أطلق زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون مبادرة للخروج من مأزق الفشل في انتخاب رئيس جديد للبنان تقوم على اجراء تعديل دستوري يتيح انتخاب رئيس للجمهورية (الماروني) مباشرة من الشعب عبر دورتين واحدة تأهيلية على المستوى المسيحي وثانية حاسمة على المستوى الوطني، والى انتخاب الطوائف الاسلامية والمسيحية نوابها الى البرلمان.وشكّلت خطوة عون التي اعتُبرت بمثابة «نعي» للحوار الذي دار بينه وبين الرئيس سعد الحريري حول طلب الاول تبنّيه مرشحاً توافقياً الى الرئاسة، مؤشراً اضافياً الى ان جلسة يوم غد الانتخابية ستشهد تكراراً لسابقاتها لجهة عدم توافر نصاب انعقادها وتالياً تمديد الفراغ الذي بات ملؤه رهناً بحركة ديبلوماسية تشكّل باريس محوراً رئيسياً فيها ولكن من دون آمال بامكان إحداث اختراق في المدى المنظور لا سيما نتيجة التعقيدات التي أنتجتها التطورات العراقية الاخيرة.وقد أطل زعيم «التيار الحر» قبل ظهر امس ليردّ على الحملات الاعلامية التي تحمّل تكتله مسؤولية تعطيل انتخابات الرئاسة وقل: «عشتم 24 عاما في ظل الفراغ، وليس من 24 مايو، وعليه اصبح من الواجب كسر الفراغ، ونحن نحاول اليوم ايقاظكم علكم تدركون ما اورثتمونا من اتفاق الطائف الذي عارضناه في حينه للاسباب التي نعيشها اليوم».واذ سأل «أين المناصفة الحقيقية في مجلس النواب، واين قانون الانتخاب الذي يحقق المناصفة وصحة التمثيل للشعب اللبناني؟» لفت الى أنه «يجب تطبيق اتفاق الطائف بسلة متكاملة»، مقترحاً مبادرة انقاذية في شقين: الاول انتخابات الرئاسة حيث اقترح «اجراء تعديل دستوري محدود لانتخاب الرئيس الماروني من الشعب في دورتين الاولى تأهيلية والثانية حاسمة محصورة بين اول فائزيْن في الدورة التأهيلية»، والثاني الانتخابات النيابية حيث اعتبر ان «العدالة المطلقة لكافة الطوائف تكون عبر انتخاب كل طائفة لنوابها»، معتبراً «ان الادعاء بأن هذا القانون يعزز الطائفية هو ادعاء خاطئ لان الطائفية موجودة، وهذا القانون يدعو لاجراء حوار جدي لالغاء الطائفية السياسية وانشاء مجلس للشيوخ، وهناك فرصة لا تتكرر ويجب الاستفادة من هذه الفرصة».وأعلن: «هذا طرحي ويمكن ان يناقشني به تيار المستقبل، وهذه حقوق ولن نسكت عنها بعد الان»، مشدداً على «ان الموضوع الوحيد الذي يستطيع التشريع به مجلس النواب هو إعادة تكوين السلطة».وجاء كلام زعيم «التيار الحر» ليضع مجدداً علامات استفهام حول عمل مجلس النواب في ظل الرفض المسيحي للتشريع «المفتوح» في غياب رئيس للجمهورية، علماً ان البرلمان يسعى عبر سياسة «الكوْلسة» الى تأمين تفاهم على ملف سلسلة الرتب والرواتب الذي يضغط بقوة على عمل الادارات الرسمية المشلولة حالياً وعلى القطاع التربوي في ظل مقاطعة الاساتذة لتصحيح الامتحانات الرسمية، من دون اغفال التحدي المالي المستجد في ضوء ما كشفه رئيس الحكومة تمام سلام من أن البلاد مقبلة على مجموعة من الاستحقاقات والتحديات ابرزها تغطية الحاجات التمويلية للخزينة في ظل نفاد الاعتمادات الكافية للقطاع العام خصوصاً في مجال الرواتب والاجور، وسط معلومات عن أن الاعتمادات المتوافرة تكفي لشهر يوليو فقط فيما يتمسك وزير المال علي حسن خليل بموقفه الرافض للجوء الى سلفات من دون وجود قانون يغطي الانفاق.ولم تُعرف تداعيات مواقف عون على الواقع الحكومي الذي يشهد اختباراً جديداً يوم الخميس المقبل بعدما دعا سلام الى جلسة لمجلس الوزراء في هذا اليوم، يُنتظر ان يطغى عليها الهمّ الأمني اضافة الى ملف النازحين السوريين حيث كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن رئيس الحكومة «رفض اقتراحاً من وزير الخارجية جبران باسيل، قدّمه الأخير خلال الاجتماع الذي عقد مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين لدى الأمم المتحدة انطونيو غوتيرس يقضي بأن يتم التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية من أجل إقامة مخيمات للنازحين السوريين الى لبنان في منطقة محايدة داخل الأراضي السورية، وان سلام اجاب بأنه إذا كانت الأمم المتحدة قادرة على المساعدة وبحث هذا الموضوع مع الجانب السوري، فهذا عظيم، أما نحن كحكومة لبنانية فملتزمون في بياننا الوزاري بسياسة النأي بالنفس».