مع قرع طبول الانتصار النيجيري الثالث على جبهة كأس الأمم الافريقية 2013 لكرة القدم، ثمة من كان يحتفل بهدوء. انه رشيد يكيني.فقد احرز منتخب نيجيريا لقب النسخة التاسعة والعشرين من البطولة التي استضافت جنوب افريقيا نهائياتها، بفوزه على بوركينا فاسو 1-0 في المباراة النهائية في جوهانسبورغ.كانت نيجيريا مرشحة اكثر من منافستها لخلافة زامبيا بطلة النسخة الاخيرة والتي خرجت من الدور الاول، واحراز لقبها الثالث بعد 1980 على ارضها و1994 في تونس، في اول نهائي منذ 2000 عندما خسرت امام الكاميرون بضربات الترجيح بعد تعادلهما 2-2، والسابع في تاريخها.المدرب ستيفن كيشي الذي حمل شارة قائد منتخب نيجيريا خلال فوز «النسور الممتازة» في النهائي التاريخي عام 1994 على حساب زامبيا، عادل انجاز المدرب المصري الراحل محمود الجوهري الذي كان اول لاعب (1959) ومدرب يحرز اللقب القاري بعد 39 سنة على حساب جنوب افريقيا 2 -صفر (1998 في بوركينا فاسو).كان لنيجيريا حصة الاسد في تشكيلة افضل منتخب افريقي وذلك من خلال اختيار خمسة من لاعبيها كما فاز مهاجمها ايمانويل ايمينيكي بلقب هداف البطولة برصيد 4 اهداف.وقال كيشي الذي تراجع عن الاستقالة التي تقدم بها مباشرة بعد التتويج وها هو اليوم يقود الفريق في مونديال 2014 في البرازيل: «هناك الكثير من الامكانيات الكامنة في هذا الفريق لكننا نحتاج الى الصبر والعمل بشكل جاد للغاية. لم نصل بعد الى هدفنا وما زلنا نعمل ونبني لكنني فخور للغاية بما قدمه الفريق في البطولة. حافظ اللاعبون على تركيزهم طيلة عمر الحدث. ولذلك أشعر بالسعادة وأتمنى الاستمرار».وفي خضم الاحتفالات النيجيرية باللقب القاري الغالي، كان يكيني العاشق لقميص منتخب بلاده يحتفل هو الاخر، ولكن بصمت كبير.في 4 مايو 2012، رحل رشيد عن هذه الدنيا بهدوء بعد ان بعث الامل وفرض الابتسامات على الملايين من ابناء جلدته.ما زال العالم بأسره يتذكر احتفال اللاعب الراحل بأول هدف تسجله نيجيريا في تاريخ كأس العالم وجاءت في مرمى بلغاريا خلال مونديال 1994 في الولايات المتحدة.كان المشهد عاطفياً ومؤثراً اذ ترافق مع دموع ذرفها يكيني - صاحب ذاك الهدف التاريخي - وهو يهز الشباك بيديه محتفلاً.المؤسف ان رشيد رحل تحت سقف بيت متهالك وبعيداً عن الاجواء التي كان من المنتظر ان ينعم بها هداف فذّ من طينته تنقل بين اندية عدة في نيجيريا وساحل العاج واليونان واسبانيا والبرتغال وسويسرا، ولم يطو صفحة كرة القدم الا وهو في سن الحادية والاربعين.قيل انه تعرض لخسارة مالية فادحة دفعته الى العزلة فأصيب على اثرها بالاكتئاب ثم كافح اضطرابا عقليا خطيرا اثر تبدد ثروته في مؤسسة استثمارية اعلنت افلاسها.ثمة من اعتبر بأن يكيني انعزل تماماً عن العالم نتيجة الاهانة التي شعر بها من قبل الجماهير المحلية خلال المباراة الدولية الاخيرة التي خاضها في زي «النسور الممتازة»، قبل ان تكتب له النهاية التعيسة في ايبادان.خاض 58 مباراة دولية سجل خلالها 37 هدفا، وقال زميله السابق نوانكو كانو في كلمة تأبينية: «لا تبكوا على رشيدي. ماذا قدمتم لمساعدته عندما كان حيّاً؟ وماذا يحتاج منكم الآن بعد وفاته؟ كان مصدر إلهام لجيلنا وللاعبين الشباب. الحزن لا يكفي».قاد يكيني منتخب بلاده الى التتويج بكأس امم افريقيا 1994 في الكونغو الديموقراطية وساهم بتأهلها الى مسابقة كرة القدم ضمن منافسات اولمبياد 1988 في العاصمة الكورية الجنوبية سيول والاهم من ذلك أوصله الى مونديال 1994.بعد اعتزاله، عاش فترة عصيبة للغاية اذ تجاهلته الدولة وابتعد عنه الاصدقاء المقربون، وحرصت زوجته، على رغم انفصالهما، على زيارته دورياً وأبدت استياءها نتيجة عدم التفات احد الى صحة يكيني على رغم لطفه وسخائه.وكشفت ان عددا من وسائل الاعلام تناول رحيل زوجها السابق بطريقة سيئة، الامر الذي أثر سلبا على ابنته مريم.بعيد التتويج بكأس امم افريقيا 1994، وعدت الحكومة النيجيرية يكيني بقطعة ارض ومنزل نظير مساهمته في الانجاز.بقي الوعد مجرد كلام في الهواء لأن رشيد لم يتسلم شيئاً، حتى انه اسلم الروح في منزل لا يليق بالحيوانات كما اشارت بعض التقارير الاعلامية المحلية.رحل يكيني ودمعة الحسرة في مقلته ولا شك بأن تتويج منتخب بلاده الأخير باللقب الافريقي وتقديم اداء مشجع في مونديال 2014 سيمسحان له تلك الدمعة، فلاعب من طينته مفطور على العطاء وعشق بلاده وكرة القدم حتى وإن توقف نبض القلب فيه.سهيل الحويكsousports@
رياضة - المونديال
OFFSIDE / يكيني ... في البال
06:36 م