في ما يخص احتلال جماعة «داعش» لبعض المناطق الشمالية في العراق، وتهديداتها بالتمدد إلى الكويت حسب خريطتها التي نشرتها الصحف الكويتية، التي تشمل سورية والأردن ولبنان والكويت، هناك نوعان من الانطباعات لدى الناس أحدهما يحمل تهويلاً وتخوفاً والثاني يحمل تهويناً للأمر، وللانطباعين مبرراتهما.ففي ظل مثل هذه الأحداث لا يجب تهوين الأمر لدرجة التجاهل والتراخي في الاستعداد الأمني والعسكري، حتى لا نفاجأ بعمليات إرهابية هنا أو هناك داخل الكويت، وخاصة أننا على يقين أن هناك من يؤيد ويشجع عمليات «داعش» على أسس حلم الخلافة الإسلامية، وعلى أسس طائفية بغيضة، وعلينا ألا ننسى أن بيننا إسلاميين متشددين، يخرجون علينا بأجندات بعيدة عن طموحات الشعب بدولة مدنية ديموقراطية، من خلال تنقيح المادة الثانية والمادة 79 من الدستور، الذي هم في الأساس لا يؤمنون به ويعتقدون أنه كفر غربي، ولا بد من حكم الله والشرع.فمن حق المتخوفين من تداعيات الأحداث في العراق بالقرب منا، أن يتشاءموا من استعداد الحكومة لمواجهة هذه العصابات المدربة تدريباً عسكرياً عالياً، وتملك أسلحة متطورة وأموالا تحصل عليها من الدول الخليجية بما فيها الكويت، وخاصة أن للناس تجربة مريرة في الغزو والاحتلال الغاشم عام 1990، عندما لم تطلق صافرات الإنذار ولم تجر الاستعدادات العسكرية المناسبة لمواجهة الاحتمالات، وساعد على ذلك أزمة سياسية داخلية خانقة.وعلى المهونين للأمر أن يعلموا أن «داعش» ليس جيشاً منظماً يسهل مواجهته، ولكنه عصابات مدربة على التخريب والتفجير والقتل وزعزعة المجتمعات والدول، بعمليات إرهابية وتفجيرات حتى بالريموت كنترول، دون الحاجة لمواجهات عسكرية مسلحة، حتى تحين الفرصة لذلك مما يتطلب استعدادا وتركيزا على الخطر الحقيقي، وليس على المعارضة والمغردين من الشباب، فالتجمعات والندوات والتظاهر السلمي من أجل الإصلاح ليس أخطر من الإرهاب المنظم، الذي لا يمكن مواجهته والقضاء عليه إلا بالاعتماد على الشعب المخلص لوطنه، ضمن لحمة بين مكونات المجتمع وتلبية مطالب الحرية والديموقراطية ومحاربة الفساد والإفساد، واسترداد أموال الشعب المنهوبة وملاحقة سرّاق المال العام.وقد قرأنا لبعض الكتاب الذين يهولون الأمر ويستخدمونه لاتهام المعارضة المحتجة على الفساد والمطالبة بحقوق الشعب، ويلقون باللائمة على هذه المعارضة واحتجاجاتها إن حدث ما لا يحمد عقباه، بدلاً من حث السلطة على تحصين بلدنا ومجتمعنا بالرجوع للحق، والعودة لتفعيل مواد الدستور تمهيداً لتطويره، والتراجع عن نظام الصوت الواحد الذي ثبتت كارثيته على المجتمع، والتخلي عن نهج الانفراد بالسلطة والقرار، ونهج الملاحقات السياسية والقمع البوليسي، ومحاكمة مئات من الشباب والشابات في قضايا ملفقة.إن خطر الإرهاب قائم وستكون الكويت بيئة حاضنة بسبب انشغال السلطة بقمع الناس والتضييق على الحريات، والسماح بالطائفية بالتنامي والتفشي، والتسامح مع ما يسمى بالتبرعات غير المنضبطة، بل الدفاع عن هذه العمليات دون مراقبة تحت ضغط الإسلاميين وتشددهم وتدخلهم في حريات المواطنين الشخصية، بحجة المظاهر السلبية والدفاع عن تقاليدنا وعاداتنا.كما أن التهويل واستخدامه لثني الناس عن المطالبة بحقوقهم، ووضع تهديد الجماعات الإرهابية ذريعة لعدم الإصلاح السياسي، واعتبار أن التجمع السلمي والتظاهر والإضراب، هو شكل من أشكال زعزعة الأمن للتغطية على السارقين والمتنفذين الفاسدين، لم يجد نفعاً بالماضي ولن يجد نفعاً في الأزمة الحالية، بل سنعض على أصابعنا ندماً عندما ينزف المجتمع وتدمر المؤسسات وتمزق مكونات المجتمع، وعندها سيكون الأوان قد فات.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com