أطلقت التطورات في العراق اشارات مبكرة على انها ستدخل على خط الاصطفاف الحاد الداخلي في لبنان، وهو ما عبّر عنه باوضح صورة امس موقفان متناقضان لرئيس «كتلة المستقبل» البرلمانية الرئيس فؤاد السنيورة ونائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.فالسنيورة اعلن ان «القلق والخوف يسيطران على المنطقة جراء النيران المشتعلة نتيجة سياسة الاستبداد وجنون موجات التطرف والتعصب الأعمى، ولذلك فإن لبنان المحاط بهذه النيران عليه ان يتجنب التحرش بهذه الفتن»، مكرراً «ما قلناه بضرورة مبادرة حزب الله الى الانسحاب الفوري من القتال في سورية والعودة الى لبنان وعدم الاستمرار في الانزلاق والانغماس والغرق في تعقيدات المنطقة وصراعاتها». واضاف: «الشعب اللبناني بامكانه حماية لبنان مما يحصل من حوله والمسألة ممكنة وغير مستحيلة ولكن لن تكون الا بتكاتف جهود اللبنانيين والاطراف السياسية وتوحدهم حول مصلحتهم والابتعاد مما يحصل خارج الحدود».ودعا السنيورة الى «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية ما يساعد على حماية لبنان ويسهم في تأمين مخرج أمين من المأزق الخطير الذي يكاد ينزلق اليه لبنان، بسبب صراعات المنطقة»، مشيرا الى أن «14 آذار تقدمت بمرشحها، وعلى الشريك الآخر التقدم الى الأمام بخطة مقابلة باعلان مرشحه او التوافق على مرشح بديل يتوفر فيه صفة رمز وحدة البلاد ويتمتع بقدرات القيادة الحكيمة والمتبصرة والواعدة وتكون لديه الرؤية الوطنية السليمة وامكان الحوار الداخلي».من جهته، لفت الشيخ قاسم الى «ان اميركا ومن معها تتحمّل مسؤولية إحضار وتمويل الإرهاب التكفيري في منطقتنا من بوابة سورية، وهم الذين أعطوا مجالًا لتقوية الإرهاب التكفيري في العراق، وبالتالي المسؤول الأول عن كل مصائب الإرهاب التكفيري في منطقتنا هو أميركا ومن معها من الداعمين الإقليميين والدوليين».وقال قاسم في اول تعليق لـ «حزب الله» على التطورات في العراق: «ما يجري الآن في العراق من اعتداء على مدن وقرى واحتلالها إنما هو محاولة للتعويض عن الهزيمة الكبيرة التي حصلت لهم في سورية، ولا بدَّ من وضع حدٍ لهم لأن لا حدّ لأهدافهم وهم ليسوا خطراً على العراق فقط إنما هم خطر على كل المنطقة وعلى كل بلدانها وعلى كل العالم، فإذا كانت الدول الغربية وأميركا صرخوا عالياً خوفاً من مئات من الداعشيين في المناطق الغربية وأميركا، فماذا يقولون الآن وهذا المرض ينتشر أكثر فأكثر، وسيؤثر على جماعتهم في المنطقة قبل أن يؤثر على غيرهم؟».واضاف: «الآن يمكننا أن نقول: كان يمكن أن يحصل في لبنان ما حصل في الموصل لو تمكنوا في سورية ولم يتم مواجهتهم بالطريقة المناسبة لكسر شوكتهم ووضع حدٍ لهم، والحمد لله أن ألهمنا طريق الصواب قبل أن نستمع إلى الأبواق التي لا تعرف ولا تفهم شيئًا إلاَّ أن تصرخ من دون دراسة الوقائع، والحمد لله في كل لحظة أنه أنجانا بسبب الموقف الحكيم لحزب الله ومن معه في هذا الاتجاه».وفي الملف الرئاسي اللبناني اعتبر ان «لا جماعة 8 آذار تستطيع أن تأتي برئيس ولا جماعة 14 آذار تستطيع أن تأتي برئيس، ولا الجماعة الذين يجلسون في الوسط كما يقولون يستطيعون الإتيان برئيس، وتالياً الحل هو التوافق على رئيس المطلوب أن يكون قادرا على صوغ تفاهمات مع الجهات المختلفة ويستطيع أن يتفاهم ويرسم سيناريو مشتركاً وبالتالي يستطيع أن يكون رئيساً توافقياً بحكم هذا الاتفاق وليس شخصاً من الذين يشكلون تحدياً واستفزازاً ومن غير القادرين على إقناع الآخرين ولا على التفاهم معهم».الى ذلك، أطلق العلّامة اللبناني السيد علي الأمين نداء الى «المرجعية الدينية» في العراق ناشدها فيه «ان لا تدخل في دائرة إصدار الفتاوى التي تجعلها طرفاً في الصراعات الدموية الجارية على أرض العراق الحبيب»، معتبراً ان «إصدار الفتاوى بالتعبئة العسكرية تساهم في تأجيج النزاعات وتلقي عليها الصبغة الطائفية والمذهبية».وقال الامين في ندائه ان «دور المرجعيّة الدينية يحتّم عليها الدّعوة إلى وقف سفك الدماء، والعمل على جمع كلمة المسلمين وإبعاد الفتن عنهم، والدعوة إلى الإصلاح بعيداً عن العنف والسلاح. إنّ إسباغ الصفة الدينية على الصراع سيستدعي صدور فتاوى من جهات دينية أخرى تدعو إلى التّعبئة المخالفة، وهذا ما سيزيد نار الطائفيّة اشتعالاً ويدخل العراق والأمّة كلها في فتنة عمياء لا يسرُّ بها غير الأعداء المتربّصين بها الدَّوائر والطامعين بتفكيك عراها وهدم بنيانها».وعند سؤاله «ما الأسس التي ترون أن على المرجعية الشيعية العراقية اعتمادها لترتيب الوضع العراقي العام؟»، قال إن «المطلوب من المرجعية الشيعية في العراق أن تكون في موضع الأبوة لجميع المسلمين، وهي ليست مرجعية تحصرها خصوصية القطر الذي تتواجد فيه، فهي ليست للشيعة وحدهم وليست للعراقيين وحدهم، إنها التي تتفاعل مع كل قضايا المسلمين في العالم، فتعزز وحدتهم وتعمل على تعزيز الروابط فيما بينهم».
خارجيات
السنيورة: على لبنان تجنّب التحرّش بالفتن في المنطقة
«حزب الله»: ما يجري في العراق محاولة لتعويض هزيمة أميركا في سورية
07:25 ص