها.واضافت المصادر ان الفترة الفاصلة عن النصف الثاني من اغسطس ليست مرشحة لان تشهد اي تطور سياسي جديد اسوة بمرحلة انتظار التطورات الاقليمية المتسارعة ولا سيما منها الجارية في العراق والتي تثير في لبنان الخشية من تداعيات أمنية، وكذلك ترقُّب المفاوضات الغربية - الايرانية حول الملف النووي وما اذا كان موعد العشرين من يوليو الجاري سينتهي بها الى النجاح او تمديد المفاوضات لفترة اخرى. ذلك ان لبنان يجد نفسه معنياً بهذه التطورات سواء من الناحية الأمنية او من جهة الانعكاسات على الواقع الاستراتيجي الاقليمي بما يضعه في مرحلة انتظار قسرية لهذه الانعكاسات على أزماته، وهو الامر الذي يردده غالبية المسؤولين اللبنانيين في كواليسهم بما يُستبعد معه التعويل على اي تحرك خارجي غربي او اقليمي في شأن الأزمة الرئاسية اللبنانية في الظرف الحالي على الاقلّ.وتقول المصادر ان ما يبعث على بعض الاطمئنان في هذه الفترة هو تنامي الدلالات على الإرادة الخارجية للحفاظ ما أمكن على الاستقرار الأمني في لبنان وعزْله بالحدود المعقولة عن انعكاسات التطورات العراقية والسورية من خلال دعم الحكومة والأجهزة والقوى الامنية والعسكرية بالمقدار الكافي من المعطيات التي تبقي الوضع الأمني تحت السيطرة. ولكن ذلك لا يحجب استمرار القلق من احتمالات حصول اختراقات أمنية، كما ان انسداد الأزمة السياسية يُبقي الوضع مشدوداً الى حذر مستمر امام أفق غامض وشديد الأخطار على النحو الذي ترسمه التطورات الاقليمية وانعكاساتها على كل دول الجوار السوري والعراقي.وفي موازاة ذلك، بقي ملف اللاجئين السوريين في لبنان في صدارة الاهتمام وسط سعي بيروت الى ايجاد حل لهذه الأزمة عن طريق اقامة مخيمات يرفض فريق العماد ميشال عون ان تكون داخل الاراضي اللبنانية ويريدها في المنطقة الفاصلة بين الحدود اللبنانية - السورية او داخل الاراضي السورية خوفاً من «توطين محتمل»، وهو الامر الذي تشتمّ قوى 14 آذار منه محاولة لاستدراج تواصل بين الحكومة اللبنانية والقيادة السوري لتأمين مقوماته، علماً ان دمشق التي ترفض اقامة مخيمات على الحدود وتعتبر انها قادرة على استيعاب ابنائها وجّهت امس مجدداً ما وصفته دوائر سياسية بانه «رسالة نارية حدودية» بدا من الصعب عزلها عن ملف النازحين والكباش حول المخيمات والحوار مع نظام الرئيس بشار الاسد، اذ نفّذ طيرانها غارات جديدة على جرود عرسال استهدفت ما قيل انه تجمعات لمسلحين.وقد اعلنت امس مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقريرها الاسبوعي أنه تم تسجيل أكثر من 9500 نازح لدى المفوضية، فبلغ مجموع عدد النازحين السوريين الذين يتلقون المساعدة من المفوضية وشركائها أكثر من 1122600 شخص.

«يد الإجرام في لبنان ما زالت طويلة»

جعجع رداً على عون: إما لا دولة ... وإما أن يصل إلى الرئاسة

وصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع المبادرة التي أطلقها زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب على مرحلتين (مسيحية تأهيلية ووطنية حاسمة) ووضع قانون للانتخابات النيابية تختار بموجبه كل طائفة نوابها بأنها «تغطية السموات بالقبوات وتهرب من استحقاق رئاسة الجمهورية»وقال جعجع في اشارة الى عون من دون تسميته: «أصحاب التعطيل الحاصل في موقع رئاسة الجمهورية لم يتوقفوا عنده بل أقدموا على طرح تعديل دستوري لمحاولة غش الناس مرة من جديد هرباً من استحقاق رئاسة الجمهورية»، معتبراً «ان من يطرح تعديلاً دستورياً وكأنه تناسى أنه لا حكومة تعمل كما يجب ولا مجلس نيابياً كما يلزم ولا رئيس جمهورية، أضف الى ذلك أننا في عقد استثنائي، في حين ان التعديل الدستوري يقتضي عقداً عادياً طبيعياً كما يحتاج الى موافقة كل الكتل النيابية باعتبار أنه يحتاج الى ثلثي المجلس النيابي».واضاف: «من المؤسف والمحزن جداً، أنه بعد شهر ونصف ما زال قصر بعبدا فارغاً وموقع الرئاسة شاغراً، ويا ليته كان هناك من أسباب موجبة وقاهرة لهذا الشغور، لكن جلّ ما فيه أن هناك شخصاً يعتبر أنه إما أن يصل هو نفسه الى سدّة الرئاسة وإما لا رئاسة ولا دولة ولا جمهورية».واشار الى «ان يد الإجرام في لبنان ما زالت طويلة، لذا يجب ان يكون بالنا أطول منها وان نستمر باتخاذ كل التدابير اللازمة كي لا تتمكن من أحد منا»، لافتاً الى أن «المواجهة ما زالت مستمرة وغالبية اللبنانيين الى جانبنا فيها للوصول الى قيام دولة فعلية وحقيقية والى جمهورية قوية».