إن سبيل الهداية هو السبيل الوحيد الذي على البشرية أن تسلكه، فليس هناك سبل أخرى للنجاة والفوز والنجاح. ومن أراد أن يتقدم في رمضان وينعم بنسمات ونفحات الرحمن فعليه أن يسلك ذلك السبيل، بعد أن يوفر له الإطار الذي تتفاعل فيه الخبرات والانجازات في سنوات مضت ومر عليه شهر رمضان كغيره من الشهور.العقل البشري وبما يتمتع به من طاقات هائلة تظل وظيفته عند بحث القضايا الكبرى أشبه بوظيفة المدير التنفيذي الذي يجهز كل أدوات الرحلة ووسائلها، ولكنه لا يحدد أهدافها، فهاهو شهر رمضان أقبل علينا فكلف عقلك بتجهيز أدوات الرحلة إلى الله في شهر ميّزه الله عن بقية الشهور، وكلف قلبك القائد بأن يحدّد أهدافك ووجهتك في شهر رمضان، لا تدعه يمضي من دون أن تستغل كل ثانية ودقيقة فيه، فهو شهر البركات والعطايا والرحمات.أقبل على رمضان بجدية كما أقبل عليك، وسيوصلك إلى كل أمنياتك، ويحقق لك كل رغباتك، تفرّد شهر رمضان بالعتق من النيران في كل ليلة من لياليه، واختصه الله بليلة القدر، ليلة خير من ألف شهر، وفيه العمل الجماعي الدافع والمحفز والدينامو للعمل الفردي، فيه صلاة القيام وصلاة التهجد وهما من الأعمال الجماعية التي تبعث في النفس شحذ الهمم وإشعال روح الحماس وعدم التهاون بأيّ من الأعمال الفردية منها والجماعية، شهر اختصه الله بالأجر المضاعف، فترى المسلمين يتسابقون ويتنافسون لفعل الخيرات من صدقات مالية وعينية، وإطعام طعام وسقيا، أنه شهر التفنن في تجميع الحسنات.من حكمة الله بعباده دائماً أن جعل لهم الطاعات موصولة بنوع من أنواع النفع، والمعاصي موصولة بشكل من أشكال الضرر، لذا فلابد من وضع مسافة تفصل بين ما نعتقده وما نفعله حتى يتجلى لنا المعنى الحقيقي للإيمان بأن الدنيا مزرعة للآخرة من خلال الالتزام بأحكام الشريعة الغراء وآدابها، فنحن مطالبون بالكفاح الدائم وبشكل يومي من أجل الاستمرار على الطريق الصحيح والتخلص من المعركة الدائرة في جعبة كل مسلم بين الخير والشر والصواب والخطأ، وشهر رمضان الفرصة الذهبية، للنهوض بالمسؤوليات، وإعادة تشكيل حياتنا بمقتضيات المنهج الحق، وفي طياته منعطفات تضيء للمسلم طريق الهداية لبلوغ ليلة القدر وبلوغ الرحمات والغفران والعتق من النيران، شهر رمضان آية من آيات الثقافة والريادة والمسؤولية في آن واحد.twitter: @mona_alwohaibm.alwohaib@gmail.com