ليس من السهل الشعور بروح تسامح ووحدة شعب ما في حديث أحدهم، لكن شعب الباراغواي مختلف، ففي حديث سفير دولة الباراغواي في لبنان، و10 دول أخرى من ضمنها الكويت، حسن ضيا لـ«الراي»، أكد على ان «الجالية العربية هي جزء من شريحة الشعب الباراغواي، والتي تتمثل بالإدارات الرسمية ومجلس النواب ومجلس الشيوخ، وأخيرا أصبح نائب رئيس الجمهورية الباراغواي، من أصول لبنانية». وبلغته العربية التي مازال محافظا عليها، أشار السفير حسن ضيا، إلى «زيارة أعضاء من مجلس الأمة الكويتي في شهر فبراير الفائت، لدولة الباراغواي وتبادل النقاط المهمة حول التعاون الثنائي بين الدولتين، حيث رأوا الطاقة الموجودة في الباراغواي، وإمكانية التوصل إلى اتفاقيات تجارية واستثمارية كبيرة في البلاد»، لافتا الى أن «الفرص التي تقدمها الباراغواي للاستثمار كثيرة، فهي دولة بكامل أراضيها صالحة للزراعة، وتعد اليوم الدولة الرابعة بتصدير حبوب الصويا في العالم، والدولة الثامنة بتصدير اللحوم في العالم، والثانية في قارة أميركا اللاتينية، حيث زاد الإقبال على اللحوم الباراغواية لأنها تنتج من المراعي الطبيعية».وبين السفير حسن ضيا، أن «تاريخ الباراغواي يشهد لها عدم الانحياز، فنحن دولة تعتمد دائما على الحوار في حل أي أزمة سواء كانت داخلية أم خارجية»، مبينا أنه، «وبالرغم قلة التواصل الديبلوماسي مع الدول العربية، ولكن يربطنا الاحترام الكبير مع هذه الدول، وخصوصا مع نشأتها ونهضتها في الفترة الأخيرة، وهذا الأمر يجعلنا نمد يد التواصل والأواصر معها ونبحث معها على علاقات مميز».وذكر السفير ضيا، أن «زيارة دولة الكويت تأتي لفتح باب التبادل العلاقات من جميع نواحيها الديبلوماسية والتجارية وخبراتية»، مشيرا أن «الكويت لديها ما نحتاجه فنحن دولة غير منتجة للنفط، ولدينا أيضا ما تحتاجه الكويت من الغذاء والمياه»، لافتا أنه «ومن خلال لقائنا بالمسؤولين وعلى رأسهم سمو الأمير، ورئيس مجلس الأمة، وسمو رئيس مجلس الوزراء، جميعهم كانوا بنفس الوتيرة والخط، وهذا ما يشجعنا، ويجعلنا نشعر بأن بين الكويت والباراغواي في تآخ على طريق الولادة»... وإلى التفاصيل:• ما أسباب زيارتكم للكويت؟ وهل هناك مجال جديد لفتح قنوات تعاون بين البلدين؟- في البداية نحيي أهلنا في الكويت، فبعد هذه الزيارة استطعنا أن نرى عن كثب رحابة وكرم أهل الكويت مما جعلنا نشعر بأننا من أهل البيت.وبالتأكيد أي علاقات ثنائية بين الدول تبدأ بزيارات متبادلة لبحث الأمور المشتركة، وبعد زيارة قام بها أعضاء من مجلس الأمة وأعضاء تقنيين من الكويت في شهر فبراير الفائت لدولة الباراغواي تبادلنا بعض النقاط المهمة حول التعاون الثنائي بين الدولتين، ورغبة منا في تجديد أواصر العلاقة تسعى الباراغواي من خلال هذه الزيارة لفتح باب تبادل العلاقات من جميع نواحيها الديبلوماسية والتجارية والخبراتية، وان شاء الله تكون بالمجالات الثقافية والعلمية.• ما حجم الاستثمارات الخليجية في الباراغواي؟- الاستثمارات الخليجية بشكل عام، ضئيلة بكل قارة أميركا الجنوبية، حيث إن انفتاح هذا الجزء من العالم على القارة الجنوبية كان انفتاحا قريب المدى، وفي الباراغواي لا توجد استثمارات على مستوى عال، سوى بعض الاستثمارات الفردية الصغيرة، لكن بعد الزيارة التي قام بها الوفد الكويتي، رأوا الطاقة الموجودة في الباراغواي، وإمكانية التوصل إلى اتفاقيات تجارية واستثمارية كبيرة، نظرا للشروط والمناخ الايجابي الاستثماري الذي تهيؤه الباراغواي على مستوى فردي أو حكومي.• ماذا عن الجالية العربية في دول أميركا اللاتينية، كيف استطعت وأنت السفير الذي يمثل الباراغواي في المحافظة على لغتك العربية، باعتبار أن أبناء العرب هناك لا يجيدون اللغة العربية؟- الجالية العربية الموجودة في أميركا الجنوبية بشكل عام، تعود لأواخر القرن الـ19، بأغلبية سورية لبنانية، بالإضافة إلى بعض الوجود الفلسطيني خصوصا في تشيلي، أما في الباراغواي فالجالية العربية هي جزء من شريحة الشعب الباراغواي، والتي تتمثل بالإدارات الرسمية ومجلس النواب ومجلس الشيوخ، وأخيرا أصبح نائب رئيس الجمهورية الباراغواي هو من أصول لبنانية.أما بالنسبة لي، فأنا من مواليد لبنان واكتسبت الجنسية الباراغواية، وفي أواخر عام 2009 سميت سفيرا لأمثل دولة الباراغواي في لبنان و10 دول أخرى، ومن ضمنها الكويت العزيزة، ومن هذا المنطلق لغتي العربية تمرست فيها منذ صغري، والحمدلله لازلت محافظا عليها.• السفير حسن ضيا، كيف وصل لهذا المنصب؟- من خلال بعض النشاطات الاجتماعية التي أقوم بها والتي سمحت لي بأن أكون من أصحاب القرار، وأخيرا خلال السنوات الخمس الماضية، كان هناك تفكير واسع بالنسبة لدولة الباراغواي بأن تنفتح على الدول العربية وخصوصا دول الخليج، فتم اختياري من أبناء الجالية اللبنانية نظرا لعطاء ودور الجالية الفعال في الحركة الاقتصادية في الباراغواي، وكنت المختار وان شاء الله أكون عند حسن الظن لمثيل الدولة بأفضل صورة.• ما إسهامات الجالية العربية في الباراغواي، في دفع عملية التطور لهذا البلد؟- هناك جالية العربية قديمة العهد والذين أصبحوا براغويين، وهم جزء من شريحة المجتمع من إداريين ورجال دولة ووزراء واقتصاديين وأخيرا نائب رئيس الجمهورية من أصول لبنانية، أما الجالية حديثة العهد والتي عمرها بأواخر الستينات، أصبح أبناؤهم اليوم ضمن هذه الشريحة من محامين وأطباء ومعلمين وحتى في الفن، بالإضافة الشق التجاري، والذين أسسوا مدينة على الحدود مع البرازيل، وعملوا حتى تكون هذه المدينة أساس تجاري بحيث أصبحت في فترة من الفترات مسؤولة عن أكثر من 50 في المئة من الناتج المحلي، واليوم هي مسؤولة عن 30 في المئة من الناتج المحلي، بالإضافة أن مؤسسوها عدلوا على قوانين الدولة للحصول على استثناءات لهذه المدينة لتحويلها لقبلة سياحية تجارية.• من خلال عملك سفيرا، هل ساعدت هويتك العربية بنقل صورة الباراغواي بشكل أسهل، وبتقارب الرؤى مع السياسيين؟- بالتأكيد... اللغة هي ليست اللغة المحكية، اللغة هي العادات والتراث ونقل الصورة الصحيحة بشكلها الصحيح عبر الكلمة والفعل، وبالتأكيد جذوري اللبنانية ساعدتني بأن أكون قريبا من أصحاب القرار في دول حيث أنا موجود، وعبر سفارات هذه الدول في لبنان وخصوصا مع الدولة اللبنانية كعلاقات ثنائية مع دولة الباراغواي، والحمدالله علاقتنا جيدة جدا، وان شاء الله قريبا تكون على هذا المستوى المطلوب مع الكويت ودول الخليج بشكل عام.• ما هي الفرص التي تقدمها الباراغواي للاستثمار؟- الباراغواي هي دولة بكامل أراضيها صالحة للزراعة، فنحن اليوم نعد الدولة الرابعة بتصدير حبوب الصويا في العالم، والدولة الثامنة بتصدير اللحوم في العالم والثانية في أميركا اللاتينية، تخطينا بذلك حجم تصدير الأرجنتين والتي تعد نسبيا أكبر من الباراغواي، حيث زاد الإقبال على اللحوم الباراغواية لأنها تستخدم المراعي الطبيعية. أما في مجالات الطاقة نحن نعتمد على الطاقة البيئية حيث نستخرج الطاقة من السدود المائية فكلفة الإنتاج الأرخص في العالم وسعر البيع هو الأرخص أيضا على مستوى العالم بالنسبة للاستعمالات وخاصة الاستعمالات الصناعية، بالإضافة أن الطاقة الكهربائية التي ننتجها نستخدم 13 في المئة منها، والباقي يصدر إلى البرازيل والأرجنتين، وفي المجالات الأخرى لدينا المياه الوفيرة واكبر خزان مياه جوفي للمياه العذبة «اكوا فاير قورني»، وهو بمساحة تتخطى المليون كيلومتر مربع، وموجود مابين الباراغواي والبرازيل والأرجنتين، وكذلك لدينا القوانين المستحدثة للاستثمارات بالباراغواي من الإعفاءات الضرائبية، وتسهيلات بمعاملات الإنشاء بأي مجال عمل سواء بالمجال الزراعي أو بمجال الصناعة الزراعية أو الصناعات الأخرى، ونشير أن الباراغواي اليوم مؤسس وجزء من مجموعة دول أمريكا اللاتينية وهي «ميركوسور»، والتي تضم 5 دول، وعدد سكان هذه المجموعة حوالي 300 مليون نسمة، وكل شيء يصنع بأحد هذه الدول يكون حر التنقل ما بين الدول الأخرى بدون إضافات جمركية على استيرادها. فالباراغواي خلقت الظروف الملائمة حتى تستقطب أكثر عدد ممكن من المستثمرين، وهذا أيضا فتح لدول الجوار والذين هم أعضاء «ميركوسور»، مثل البرازيل والأرجنتين للاستثمار في الباراغواي عبر المصانع.• ما موقف دولة الباراغواي من القضايا العربية؟- تاريخ الباراغواي يشهد لها عدم الانحياز، فنحن دولة تعتمد دائما على الحوار في حل أي أزمة سواء كانت داخلية أم خارجية، وهذا الأمر نطبقه في سياساتنا الداخلية حيث واجهنا بآخر الفترات إقالة لرئيس جمهورية عبر حوار داخل المجلس النيابي، أما بالنسبة للدول العربية بشكل خاص، وبالرغم قلة التواصل الديبلوماسي، ولكن يربطنا الاحترام الكبير مع هذه الدول، وخاصة مع نشأتها ونهضتها في الفترة الأخيرة، وهذا الأمر يجعلنا نمد يد التواصل والأواصر مع هذه الدول ونبحث معها على علاقات مميز، ونحن كذلك من الدول الداعمة للسلام بكل أشكاله، ونؤمن بأن الحرب سبيل للدمار والحوار خطوة في سبيل السلام والأعمار.• ما هي إجراءات الحصول على الفيزا الباراغواية؟- نحن من الدول الأقل تعقيدا بالنسبة للفيزا، وحتى الإقامات في الباراغواي سهلة جدا، ولدينا نوعين للفيزا، الأولى تكون للسياحة وإجراءاتها عادية وسهلة الحصول عليها، أما النوع الآخر فهي للاستثمار وتمنح بمجرد وصول الشخص للدولة ليكون جاهزا للحصول على الإقامة، وحتى نظام التجنيس في الباراغواي سهل جدا، فأنا أخذت الجنسية منذ 25 عاما، واليوم أمثل الباراغواي كسفير لها في 11 دولة.• كلمة أخيرة... حول الباراغواري؟- الباراغواي ارض وشعب، مندمجين بروح واحدة اسمها روح الوحدة والتعاطي مع الآخر، بنفس الروح الطيبة التي تملكها هذه الأرض الطيبة والتي معدل الإنتاج والمحاصيل الزراعية فيها تتخطى المعدلات العامة بالعالم بنسبة 20 في المئة، قلوبنا واسعة وهذا الأمر لمسناه بأهل الكويت، ونحن لدينا ما تحتاجه الكويت من الغذاء والمياه، ومن خلال لقائنا بالمسؤولين وعلى رأسهم سمو الأمير، ورئيس مجلس الأمة، وسمو رئيس مجلس الوزراء، وجميعهم كانوا بنفس الوتيرة والخط، وهذا ما يشجعنا، ويجعلنا نشعر بأن بين الكويت والباراغواي تآخ على طريق الولادة.