فرضت البطاقتان الصفراء والحمراء نفسهما بين العلامات المميزة في كرة القدم، بيد ان عليهما الحذر من دخول طرف ثالث «منافس»: البطاقة الخضراء.المجري زابولتش هوستي، لاعب فريق هانوفر، تعرض للطرد بعد ان خلع قميصه احتفالا بتسجيله هدفاً ضمن الدوري الالماني قبل سنوات، ما أثار حالة من الجدل في البلاد حول إمكانية استحداث عقوبات موقتة في المباريات من خلال اعتماد بطاقة خضراء.وكان هوستي حصل على بطاقة صفراء في وقت سابق من المباراة قبل ان ينال الثانية ويطرد اثر احتفاله بالهدف الذي سجلها.مارتن كيند، رئيس هانوفر، صرح لصحيفة «بيلد» الالمانية: «الأخطاء الخطيرة توضع على قدم المساواة مع خلع القميص وتتم معاقبة كليهما ببطاقة صفراء. لا بد من استحداث بطاقة خضراء للمخالفات الخفيفة».وستجعل البطاقة الخضراء اللاعب يغادر الملعب لبضع دقائق، كما يحدث في رياضات أخرى مثل الهوكي.فيليكس ماغات، مدرب فولفسبورغ السابق وفولهام الانكليزي الانكليزي الحالي، دعم الفكرة وهو لطالما طالب بضرورة ايجاد بطاقة بين الحمراء والصفراء، وقال: «سيساعد ذلك كعقوبة دون حاجة إلى طرد» اللاعب.كما اعتبر توماس شاف، المدرب السابق لفيردر بريمن، ان «الفكرة في حد ذاتها ليست سيئة»، إلا أنه «ينبغي تجربتها أولا».حضور البطاقة الخضراء لن يكون سابقة في حال جرى اعتمادها، فقد ظهرت في مطلع ثمانينات القرن الماضي، وكان الحكام يستخدمونها احيانا للفت نظر الاطباء بالدخول إلى الملعب في حال اصابة احد اللاعبين واستخدمت كذلك بطاقات زرقاء للدعوة إلى الانضباط والالتزام بالروح الرياضية.وشهدت كرة القدم منذ ولادتها ادخال تعديلات جذرية على قوانينها حتى باتت بالصورة التي هي عليها اليوم ولا شك في ان البطاقات الملونة شكلت مفترقا جوهريا ليس فقط على مستوى التحكيم بل وعلى مستوى اللعبة ككل.اقتبست فكرة البطاقات الصفراء والحمراء التي تشهر امام اللاعبين في حال ارتكابهم اخطاء اثناء المباريات من اشارات المرور العالمية، وكان وراء ذلك حكم بريطاني يدعى كن استون عندما توقف امام احداها في العاصمة البريطانية لندن في 24 يوليو في غمرة المونديال الثامن في انكلترا عام 1966.تبادرت الفكرة إلى ذهن استون امام احدى اشارات المرور في «رايت لين» احد احياء شارع «هاي كينزينغتون» فتذكر الفوضى التي عمت مباراة الارجنتين وانكلترا في الدور ربع النهائي لمونديال 1966 امام 90 الف متفرج.ولم ترق المباراة إلى المستوى المنتظر بسبب الاخطاء الكثيرة التي ارتكبها لاعبو الفريقين، والتي حالت دون ترجمة الفرص الهجومية إلى اصابات، وكان الحدث البارز في المباراة الدقيقة 36 التي شهدت مشادة كلامية بين كابتن المنتخب الارجنتيني انطونيو راتان والحكم الألماني رودولف كريتلين بعد ان احتج الاول على الثاني بداعي تحيز الاخير لمنتخب انكلترا.واشار الحكم إلى كابتن الارجنتين بالابتعاد عنه من اجل مواصلة اللعب بيد ان الاخير رفض واحتج بشدة على كريتلين الذي لم يفهم ما كان يردده راتان، عندها امره بالتوجه إلى غرفة الملابس فلم يمتثل الارجنتيني للامر وبقي على ارضية الملعب مواصلا احتجاجاته، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ان لاعبي منتخب الارجنتين التفوا حول الحكم معترضين على قراراته قبل ان ينسحبوا من الملعب، وتدخل مسؤولو الفريق الاميركي الجنوبي لإعادة الامور إلى نصابها وطلبوا من اللاعبين العودة ومواصلة اللعب، وتدخل رئيس لجنة التحكيم واقنع راتان الذي كان يطالب بمترجم للتحدث إلى الحكم بمغادرة الملعب، وبالتالي تم تفادي اول حادثة انسحاب في «العرس العالمي».وانتهت المباراة بفوز انكلترا بهدف نظيف، لكن اللاعبين والمسؤولين الارجنتينيين لم يتقبلوا الخسارة وقاموا بإحداث شغب بعد الصافرة النهائية للحكم الألماني. واوضحت الصحف ان الاخير انذر بوبي وجاكي تشارلتون وهو ما نفاه الاخيران.وفتح الاتحاد الدولي للعبة تحقيقا عاجلا في الموضوع استغرق ساعات عدة وفرض عقوبات قاسية على الاتحاد الارجنتيني بينها غرامات مالية وايقافات بحق راتان ولاعبين آخرين.وعندما كان سائق سيارة اجرة يتذكر تلك الحادثة، لفتت انتباهه الاشارات الضوئية، فالأخضر يفسح المجال للمرور، يليه الأصفر الذي يحذر بالتمهل والاستعداد للوقوف عندما يضيء الاحمر، فصرخ قائلا: «يمكننا استعمال بطاقات ملونة لتحديد الانذارات والطرد». ومن هنا قرر الحكم الدولي السابق كن استون الذي كان داخل سيارة الاجرة نفسها تطبيق نظام البطاقات في بطولة كأس العالم الثامنة في المكسيك عام 1970.الحكم الالماني كورت تشنيشر كان اول من اشهر البطاقة الصفراء اثناء قيادته المباراة الافتتاحية لمونديال المكسيك عندما رفعها في وجه الروسي اساتياني قبل ان يبرز اربع بطاقات صفراء اخرى في اللقاء عينه.ولم تشهد كأس العالم 1970 التي تميزت بالروح الرياضية اشهار اي بطاقة حمراء.وتعمم نظام البطاقات في العالم بأسره وبدأ منذ ذلك الحين يطبق في المباريات كافة.وعندما نعي بأن الاتحاد الدولي لكرة القدم والـ«انترناشونال بورد» المولجة قوانين اللعبة اعتمدا التكنولوجيا على خط المرمى، يصبح من الأفضل غض الطرف عن مسألة البطاقة الخضراء في الوقت الراهن كي لا تزيد الطلبات المتكدسة أصلاً على طاولة «فيفا»، وإلا فإنه لا بد من سبب «أقوى» لاعتماد تلك البطاقة الثالثة من واقعة طرد هوستي في الدوري الالماني.