يبدو الاستنفار الأمني الواسع الذي يطغى على المشهد اللبناني منذ أكثر من أسبوعين مرشحاً للتصاعد في الأسابيع الثلاثة المقبلة على الأقل ضمن توقعات لدى الأجهزة الامنية بـان تتكرر المحاولات الارهابية بأشكال وأساليب جديدة.وفيما تتواصل التحقيقات الجارية في الأحداث الثلاثة التي نجحت فيها الاجهزة الامنية في ضبط خلايا ارهابية، لم تُكشف المعطيات التي توافرت في الايام الاخيرة عن طبيعة الدوافع التي أملت على الاجهزة المعنية رفع وتيرة التأهب الأمني الى أقصاه كما أعلن وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل عقب اجتماع موسع للقادة العسكريين والأمنيين برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام مساء اول من امس، علماً ان ثمة فترة حرجة جداً سيمرّ بها لبنان من الآن الى 20 يوليو الحالي تحديداً، وهو الموعد المبدئي لبت الاتفاق النووي بين ايران والمجموعة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بما يضيف عامل خطر أساسياً على إمكانات تعرّض لبنان لتداعيات خارجية بالاضافة الى تداعيات ما يجري في العراق وسورية.ومع ان المسؤولين السياسيين والأمنيين اللبنانيين يتجنّبون الربط علناً بين الاستنفار الأمني والاستحقاق النووي ذات الطابع الدولي - الاقليمي، فان ثمة معطيات جدية تربط بين الأمرين بما يعني ان لبنان سيتأثر مباشرة بالاتجاهات التي سيسلكها هذا الملف الاستراتيجي سلباً او إيجاباً.ووسط هذه الأجواء يبدو المشهد الداخلي متجهاً الى مزيد من التكيّفات الصعبة مع التحديات الامنية من جهة والأزمات الداخلية من جهة اخرى، وهو الامر الذي يطبع الحركة العامة في لبنان بطابع شديد التناقض. فمن جهة يظهر مشهد إيجابي الى حدود معقولة يتمثل في عدم تمدُّد حال الذعر التي سادت الوضع عقب ضبط العمليات الارهابية قبل أسبوعين، ومن معالم هذا الجانب انه بالرغم من التأثر سلباً وبوضوح لحركة توافد الرعايا العرب، ان البلاد تشهد انطلاق مواسم المهرجانات الفنية والسياحية في مناطق عدة من دون ان تُعلَن إلغاءات لها كما سادت المخاوف قبل أسبوعين.ولكن هذا الجانب الإيجابي لا يحجب في المقابل التعقيدات المتراكمة والتصاعدية في الأزمة السياسية وكذلك في الكثير من أزمات اجتماعية تتوالى فصولها من دون قدرة الحكومة على وضع حلول عاجلة لها. وفي وقت بات يخشى معه ان تطول أزمة الفراغ الرئاسي الى أمد غير منظور ولا سيما ان رئيس البرلمان نبيه بري أرجأ جلسة الانتخاب الجديدة الى 23 يوليو وهي أطول مدة تفصل بين جلستين، لوحظ ان الحكومة بدأت تتعامل بواقعية شديدة مع ضرورة العودة الى أسلوب التوافقات المسبقة لتمرير القرارات الحكومية الملحة، وهو الأمر الذي ظهر امس في الإعداد المسبق لتمرير قرارات تتعلق بتعيينات لعمداء جدد في الجامعة اللبنانية مثلاً والتي سبقتها تسوية بين وزير التربية الذي ينتمي الى تكتل العماد ميشال عون وكتلة تيار المستقبل.وقالت أوساط وزارية واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان الحكومة، التي عقدت اجتماعاً قبل ظهر امس، تشهد انطلاقة متجددة على خلفية تسليم جميع القوى السياسية بان القناة الحكومية يجب ان تبقى في منأى بالحد الادنى عن التعطيل الشامل الذي يشل المؤسسات وسط الازمة الرئاسية. كما ان ثمة تحسباً لبداية العد العكسي للوصول الى استحقاق الانتخابات النيابية الذي ستجد الحكومة نفسها في مواجهته في العشرين من اغسطس المقبل تاريخ دعوة الهيئات الناخبة قبل ثلاثة أشهر من نهاية الولاية الممددة لمجلس النواب. وهو استحقاق يهدد التماسك الحكومي بقوة وسط الانقسامات المتوقعة حيال هذا الملف بما يملي الإفادة من الفترة الفاصلة عن ذلك الموعد ما امكن لتمرير قرارات ملحة وضرورية قبل تعطيل قرارات الحكومة.وتلفت الاوساط الوزارية الى ان الواقع الحكومي والسياسي بات مقطوراً الآن بالعربة الأمنية بما يعني ان كل الدوران الجاري في الأزمة الرئاسية وتداعياتها لن يتبدل على الأرجح في الفترة الفاصلة عن فتح ملف الانتخابات النيابية بما يعني تداخُل الاستحقاقين في حينه، ومن الآن الى منتصف اغسطس سيكون الهاجس الاساسي الذي يشغل لبنان هو الاستقرار الأمني وانتظار ما ستؤول اليه التطورات الاقليمية والدولية التي ستترك تأثيراتها المباشرة او غير المباشرة عليه.وفي موازاة ذلك، وغداة الاجتماع الوزاري - الأمني الموسع الذي انعقد برئاسة سلام وعرض ما توصلت اليه التحقيقات الجارية في الاعمال الارهابية الاخيرة والوضع الامني العام واعلن بعده وزير الدفاع صحة المعلومات عن وجود سيارات مفخخة وانتحاريين وان الخطط الامنية ستنفذ في كل المناطق «وقريباً جداً في بيروت»، استمرت عمليات الدهم في عدد من المناطق لتوقيف ارهابيين محتملين، حيث اقتحمت قوة من الجيش صباح امس محيط منزل الموقوف محمود زهرمان في فنيدق (عكار) وعثرت على حزام ناسف وقنابل يدوية، وذلك بعد اقل من 24 ساعة على العملية التي نفذتها قوة عسكرية اخرى في شارع عفيف الطيبي وفي مناطق أخرى من الطريق الجديدة (بيروت) واسفرت عن توقيف أحد الاشخاص ومصادرة سيارة، في اطار ملاحقة المشتبه في انتمائهم الى تنظيمات ارهابية.
خارجيات
أوساط في بيروت تربط «المرحلة الحرجة» بإبرام الاتفاق النووي الإيراني
القاطرة الأمنية تقود الواقع اللبناني ومآزقه السياسية
09:26 ص