أرخت «جمعة الذعر» التي عاشها لبنان بثقلها على واقعه السياسي - الأمني في ضوء «ثابتتين» كرّستهما وقائع اليوم «المشدود الأعصاب»: الأولى ان «بلاد الأرز» قلقة من مؤشرات الى إمكان «عرْقنة» الوضع فيها ربطاً بـ «الحريق» في «بلاد ما بين النهرين»، والثاني ان «الاندفاعة الأمنية» تحت عنوان «تعطيل مخطط إرهابي» انطوت على ملابسات والتباسات وتضخيم أثار أكثر من علامة استفهام.وغداة انقشاع حال الهلع التي عمّت لبنان، تكشّف الخيط الأبيض من الأسود حيال حقيقة ما حصل اول من امس قبل وبعد التفجير الانتحاري الذي وقع في ضهر البيدر (البقاع - شرق لبنان) كما حيال استهدافات هذا التفجير، كما ثبت ان البلاد دخلت في أقسى اختبار لها منذ أعوام باعتبار انها وجدت نفسها على «الفالق» العراقي - السوري في ظل الانكشاف السياسي غير المسبوق منذ العام 2008 الذي تعيشه على خلفية الفراغ الرئاسي الذي بدأ في 25 مايو الماضي والشلل الذي يصيب الحكومة والبرلمان في اطار عملية «ربط نزاع» بين الملف الرئاسي والإفراج عن العمل التنفيذي والتشريعي.واذا كانت بعض الأوساط اعتبرت ان حصيلة «جمعة الرعب» ظهّرت ايجابيات بينها التماسك الذي أظهرته مختلف الاجهزة الامنية وسرعة تحرّكها تحت عنوان إحباط مخططٍ كانت تقاطعت تقارير استخبارية غربية اميركية وألمانية على التحذير منه، فان خلاصة ما بدا أشبه بـ «عصفورية أمنية» سرعان ما برزت مساعٍ لاحتوائها من خلال سكب «مياه باردة» على بعض المبالغات والمغالطات، عكست في جانب منها مخاوف من محاولات لـ «استثمار» المناخ الأمني المستجدّ في اطار عملية «عض الأصابع» حيال الاستحقاق الرئاسي والضغط لتمرير هذا المرشح او ذاك وفق «بروفايل» المرحلة الراهنة وما تقتضيه من شخصية تشبه «اللحظة الامنية - السياسية».فالوقائع التي تقاطعت سواء من خلال الاجتماع الامني الذي عُقد في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام او بيان قيادة قوى الأمن الداخلي او تصريحيْ قائد الجيش العماد جان قهوجي ووزير الداخلية نهاد المشنوق أفرزت الخلاصات الآتية:* ان وزير الداخلية لم يبلغ الى رئيس البرلمان نبيه بري صباح الجمعة ان لديه معلومات عن استهداف سيتعرّض له المهرجان الذي كان مقرراً ان تقيمه حركة «امل» قبل ظهر اليوم نفسه في الاونيسكو بل ان هناك مخاطر نتيجة تقارير امنية تتحدث عن احتمال حصول تفجير انتحاري في إحدى المناطق. علماً انه لم يتمّ الجزم اذا كان بري سيتحدّث في مؤتمر حركة «امل» من الاونيسكو او عبر شاشة عملاقة وهو ما يجعل الكلام عن محاول لاغتياله في هذا الاحتفال غير دقيق.* ان «الشبكة الارهابية» التي زُعم انه تمّ توقيفها من فندقيْ نابوليون وكازادور في الحمراء لعلاقتها بما كان يُخطط لاحتفال الاونيسكو او لاستهداف مستشفيات في الضاحية الجنوبية لبيروت بواسطة شاحنة مفخّخة أُفرج عن القسم الأكبر من أفرادها الذين قيل انهم من جنسيات عربية بعد اتضاح ان لا علاقة لهم بأي تنظيمات اصولية علماً ان عدداً منهم كان حضر الى بيروت للمشاركة في المؤتمر «القومي العربي». وفيما كانت الاجهزة أبقت على 17 موقوفاً لاستجلاء هوياتهم من اصل نحو مئة اوقفوا في الحمراء، عاد وأُفرج عن 13 من الـ 17 وأبقيَ على 4 لاستكمال جلاء هويّاتهم.وكشفت تقارير صحافية ان سبب مداهمة فندقيْ «نابوليون» و»كازادور» ان الأجهزة الأمنية تلقت معلومة من الاستخبارات الاميركية تفيد أن «هناك مشتبهاً فيه سعودياً سينزل في فندق نابوليون ويتهيأ لتنفيذ عملية انتحارية» وهي المعلومة نفسها التي كانت حصلت عليها من الاستخبارات الألمانية الامر الذي جعلها تسارع الى دهم الفندق ولكن يبدو ان المشتبه فيه المشار إليه إما كان نزيلاً في الفندق في ليلة سابقة، أو ربما لم يحجز في الفندق المذكور بعد كما نُقل عن مصادر أمنية.* ان ما قيل عن محاولة اغتيال المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم عبر تفجير ضهر البيدر الذي تبناه «لواء أحرار السنة ـ بعلبك» في تغريدة عبر حسابه على تويتر اعتبر فيها «ان الهدف الذي لم نتمكن من الوصول إليه اليوم سنتمكن منه لاحقا» بدّدته قوى الامن الداخلي في بيانها عن ملابسات هذا التفجير اضافة الى تقارير عن ان موكب ابرهيم الذي كان متوجهاً الى البقاع صادف مروره بعد قرابة سبع دقائق على التفجير.فبالرغم من عدم استبعاد ابرهيم أولاً أن يكون هو المستهدف من العملية الانتحارية فان المعلومات التي وزعتها قوى الامن الداخلي اشارت الى ان الاجهزة الامنية كانت رصدت السيارة على الطريق الداخلية في صوفر متجهة الى بحمدون، ولدى محاولة توقيفها فر السائق (لهجته سورية وتم تعميم صورته) وعاد ادراجه باتجاه البقاع، وعلى الفور أعلمت الدورية حاجز ضهر البيدر بمواصفات السيارة المشتبه بها، ولدى وصولها الى الحاجز طلب عناصره من السائق الترجل فأقدم على تفجير السيارة.على ان أكثر ما أثار الالتباس في موضوع اللواء ابرهيم هو نفي جولي ابو عراج الصحافية اللبنانية الأصل التي تعمل في الصحافة الإسرائيلية ما نشرته عن لسانها احدى الصحف في بيروت صبيحة يوم الجمعة (اي قبل انفجار ضهر البيدر) عن وثيقة لدى «الموساد» عن مخطط يجري الإعداد له في مخيم عين الحلوة لاغتيال المدير العام للأمن العام اللبناني.وأنكرت ابو عراج هذا الخبر «جملةً وتفصيلاً» مؤكدة «لا علم لي حول هذه الوثيقة ومضمونها البتة»، راسمة علامات استفهام «حول علاقة نشر النبأ صباح الجمعة وقبل ساعات من محاولة استهداف اللواء عباس».
خارجيات
إطلاق «نزلاء الحمرا» وارتباك في الروايات عن «بنك الأهداف»
«جمعة الذّعر» الأمني في لبنان انقشعت على «مبالغات»
07:25 ص