كنت أنوي كتابة مقال أطلب فيه من الأخ الفاضل محمد العليم وزير الكهرباء والنفط عدم التصريح بأننا لن نواجه مشكلة انقطاع الكهرباء هذه السنة، لكن حل المجلس ثم انتظار التشكيلة الجديدة منعاني من الكتابة.المشكلة هي أن هذا التصريح للوزير والذي كرره مرارا له جوانب عدة سيئة:الأول: انه لا يقوم على ضمان مؤكد بل يعتمد على التفاؤل فقط وها قد رأينا الانقطاعات المتفرقة خلال الايام الماضية، وإن لم تكن بسبب عجز الشبكة الكهربية ولكن لأسباب تتعلق بمشاكل الصيف مثل احتراق أسلاك أو عطب في أماكن وهكذا، كما ان الحمل الاقصى قد بلغ قبل يومين 9545 ميغاوات في ظل ارتفاع الحرارة الكبير بينما أقصى طاقة يمكن توليدها هي 9800 ميغاوات، أي أن الوضع قريب من المؤشر الأحمر واحتمالات انقطاع الكهرباء عالية.ثانياً: اننا شعرنا في الصيف الماضي بأننا دولة متحضرة عندما تعاضد الشعب من أجل انجاح برنامج الترشيد وحرص كل منا على قفل الأنوار وتقليل الاحمال الزائدة في البيت، وعلمنا ابناءنا على ذلك، وتسابقنا على التخلي عن عادات الاسراف التي تعودنا عليها سنوات طويلة، أما مع تصريح الوزير فقد شعر الناس بالاطمئنان ولم يعد أحد يبالي باستهلاكه للكهرباء والماء.ثالثاً: ان العجز في توفير المياه الحلوة أشد منه في الكهرباء، وكثير من أيام الصيف يكون الإنتاج أقل من الاستهلاك وتقوم الوزارة بالسحب من المخزون الاستراتيجي الذي لا يزيد على ألفي مليون غالون، وقد ينفد إذا ما استمر هذا العجز فترة طويلة، لاسيما وان مشاريع الطوارئ التي تم تنفيذها خلال سنتين قد فشل معظمها، فالنسبة للكهرباء لم يتم تركيب أكثر من 800 ميغاوات، وكلها عبارة عن توربينات غازية وليست محطات بخارية، ما يعني عدم تركيب وحدات تقطير مياه جديدة.رابعاً: إن إبقاء المواطن في حذر وترقب من احتمال العجز في الكهرباء والماء يشكل ضغطا على الحكومة بمباركة من الشعب لإيجاد وسائل بديلة أهمها تشريع قوانين لحساب التكلفة بنظام الشرائح (تزداد التكلفة كلما ازداد الاستهلاك) وكذلك للبحث عن بدائل للمحطات مثل الطاقة الشمسية، وتركيب وحدات منزلية لتقليل الهدر في الطاقة غير الفعالة، وتصميم بيوت تستهلك طاقة أقل بكفاءة عالية، وتحصيل الفواتير من الناس وغيرها.فما الذي يدفع الاخوة في الوزارة على اعطاء البشارات للناس حتى قبل زوال الخطر وعلى حساب ثقافة الاستهلاك التي هي أهم للناس من كل شيء؟!
د. وائل الحساويwae_al_hasawi@hotmail.com