لن يتصاعد «الدخان الابيض» من مقرّ البرلمان اللبناني غداً، ففرصة انتخاب رئيس جديد للجمهورية تساوي ما هو أدنى من الصفر بعدما تُرك «الكرسي الأول» الشاغر في مهبّ مناورات داخلية كثيفة لا تشي بانتخاب قريب وسط انعدام أيّ مبادرات خارجية من شأنها الضغط في اتجاه الإفراج عن «رأس الدولة» في لبنان.فالمشهد في «ساحة النجمة» (مقر البرلمان) غداً سيشكّل تكراراً لما شهدته جلسات سابقة لم تفضِ الى انتخاب رئيس جديد بسبب عدم اكتمال النصاب الدستوري... ستحضر الكتل البرلمانية لـ «14 آذار» والنائب وليد جنبلاط ورئيس البرلمان نبيه بري، وستقاطع كتل زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون و»حزب الله» وحلفائهما.ولن يقدّم او يؤخر تحديد بري موعداً لجلسة جديدة بعدما أيقن الجميع في بيروت ان الفراغ الرئاسي الذي سيمتدّ طويلاً لم يعد الشغل الشاغل لا للداخل الذي يتأبّط شراً من محاولات تعميم الفراغ المؤسساتي ولا للخارج الذي لا همّ له في لبنان سوى الحضّ على استقرارٍ يُبعِد شبح تداعيات الحرب في سورية.فبعد تفكيك «شيفرة» خلاصات زيارة وزير الخارجية الاميركي جون كيري لبيروت وفحواها عدم وجود اي مبادرة اميركية - دولية لصوغ مخارج للأزمة الرئاسية في لبنان، بدا البُعد الاقليمي لـ «رئاسية لبنان» متقاطعاً مع هذا المنحى وهو ما عبّر عنه «بالفم الملآن» الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي اكد ان «الخارج مش فاضي للبنانيين» داعياً الى عدم انتظار مستقبل العلاقات الايرانية - السعودية «ولا المفاوضات بينهما»، ولافتا الى ان «لا موعد قريباً لذلك، ثم من قال ان الملف اللبناني سيكون موضع تفاوض ايراني - سعودي؟».ومع «نفض اليد» الخارجية من الملف الرئاسي في لبنان يبدو جلياً ان هذا الاستحقاق تُرك للدينامية الداخلية التي من الواضح انها لم تتلمّس طريقها بعد لأي حلول، رغم المعطى الجديد الذي حاول نصرالله من خلاله طمأنة المتوجّسين من وجود مخطط لدى «حزب الله» لتعطيل الانتخابات الرئاسية وصولاً الى تغيير في النظام يفضي الى مثالثة سنية - شيعية - مسيحية عوض المناصفة المسيحية - الاسلامية القائمة، وذلك بإعلانه ان «أول من طرح المثالثة هم الفرنسيون، والايرانيون رفضوا ونحن خارج المثالثة ولم نفكر في هذا الامر ولم نطالب به ولا نسعى اليه».وعلى وقع القراءات المتباينة لمواقف السيد نصرالله الذي حضّ ايضاً الفريق الآخر في اشارة ضمنية الى العماد عون على «القبول بالشخصية المسيحية الاقوى»، قائلاً «معروف مَن يمنع وصول الاقوى»، تنهمك بيروت بمجموعة عناوين تتفرّع من الفراغ الرئاسي وتتشابك معه وهي:* المؤشرات المتصاعدة حيال نية لتحويل العمل في «الحكومة الرئاسية» رهينة التسوية المفترضة في الاستحقاق الرئاسي وسط صعوبات ما زالت تعترض التفاهم على آلية لتسيير مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية وتنظيم اتخاذ القرارات فيه.وثمة في هذا الإطار من يتّهم العماد عون صراحة بعرْقلة عمل الحكومة كورقة مقايضة في حواره مع الرئيس سعد الحريري الذي لا يزال زعيم «التيار الحر» ينتظر جوابه الحاسم على امكان السير به مرشحاً توافقياً رغم اعطاء الحريري اشارات واضحة الى ان تبني ترشيح عون يمرّ بموافقة مسيحيي 14 آذار.* بقاء البرلمان ودوره التشريعي في دائرة «التجميد» رغم الانفراج الموْضعي الذي عبّرت عنه التقارير عن اتجاه تكتل العماد عون للمشاركة في الجلسة التشريعية التي دعا اليها بري بعد غد لإقرار سلسلة الترب والرواتب، علماً ان زعيم «التيار الحر» لم يغيّر موقفه الذي يتلاقى فيه مع 14 آذار لجهة رفض ممارسة البرلمان مهماته التشريعية الا في اطار الضرورات الاستثنائية اي ما يتعلق بـ «المصلحة العليا للدولة» و»إعادة تكوين السلطة».* تقدُّم ملف الانتخابات النيابية على الرئاسية في ضوء ملامح السباق بين ضغط عون في اتجاه إجراء الانتخابات في مواعيدها (بين 20 سبتمبر و20 نوفمبر) أملاً بتعديل التوازنات داخل البرلمان على النحو الذي يضمن له الوصول الى الرئاسة، وبين المعلومات عن تحضيرات لاقتراح بتمديد جديد لولاية البرلمان لمدة سنة في ظل تلقي بيروت رسائل دولية برفض إرجاء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية التي يعتبرها المجتمع الدولي أولوية.* الاشارات المتزايدة الى محورية موقع وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) في الخيارات المحتملة للعماد عون في الملف الرئاسي، وسط تقارير لفتت الى ان زعيم «التيار الحر» قد يعمد متى تأكّد من استحالة السير به مرشحاً توافقياً الى ممارسة دوره كـ «ناخب اول» مرشحاً باسيل، او ان يختار السير بمرشح آخر بما يساهم بطريقة غير مباشرة في تعزيز الموقع «الشعبي» لباسيل في منطقته (البترون) في اطار تعبيد الطريق امامه للانتخابات الرئاسية العام 2020 بحسب ما ألمحت صحيفة «النهار» يوم امس حين سألت هل يمكن ان يسير عون بالوزير بطرس حرب (من 14 آذار والمنافس الرئيسي على احد المقعدين النيابيين في البترون الذي لم يفز فيه باسيل بعد) مرشحاً؟
خارجيات
حكومة سلام «أسيرة» مقايضات ومعركة مبكّرة على الاستحقاق النيابي
جلسة للبرلمان اللبناني غداً «تمدّد» للفراغ الرئاسي
05:27 ص