يتحدث الناقد والمترجم السوري صبحي حديدي في حواره مع «الراي»، عن الكثير من القضايا المتعلقة بالكتابة النقدية والسياسية، مشيرا إلى الكتاب الذين يتعففون، كما يقول، عن كتابة المقال السياسي، واصفا هذا التعفف بأنه زائف، «إذا لم يكن نوعًا من التواطؤ مع السلطات والأنظمة، أو نوعًا من الترفع الكاذب، فالكتابة السياسة جزء من الوجود في المجتمع والتخاطب مع المجتمع لا أعف عنها».... وهنا نص بقية الحوار:• كيف تنظر لأوضاع الترجمة في العالم العربي الآن، وهل ترى مشاريع الترجمة الحالية الرسمية وغير الرسمية كافية؟- لا ليست كافية، لتطلعنا بصورة عادلة على ثقافات العالم، وهذا أمر لا يمكن أن تتكفل ببلوغه مؤسسات دولية كبرى، حتى اليونسكو، وهي مؤسسة دولية كبرى لا تستطيع أن تبلغ هذا المأرب الكبير النبيل، ولكن يجب أن نعترف فعلا أنه هناك الآن في السنوات الأخيرة بعض المؤسسات، سواء الرسمية كالمركز القومي للترجمة في مصر، أو غير الرسمية وشبه الرسمية.كما في مشروع «كلمة الاماراتي»، هنالك جهود حميدة ومنهجية ومنظمة للترجمة إلى حد كبير تقوم على التخطيط الواعي، الهادف المدروس، وإلى حد كبير تقتفي الطرائق العلمية التي تعتمدها كبرى دور الترجمة في العالم.في الأوضاع الأخيرة أستطيع أن أكون سعيدا بالنتائج ومتفائلا أيضا، لأن هناك نوعا من الاعتراف بتعددية الثقافة، في الماضي كنا نترجم عن الانكليزية والفرنسية لأنها لغات استعمارية، وكونية جبارة، قليلا عن الألمانية، والاسبانية ومن اميركا اللاتينية، لكن الآن يذهبون إلى الثقافات الآسيوية و المغمورة لأن بها آداب كبيرة عظيمة والجميل في الموضوع أن هذا الذهاب للثقافات الهامشية والمغمورة يتم بطريقة مدروسة وعلمية لذا أشعر بتفاؤل.هنالك جانبان فقط يجب الإشارة لهما، الأول أن المترجم العربي لا يحصل على حقوق كافية، إلى حد ما حقه مهدور، ومهنة المترجم في بلادنا ليست كما في الغرب مهنة تكفل العيش الكريم، وليس لدينا ثقافة حقوق نشر وحقوق مؤلف، هنالك قرصنة- باستثناء ما يجري الآن على مستوى عدد من المؤسسات التي تذهب للمؤلف- وما يشبه القرصنة، وإذا كانت الترجمة تفيد اللغة المترجم لها وتضر اللغة الأصلية، فقد يحدث الأمر نفسه لنا، لذا أتمنى أن تسود لدينا ثقافة الحفاظ على حقوق المؤلف.• بالنظر إلى الأعمال العربية المترجمة إلى لغات أجنبية؟ هل ترى مواصفات معينة يجب أن تتوافر في العمل العربي كتناول موضوعات معينة أو استخدام لغة معينة كي يترجم؟- ينبغي ألا يكون هذا موجودا، لا يجب وضع مواصفات مسبقة للعمل المترجم، وما يحدث الآن في العالم العربي يتخذ أشكالا غالبا ما تكون تلقائية، تخص اعتبارات السوق، فالنشر في العالم الغربي هو صناعة، وبالتالي هذه الصناعة إما تكون خاسرة، أو رابحة، عمل تجاري.وضمن هذه المعادلة الطبيعية في المجتمعات الرأسمالية هناك هوامش قليلة تحدث لتمييز الجيد عن المتوسط، ولمحاولة ترويج أو تقديم كتاب على آخر لأسباب تخص تقديم صورة أفضل عن الثقافة المعنية، بمعنى أنه حين يكون هناك ميل شديد لترجمة علاء الأسواني لأنه «بيست سيلر» في الثقافة الأصلية، أو لأنه اشتهر في لغة أخرى، كالانكليزية، أو الفرنسية، أو الألمانية، فيودون ترجمته لأسباب تجارية.وقد يصح عن المسؤول عن تلك السلاسل أن يقدم أيضا رواية مصرية، أو سورية، أو أيا كانت ذات قيمة فنية عالية، قد لا تكون رائجة شعبيا، وبالتالي لن تلقى التمويل أو التشجيع للترجمة، فيترجمها بمنطق أن شيئا يحمل شيئا.ولكن هذا يحدث بصفة نادرة، وأعرف أصدقاء يتولون سلاسل ترجمة حين يحققون أرباحا معقولة من كتاب يقتطعون منها لتمويل كتاب قد لا يكون مربحا ويكلف الدار بعض الخسائر ولولا هذا لكانت معظم مشاريع ترجمة الأدب العربي إلا استثناءات قليلة ستكون خاسرة.• إذاً جودة العمل ليست هي المقياس الرئيس في ترجمته؟- لا، جودة العمل لا تحكم الترجمة دائما، يجب الاعتراف بهذا، و لو تمت استشارتي حول رواية علاء الأسواني لم أكن سأرشحها للترجمة، لكن هذا بالضرورة لا يعني أنها لم تلق رواجاً في اللغة الفرنسية.
محليات - ثقافة
الناقد السوري... لا يعترف بمفهوم التخصص
حوار / صبحي حديدي لـ «الراي»: حق المترجم العربي مهدور
صبحي حديدي
02:58 ص