مع أول إطلالة له في برنامج أمة 2008 على قناة «الراي»، ظهر الوشيحي بنموذج مختلف عن باقي البرامج الحوارية، ولا نريد أن نكيل المدح لزميلنا الأخ الفاضل، فيكفي انه جاء ليعطي المشاهدين صورة حية عن واقع الحيادية في الحوار والموضوعية في النقاش من دون تكلف ومن دون انحياز لطرف، وكان أشبه بتحقيق صحافي نراه ونتابع حيثياته، بعيداً عن التحقيق الصحافي المقروء على صدر صفحات الصحف!المشاهدة أكثر أثراً، ففيها تبرز اللغة الحوارية بشكل حي يتابعه المشاهد ويلاحظ فيه انطباعات عدة تندرج تحت لغة مختلفة فيها تحركات اليد والشفاه ولغة الجسد ويطلق عليها «Body Language»، وهي ذات أثر نفسي أبلغ من مضمون المقال الصحافي أو مقال الرأي المعمول به في الصحف اليومية.والآن خرج لنا محمد الوشيحي في برنامج مانشيت الذي استضاف فيه الدكتور فيصل السعيدي الذي تقدم بالاستقالة لعدم تقدير وزارة الصحة للكفاءات وعدم جديتها في تحسين الوضع الصحي.الجدير بالذكر أن الأطباء في وزارة الصحة ينقسمون إلى فئات، فئة مميزة وهم من حملة البوردين الأميركي والكندي، وفئة أخرى من حملة شهادات الخبرة «البورد» سواء الكويتي، العربي أو الزمالة البريطانية، وزد على ذلك زملاء بالملاحظة والمشاهدة فقط و... والدكتور السعيدي الجراح الوحيد لقلوب الأطفال والعيوب الخلقية سبقه الكثيرون من الكفاءات في تقديم الاستقالة.في أميركا وكندا، على سبيل المثال، لا يحصل الطبيب على شهادة البورد إلا بعد مضي أعوام عدة تصل إلى سبعة أعوام يقضيها الطبيب في أروقة المستشفى الذي قُبل فيه ليمارس المهنة على أصولها ووفق معايير محترمة تبدأ بعام بحث، وتنتهي بتقديم اختبار «البورد»، مروراً بالممارسة العملية حسب تخصص البرنامج.وعند اجتياز الطبيب اختبار «البورد» يتم اعتماد الدكتور كممارس بدرجة استشاري بالولاية التي فيها المستشفى الذي حصل الدكتور على خبرته العملية فيه.وبعد أعوام التعب والغربة يعود الطبيب بالشهادة إلى بلده الكويت متوقعاً التقدير من وزارة الصحة، ليفاجأ بتعيينه مسجلاً أول لا استشارياً، كما هو معمول به في أميركا وكندا، وهذا بحد ذاته يعد بمثابة عدم تقدير للكفاءات، بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، ناهيك عن البيروقراطية التي يواجهها الطبيب.كان حري بالوزارة معاملة حملة البوردين الأميركي والكندي وما يعادلهما بما هو معمول به في الدول المتقدمة في المجال الصحي فقط، والتميّز واجب وضرورة ملحة إن كنا نريد تطوير منشآتنا الصحية. فلماذا لا تتم الاستفادة من خبرات القادمين بدرجة البورد والطلب منهم وضع مقارنة بين ما هو مطبق في مستشفيات أميركا وكندا وما هو معمول به في مستشفيات الكويت؟إنني أعرف دكتوراً كويتياً ذا كفاءة، وهو الجراح الوحيد على مستوى الشرق الأوسط، ممن يحمل شهادة مميزة لم تجد من يقدرها، بل وحورب... «مش عيب»! بينما غيره يضع أرواح البشر تحت التجربة، ولو فتش الوزير البراك وبحث الأمر لوجد العجب العجاب، لكن ننصح، ونحن هنا مخلصون، والله العالم بزحزحة عبدة المناصب ممن «عششوا في مناصبهم»، وهم في واد والإصلاح في واد آخر!أتمنى للزميل الوشيحي التوفيق في برامجه المميزة، وأرجو أن يستضيف الكفاءات وينقل معاناتها إلى المسؤولين، كي تكتمل دائرة التحقيق الصحافي، وليعلم الجميع سبب الاختلاف بين ممارساتنا في الحقل الصحي الطبي الكويتي، وما هو متبع في الدول المتقدمة، وبعدئذ تنقل النتائج إلى اللجنة الصحية في مجلس الأمة، لتقديم النتائج متوجة باقتراح نيابي.إلى أن يتم وضع حد للممارسات الخاطئة في وزارة الصحة سيبقى الوضع الصحي متردياً، والخاسر الوطن والمواطن والمقيم... والله المستعان !
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتيterki_alazmi@hotmail.com