يكشف أكاديميون وطلبة لـ«الراي»، أساليب «الغش» وأدواته الحديثة، لافتين الى أنه لم يعد لكثير من وسائل الغش التقليدية التي كانت شائعة في الامتحانات في أوقات سابقة وجود الآن، في ظل التطور التكنولوجي المتعاظم الذي يشهده العالم في الوقت الراهن، والذي تطورت معه طرق وأساليب الغش بصورة كبيرة، وبأساليب مبتكرة ومتنوعة، من بينها سماعة صغيرة جدًا يصل حجمها إلى 3.5 ملم تتوافق مع مشغلات «الإم بي ثري»، وأجهزة الآي بود، وتتكون من سماعات لاسلكية صغيرة، وكابل دائري يلتف حول العنق أسفل الملابس، ويتصل بـ«الآي بود»، وهكذا يتمكن الطالب من تشغيل وإيقاف «الآي بود» والبحث عن الإجابات، بينما يسمعها عن طريق السماعات اللاسلكية وبشكل واضح».ويتفق الأكاديميون والطلبة على انتشار ظاهرة الغش في الاختبارات، التي وصفها الأساتذة بانها «ظاهرة تهدد المجتمع وتخلق خيلا غير مؤهل علميا، وأرجعها الطلبة الى إهمال البعض منهم في المذاكرة، أو صعوبة الاختبارات، وتشديد بعض الأساتذة على مقرراته.ولفت الأكاديميون والطلبة الى ان هذه الظاهرة لاتقتصر فقط على الطلاب، بل أيضا تطول الجنس الناعم، حيث لاتتورع بعض الطالبات عن ارتكاب هذا الفعل المشين، وأن يكون أمرا عاديا بينهن.ويرى الأكاديميون، ان الحد من هذه الظاهرة التي باتت منتشرة كالنار في الهشيم، لن يكون بين ليلة وضحاها، «لأن هذا الموضوع لم يظهر فجأة، بل أخذ سنين حتى لاحظنا تغيرا في الأخلاقيات، وتغيير القيم يأخذ جيلا او جيلين حتى يظهر الجيل الذي يصلح الخطأ الذي وقع فيه أسلافهم»، مشددين على أن «ما بني على باطل فهو باطل، وفي الآخر، يحمل الطالب الغشاش شهادة زور، ومن يغش اليوم في الامتحان، غدا سوف يغش في عمله»... والى المزيد من التفاصيل في سياق السطور التالية:قالت أستاذة كلية التربية الاساسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتورة رباح النجادة، ان «انتشار ظاهرة الغش مشكلة بدأت تنتشر بقوة في ظل التكنولوجيا الحديثة في الثانوية والجامعات والكليات، ولن أنكر وجودها، فهي ظاهرة توجد بشكل أكبر بين طلبة السنة التمهيدي والطلبة حديثي التخرج من الثانوية، ومن خلال تجربتي بتدريس الطالبات وخبرتي عن طريق زميلاتي عضوات هيئة التدريس وجدت أنها منتشرة بشكل كبير، ولم تقتصر محاولات الغش على الطلاب فقط، بل شملت الطالبات أيضا، وأصبح أمرا عاديا بينهن».وأضافت النجادة، انه «من طرق محاولات الغش القديمة هي البحث عن الإجابة من خلال نظر الغشاش إلى أوراق زملائه، أما من الطرق الحديثة فهي تبادل الكلام وهم في قاعة الامتحان بكلمات مشفرة متفق عليها، اضافة إلى استخدام الهواتف الذكية، وسماعات الأذن صغيرة الحجم، وهذه الأمور جدا سلبية، لاسيما أن الغش ليس له فائدة علمية ويخلق جيلا فاشلا».وتستطرد النجادة، «من وجهة نظري لا شيء يستدعي من الطالب أن يغش سوى غياب الوازع الديني، فلو تربى الطالب منذ البداية على قول الرسول،ـ صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، وغرس في داخله ذلك منذ حداثة سنه، فسوف يكون ذلك رادعا نفسيا له يمنعه عن محاولة الغش، والشخص الذي يحاول الغش لا يفكر بالمجتمع، وإنما يفكر بنفسه فقط».واقترحت النجادة، بعض الحلول للحد من مثل هذه الحالات، وقالت، «لا أعتقد أننا نملك عصا سحرية لحل هذه الظاهرة بين ليلة وضحاها، لأن هذا الموضوع لم يظهر فجأة، بل أخذ سنين حتى لاحظنا تغيرا في الأخلاقيات، وأنا أؤمن بأن تغيير القيم يأخذ جيلا او جيلين حتى يظهر الجيل الذي يصلح الخطأ الذي وقع فيه أسلافهم».وتوجهت النجادة مخاطبة الطلبة، وقالت «ما بني على باطل فهو باطل وفي الآخر، أنت تحمل شهادة، ولكن هي شهادة زور، ومن يغش لا يفكر بالمجتمع، وإنما يفكر بنفسه فقط، ومن يغش اليوم في الامتحان، غدا سوف يغش في مجال عمله، فالمعلم سيسمح لطلابه بالغش لأن فاقد الشيء لا يعطيه».بدوره، قال أستاذ كلية الدراسات التجارية تخصص حاسب آلي الدكتور أحمد المحميد، «أسباب الغش كثيرة، ومنها ما يتعلق بالطالب، ومنها ما يتعلق بالأستاذ، اما في ما يخص الطالب فنجد ان هناك ضعفاً في مستوى خريجي التعليم العام حتى في القراءة والكتابة، وهناك أيضاً عدم تنظيم الوقت للمراجعة، فيشعر الطالب بكمية المادة العلمية وقت الامتحانات وضغط الوقت فيلجأ لأسلوب الغش، لذا نجد ان هناك اعدادا كبيرة من الطلبة المستجدين الذين ينخرطون في الكليات غير قادرين علميا على تأدية الامتحانات، ويلجأون الى ظاهرة الغش التي بدأت تنتشر بشكل كبير ومخيف».وأضاف المحميد، ان «العوامل كثيرة ومن اهمها وسائل التكنولوجيا الحديثة وضعف الرقابة في الامتحانات وضعف أدوات الردع القانونية وانتشار الواسطات لصالح من يضبط او يحرر ضده محضر غش، فهذه من اكثر العوامل المساعدة في الغش، ومن أبرز ظواهر الغش الهواتف الذكية داخل القاعات الدراسية، وانتشار السماعات الصغيرة بشكل كبير، حيث تتجاوز قيمتها 90 دينارا، وهذا ما أكد عليه بعض الطلبة»، مبينا ان الحلول من هذه الاشكالية الخطيرة وضع جهاز قاطع الارسال، وشخصيا على أتم الاستعداد لتقديم مشروع كامل يقضي على هذه الآفة الخطيرة».وبين المحميد، أن «ما يجعل الطالب يتجه للغش، هو عدم استعداده للامتحان واتكاله على الغش، والطلاب الذين يلجأون للغش في الأساس هم الطلاب ذوو المستوى الدراسي المتدني، ويرغبون بأن يحصلوا على درجات مرتفعة عن طريق الغش، وللأسف فإن الغش يستخدم بين الطلاب الملتحقين في الكليات عن طريق زملائهم»، مؤكدا انه «يتم التعامل معهم مثلما يتعامل مع غيرهم وفق اللوائح والقوانين»، مضيفا ان «انتشار ظاهرة الغش لا تخدم الوطن والشخص نفسه سيتخرج بلا مفهومية علمية كاملة».وتابع المحميد، «من الحلول أيضا توعية الطلاب بالعقوبات التي ستطبق على مرتكبي الغش، وهو ما سيكون رادعا لهم، ولذلك يجب على الطلاب الابتعاد عن هذا الأسلوب ويستعدون للامتحان بشكل كاف كي لا يلجأوا للغش، لأنه إذا تخرج بشهادة حصل عليها عن طريق الغش فإنه سيخرج من الجامعة دون أن يتعلم شيئا، وتكون الشهادة بلا فائدة بل مجرد حبر على ورق».وقال أستاذ كلية التربية الاساسية الدكتور مصطفى جوهر، «مع تقدم وتطور وسائل الاتصال الحديثة، ولا سيما الهواتف الذكية، انتشرت وسائل الغش التكنولوجية بين الطلاب في كثير من بلدان العالم، فنجد انتشار مواقع متخصصة في بيع أجهزة الغش والتجسس، يضع مجموعة من المعدات الحديثة التي تناسب احتياجات الطلاب، كسماعات الأذن اللاسلكية التي تعمل بخاصية البلوتوث، التي تتيح لمستخدمها سماع الصوت وإرسال رسائل سرية عبر البلوتوث دون أن يكشفه أحد، ويمكن لهذه السماعة أن ترتبط بأي جهاز محمول يعمل بخاصية البلوتوث أو أي جهاز آخر خارج نطاق لجنة الامتحانات».واضاف الدكتور جوهر، «انتشرت سماعة صغيرة جدًا يصل حجمها إلى 3.5 ملم تتوافق مع مشغلات الإم بي ثري، وأجهزة الآي بود، وتتكون من سماعات لاسلكية صغيرة، وكابل دائري يلتف حول العنق أسفل الملابس، ويتصل بالآي بود، وهكذا يتمكن الطالب من تشغيل وإيقاف الآي بود والبحث عن الإجابات، بينما يسمعها عن طريق السماعات اللاسلكية وبشكل واضح».وقال أستاذ كلية التربية الأساسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور محمد طالب، ان «الغش في الامتحانات بشكل عام من أخطر الظواهر السلبية والمشكلات التربوية التي تهدد سلامة النظام التعليمي وجديته، مما يدعو إلى إخضاع هذه الظاهرة للدراسة والبحث العلمي للوقوف على أسبابها ودوافعها من أجل الوصول إلى علاج جذري لها، ولتناول هذه الظاهرة التي تنتشر بين الطلاب خلال الامتحانات على وجه التحديد، ينبغي تحديد هذه الأسباب والدوافع ومدى العلاقة التي تربط في ما بينها وبين العوامل المسببة لها والمؤثرة فيها بوصفها ظاهرة خطيرة تؤثر في المجتمع ومؤسساته وتؤدي إلى آثار سلبية عديدة لا تنسجم والثوابت الأخلاقية في المجتمع، وأهمها مبدأ تكافؤ الفرص بين أفراد هذا المجتمع».واضاف طالب، ان «الأمر الأكثر خطورة هو أن تتطور أساليب وطرق الغش لتواكب أحدث التطورات التقنية كالهواتف الذكية وسماعات الأذن وتوظيف الأدوات والوسائط التكنولوجية المعقدة في الغش واستغلال إمكاناتها العديدة في تسهيل الحصول على المعلومة بشكل غير شرعي، مما يدعو إدارات المدارس والكليات إلى ضرورة التفكير في كيفية التصدي لمحاولات الغش ومكافحته للحيلولة دون انتشاره بين الطلاب».ولفت طالب، الى ان «انتشار هذه الظاهرة بسبب قلة الوازع الديني وعدم الاعتماد على النفس، وهنا يظهر دور الأسرة وتنشئة الأبناء على الخير والقدوة الحسنة، وان يقوم المجتمع بتوعية الأبناء عن مخاطر الغش بشتى الوسائل، وذلك بتعريف الغش وإظهار وسائله وآلاته وبيان تحريم الإسلام له»، مؤكدا على ان «الحل لهذه المشكلة طرح مشروع قاطع الإرسال للقضاء عليها بكل سهولة، ويكون في مختلف المدارس والقاعات».وحول ظاهرة الغش، قال الطالب مشاري العتيبي، ان «ظاهرة الغش في الاختبارات منتشرة بين الطلبة بشكل كبير، حيث ان هناك عددا كبيرا لا يحصى من الأساليب التي يلجأ إليها بعض الطلبة للغش، ومنها ما هو تقليدي مثل كتابة البراشيم على الورق، او الكتابة على الطاولات، أما الاساليب الجديدة والمبتكرة في عملية الغش فهي استخدام أجهزة الهواتف الذكية داخل قاعة الاختبار عن طريق مراسلة أشخاص يتم التنسيق معهم مسبقا، سواء من داخل القاعة أو خارجها، اضافة الى انتشار ظاهرة جديدة تتعلق بسماعات الأذن».واضاف العتيبي أنه «من أبرز أسباب غش الطالب في الاختبارات هو التهاون الكبير من بعض الطلبة بالدراسة نفسها وعدم اهتمامهم بها»، مشددا على أن الدراسة سهلة في الجامعة وغير معقدة حتى تكون هناك حجة للغش، مشيرا الى أن «شخصية أستاذ المقرر لا تتدخل في الغش، حيث ان الذي يضع نصب عينيه الغش سيفعل ذلك، سواء كان مع أستاذ ذي شخصية قوية أو ضعيفة».وقال الطالب خالد الحريش، أن «احدى وسائل الغش المبتكرة هي وضع سماعة الأذن تحت الشماغ، والاتفاق مع أحد الزملاء لاعطائه اجابة الاختبار عن طريق الاتصال»، مبينا ان سبب انتشار هذه الظاهرة يرجع إلى ضعف شخصية المراقب على الاختبارات، بالإضافة إلى انشغال الطلبة بأمور أخرى غير الدراسة، كما أن هناك بعض أساتذة الجامعة يجعلون الطالب مضطراً لأن يستخدم الغش، وذلك بسبب صعوبة المقررات الدراسية وعدم تبسيطها للطلبة، ولكن في كل الاحوال هذا لا يبرر فعلة الغش، لأنها عادة سيئة».واضاف الحريش أن «حجم انتشار هذه الظاهرة بين الأوساط الطلابية كبير جدا، فغالبية الطلبة يغشون في الاختبارات سواء في جامعة الكويت او كليات التطبيقي، والسبب في ذلك يريدون النجاح من دون تعب، اضافة الى انتشار ظاهرة الشفرة في القاعات بكلمات لا يفهمها الاساتذة، مثل جملة (شلون الأهل) أو (شرايك بالموتر)، وهذه جميعها ألغاز يتم تداولها عند الاستعداد للغش».وقال الطالب وليد الديحاني، ان «هناك غشا ولكن في حدود، وغير منتشر بشكل كبير بين الطلبة».واضاف أن «من أبرز أساليب الغش هو الكتابة على أعضاء الجسم، بالإضافة إلى البراشيم، واستخدام الهاتف النقال مع العلم انه ممنوع دخول الهاتف اثناء الاختبار، كما أن هناك طلبة يكتبون على الأرض معلومات الاختبار، وغيرهم يضعون ورقة التلخيص مع ورقة الاختبار أثناء توزيع المراقب للاختبار، بحيث لا يرى هذه الورقة بين أوراق الاختبار».وأضاف الديحاني، ان «الطلبة يلجأون الى هذه الظاهرة بسبب صعوبة المناهج وعدم شرح المادة بشكل مميز من الدكتور، مما يجبر الطالب على التوجه الى الغش حتى يستطيع اجتياز الاختبار والدخول في مرحلة جديدة».وأشار الطالب عبدالله الحربي، أن «حالات الغش لا تحدث إلا عند بعض الأساتذة المتسيبين الذين يشاهدون الغش ولا يمنعونه، بل يتساهلون في ذلك، مما يؤدي إلى استهانة الطلبة بالغش ولا يخافون من القرارات الجامعية التي تصل إلى الفصل من الجامعة».وبيّن أن «من أبرز الطرق المستخدمة في الغش هو تبديل الأوراق بين الزميلين، بالإضافة إلى استعمال الإشارة والشفرة وسماعات الهاتف النقال».وتابع، أن «إهمال الطلبة في الدراسة هو السبب الوحيد للغش».
محليات
أحدثها... سماعة حجمها 3.5 ملم تتوافق مع مشغّلات «الإم بي ثري» و«الآي بود»
أساليب «الغش» وأدواته الحديثة
09:57 ص