رغم «الغيوم السود» المتراكمة في سماء المنطقة انطلاقاً من الحرب السوريّة والحدَث العراقي اللذين باتا «على موْجة» متداخلة تشي بتشظّي «لعنة» الفتنة المذهبية في المنطقة، لا يبدو لبنان متجهاً الى تدارُك الخطر الاقليمي عبر «تصفيح» واقعه السياسي من خلال ملء الفراغ الرئاسي الذي بدأ قبل 23 يوماً.ففي حين شقّ القلق الأمني طريقه الى المشهد اللبناني انطلاقاً من مخاوف من وجود خلايا «داعشية» نائمة سواء في بعض المخيمات الفلسطينية او بقع حدودية في الشمال او البقاع يمكن ان تضع البلاد على «خط النار» العراقي - السوري، بدا واضحاً ان الاتصالات المتسارعة في الملف الرئاسي ليست قاب قوسين من بلوغ خاتمة سعيدة.فعلى مرمى يومين من الجلسة السابعة لانتخاب رئيس للجمهورية «المكتوب» لها ان تنتهي الى ما خلصت اليه سابقاتها اي عدم اكتمال النصاب، تتبلور ملامح اشتداد «عض الأصابع» داخلياً على تخوم «البركان» العراقي في محاولة لاستخدام «حممه» في اطار عملية «اللعب على حافة الهاوية»، وذلك في غمرة الانشغال «العالمي» بالتطورات الدراماتيكية في المنطقة وعدم قدرة الراعييْن الاقليمييْن للوضع اللبناني اي السعودية وايران - بمعزل عن وجود رغبة في ذلك او لا - على اجتراح تسوية لأزمة لبنان السياسية في ظل عدم وضوح الرؤية حول ملابسات «انفلاش» داعش المباغت على رقعة باتت تهدّد منطقة نفوذ ظهران وامتدادها.واذا كانت الاتصالات تتركّز داخلياً على سبل منع أي انعكاسات سلبية للوقائع المخيفة في العراق وعدم ترك الأوضاع في لبنان مفتوحة على التجاذبات التي يمكن أن تعرّض الساحة اللبنانية لاضطرابات جديدة، فان الأفق الرئاسي الذي يبقى مقفلاً والذي لا ينذر بإحداث ثغرة فيه اللقاء المرتقب في باريس هذا الاسبوع بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط لا يشي بان يقابله إحداث «فك ارتباط» بين الأزمة الرئاسية والمسار التعطيلي لعمل مجلس الوزراء ومجلس النواب الذي يتم اعتماده من قوى مسيحية تحت عنوان «ربط نزاع» مع الانتخابات الرئاسية.وفي حين لفتت في هذا السياق الزيارة التي قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق امس الى العماد ميشال عون حيث جرى البحث في العمل الحكومي ومسألة تشكيل ما يسميه المشنوق «خلية أزمة» لمواكبة التطورات الاقليمية المقلقة، فان المواقف التي أطلقها وزير الخارجية جبران باسيل ( صهر عون ) عكست استمرار المرواحة في الحوار بين الرئيس الحريري وعون الذي ما زال ينتظر جواب الاول على اعتماده مرشحاً توافقياً.وبدا ما أطلقه باسيل مؤشراً الى ما سيدلي به عون في اطلالته التلفزيونية اليوم وانعكاساً لـ «نقزة» ما حيال ما يمكن ان يخلص اليه لقاء الحريري - جنبلاط المرتقب ولا سيما ان الاخير كان وضع قبل ايام فيتوات عدة على مرشحين للرئاسة ابرزهم عون والدكتور سمير جعجع الذي اكد المشنوق من الرابية انه لا يزال مرشح 14 آذار.فباسيل اوضح «اننا اليوم نريد أن نصنع شراكة مع تيار «المستقبل» ونريدها أن تثمر لهم ولنا وللوطن، ولكن الشراكة لها أصول ويجب إحترام أصولها»، لافتا الى أن «هذه الشراكة تصنع شراكة أقوياء وتوصل الأقوياء الى السلطة»، ومعتبراً «ان كل تسوية صغيرة وعابرة تكون إستقراراً مؤقتاً ينتهي ».واذ ذكّر في اشارة ضمنية الى «المستقبل» بـ «المفهوم التجاري الذي يستطيع البعض أن يفهمه»، رفع السقف في غمز من قناة القانون الارثوذكسي للانتخابات النيابية (تنتخب بموجبه كل طائفة نوابها) وقال: «نحن نتكلم عن شركة فيها مجلس إدارة الذي يفترض به أن يعكس الحقوق والحصص الحقيقية للمشاركين فيه ونعني بذلك القانون الإنتخابي الذي ينص على المناصفة، ورئيس مجلس الإدارة يجب أن يكون منبثقاً من إرادة الشركاء ومن دورهم ومن حصتهم، وهذا الذي يحفظ الحقوق وفي النهاية يحفظ الوطن. ولا نخجل القول ان هذه الشراكة نريد التأسيس لها والعمل لصالحها، ولكننا نرفض الغش فيها، لذا نحن لا نخجل من القول لا نريد أي رئيس في البلد، والخيار الذي يوضع أمام اللبنانيين اليوم هو بأن أي رئيس أفضل من الفراغ، وهذا ما لا نقبل به».واذ سأل "هل صلاحيات رئيس الجمهورية هي كالتفليسة توزع على 24 وزير؟ وأن يتم التعاطي في مجلس الوزراء مع هذا الأمر وكأنه طبيعي إعتيادي؟»، اكد «إن الوكالة التي يتمتع بها مجلس الوزراء بغياب الرئيس هي وكالة واضحة بإستثنائيتها وبكيفية التعاطي معها، ولا تتجزأ حصصاً لذا فإن الموضوع ليس موضوع صلاحيات رئيس الحكومة بل صلاحيات رئيس الجمهورية».وفي حين بدا كلام باسيل مؤشراً الى سلبية لا يقترب منها حوار الحريري - عون يُنتظر ان تنسحب مزيداً من التعقيدات على صعيد التفاهم على آلية عمل مجلس الوزراء، يرتقب ان ينعكس ذلك بدوره على الجلسة التشريعية يوم الخميس حيث لم تبرز بعد ملامح توافق على ملف سلسلة الرتب والرواتب، في حين بدأ العجز المسيحي عن التفاهم على مخرج للمأزق الرئاسي ينذر بشلّ كل المؤسسات وسط تصتعُد معالم الاستياء من رئاستي البرلمان والحكومة حيال تعطيل دور المؤسستين.وتسود توقعات في هذا السياق بأن يعاود البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مساعيه لجمع العماد عون والدكتور جعجع في بكركي، بعد اختتام الدورة السنوية لمجلس المطارنة الموارنة الخميس المقبل دون اي اوهام بامكان الوصول قريباً الى حل ما لم يتلقف عون مبادرة جعجع بالتفاهم على رئيس من بين مرشحيْن يقترحهما عون ويحملان الحد الادنى من ثوابت 14 آذار.
خارجيات
باسيل رفع السقف وملامح «نقزة» عونية من لقاء الحريري - جنبلاط المرتقب
لبنان يواجه «العاصفة» الإقليمية بمزيد من «التصدّعات»
07:26 ص