ليس طلبة المدارس وحدهم من يلجأون للدروس الخصوصية، بل إن الأمر يمتد ويتسع أكثر حتى غدى سبيلا لا مفر منه بالنسبة للكثير من طلبة أعلى صرح تعليمي... طلبة الجامعة، فالدروس الخصوصية بالنسبة لطلبة الجامعة أصبحت ظاهرة منتشرة في أغلب المواد الدراسية، لاسيما العلمية منها.وما إن تدخل أحد المقاهي الحديثة أو الكافتيريات، حتى في الأيام العادية للفصل الدراسي، إلا وتجد المقاعد ممتلئة بالطلبة والمدرسين الخصوصيين، ففي أحد أركان المقهى يلتف عدد من الطلاب حول مدرس خصوصي وهم يحاولون فهم واستيعاب مسائل تعسر عليهم فهمها في محاضرات الجامعة، مع المشروب الساخن، وربما، رائحة الشيشة والسجائر التي تقتحم عليهم أماكنهم من قريب أو بعيد.ويكشف بعض الطلبة أن تكلفة الدرس الخصوصي للفرد الواحد، تبدأ من 20 ديناراً للساعة الواحدة... وبالطبع من دون المشروب الساخن أو البارد.وتأتي هذه الظاهرة، التي يستغرب منها البعض، رغم الانفجار المعلوماتي وتوافرها بسهولة في الشبكة العنكبوتية وغيرها من المصادر الأخرى، حيث يرى بعض الطلبة أن اللجوء للدروس الخصوصية يأتي بسبب الإهمال طوال الفصل الدراسي، وتراكم المنهج المقرر، والاعتقاد أن الساعات القليلة التي يقضيها مع المدرس الخصوصي ستكون كفيلة بأن تهيئه بالشكل المطلوب لدخول الامتحان.ومن اللافت للنظر خلال وقت الاختبارات، وفي اللحظات الأخيرة، أن تجد العديد من الطلبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يبحثون ويسألون بإلحاح زملاءهم الآخرين عن مدرس خصوصي في المادة الفلانية، وهذا دليل واضح على الإهمال.ويرى فريق آخر من الطلبة أن السبب في لجوء الطالب للدروس الخصوصية هو وجود شيء من التقصير من قبل الأساتذة أثناء الشرح وعدم إحاطتهم بالتفاصيل المهمة في المقرر الدراسي، وبالتالي دائما ما يجدون صعوبة في حل الامتحانات التي تأتي معقدة بشكل أكبر مما يقدمه الأستاذ في المحاضرة.«الراي»، تجولت بين طلبة الجامعة لمعرفة آرائهم حول هذا الموضوع... فكانت الردود التالية.يعترف الطالب الجامعي مبارك العجمي بأنه يلجأ في الغالب إلى الدروس الخصوصية، مبينا أن «أعلى قيمة تكلفة دفعها لمثل هذه الدروس وصل إلى ما يقارب 600 دينار خلال أحد الفصول الدراسية، أما التكلفة الاعتيادية فغالبا ما تقترب من 300 دينار».وقال العجمي، «من سلبيات الدروس الخصوصية أنها تمنع الطالب من عملية البحث عن المعلومة، وهو الشيء المفترض على الطالب القيام به، فالطالب هنا ينتظر أن تأتي إليه هذه المعلومة دون تعب أو عناء، مما يؤثر على القيمة المستفادة من العملية التعليمية»، مشيرا في الوقت ذاته إلى «أننا يجب ألا نغفل عن أسباب شيوع مثل هذه الظاهرة، والتي عادة تأتي نتيجة لضعف شرح بعض الدكاترة، وسياسة البعض منهم في التعمد بأن يكون مستوى الامتحان أصعب بكثير مما يتلقاه الطالب في المحاضرات اليومية والواجبات».وعبر الطالب محمد القفاص، عن أسفه لشيوع مثل هذه الظاهرة بين طلبة الجامعة، «حتى غدت الدروس الخصوصية أمراً لا مفر منه»، مبينا أن أسباب هذه المشكلة «ترجع إلى نقص المؤهلات التدريسية لدى بعض الأساتذة، وطريقة وأسلوب التدريس السلبية التي تعتمد على الحفظ وليس الفهم، والابتعاد بشكل كبير عن التركيز على المهارات الحياتية والمهنية».واضاف القفاص، «الدروس الخصوصية لها العديد من السلبيات التي قد تؤثر على مستوى الطالب الجامعي، فمثلا في حال ما جعل الطالب جل تركيزه على مثل هذه الدروس، فإنه حتما سيخرج خالي الوفاض من الجامعة من دون أن يكون ملما بالشكل المطلوب في تخصصه ومنهجه العلمي، نظرا لاعتماده الكلي على المعلومات التي يتلقاها من المدرس الخصوصي».وقال الطالب علي نوري، «أنا مؤيد للدروس الخصوصية لأنها مفيدة جدا للطالب، خصوصا إذا كان هناك تقصير من طرف أستاذ المادة»، متذمرا في الوقت ذاته من الأسعار الباهظة التي يطلبها المدرسون الخصوصيون والتي تستغل حاجة الطلبة.وحول أسباب هذه الظاهرة، قال نوري، «عادة ما يكون الطالب غير متقبل للمادة العلمية أو حتى التخصص بشكل عام، ويشعر بأنه لا جدوى من بذل الجهد في المذاكرة الذاتية لأنه يرى بأن النتيجة واحدة، وبالتالي تسهيلا على نفسه يلجأ إلى المدرس الخصوصي، وفي أحيان كثيرة يكون السبب الجوهري هو إهمال الطالب المتعمد للمذاكرة حتى يمضي الوقت ويدنو من اختبارات نهاية الفصل ثم تبدأ حالة الطوارئ لديه فيبحث عن أي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة للاستعداد قبل الامتحان».واضاف نوري، «هناك ايضا سبب اخر، وهو عدم حرص بعض الأساتذة على توصيل المعلومة للطالب بقدر حرصهم على إنهاء أكبر قدر من المادة العلمية خلال المحاضرة الواحدة، بغض الطرف عما إذا استوعب الطالب أو لم يستوعب».وتابع «أشجع الدروس الخصوصية إذا كانت الجامعة ترعاها وتقدمها للطلبة، ومن الأفضل أن يقدمها طلبة آخرون لزملائهم، نظرا للتقارب العقلي بينهم وبالتالي لن تكون هناك صعوبة في الفهم والاستيعاب».بدوره، قال الطالب أحمد السلمان، إن «اتجاه الطالب الجامعي إلى الدروس الخصوصية يعني وجود مشكلة في العملية التعليمية التي نرى فيها طرفين مشاركين، وهما الطالب والمؤسسة التعليمية، والمشكلة لا تتعدى إحداهما».ورأى السلمان، إن «من أسباب هذه المشكلة من ناحية الطالب هي كسله عن التحصيل العلمي مع قدرته المالية على تحمل تكاليف الدروس الخصوصية، ومن ناحية المؤسسة التعليمية تكون المشكلة خللاً في خلق جو تعليمي سليم متمثلا في حرفية طاقم التدريس، وقوة وتنظيم الإدارة الجامعية والمباني الدراسية الملائمة».واضاف «من وجهة نظري، وعلى الرغم من وجود أسباب منطقية، فإن البعض يرى أنها مبررة، إلا أني لا أرى أي مبرر لذلك، خصوصا للطالب الجامعي».وتابع، «على الرغم من وجود مشاكل في العملية التعليمية إلا انه يمكن الاستغناء عن الدروس الخصوصية باجتهاد الطالب، من خلال البحث عن مصادر عدة للمعلومة خارج قاعة المحاضرة، ولا أعتقد ان هناك صعوبة في ذلك، خصوصا وأننا نعيش في عصر التكنولوجيا، حيث يمكن إيجاد المعلومة بضغطة زر». وشدد السلمان على «ضرورة اعتماد الجامعي على نفسه أكثر، فهو المساهم في بناء وطنه خلال سنوات معدودة مقبلة».وقال الطالب علي جاسم، «لقد لجأت للدروس الخصوصية مرتين في مسيرتي الجامعية، في المرة الأولى كانت بسبب تقصير دكتور المادة في أداء واجبه، حيث كانت هناك العديد من المعلومات والمسائل غير الواضحة والتي تحتاج إلى شرح واف وكاف، أما في المرة الثانية فقد كانت بسبب ظروف خاصة منعتني من حضور عدد من المحاضرات للمقرر الدراسي».وعبر مشاري الحنيف عن رأيه، وقال «الدروس الخصوصية امر مناسب للطالب الجامعي، ولا إشكال فيها أن تكون في كل المواد، وأنا شخصيا جربت ذلك في مواد الرياضيات والفيزياء».واضاف «المشكلة ليست متعلقة في طريقة التدريس من طرف المحاضر، وإنما تكمن في اختلاف مستوى الطالب في الفهم، فكل طالب يفهم بطريقة مختلفة، وليست مسألة إهمال، لأن الطالب المهمل لن يعتمد على المدرس الخصوصي بل سيلجأ إلى طرق غير مشروعة كالغش في الامتحانات».وتابع، «الدروس الخصوصية تعتبر مساعدة للطالب، ولا تعني أن الطالب يعاني من عقدة عقلية في تفكيره، كما أننا في المحاضرة لا نستطيع أن نسأل الدكتور عن كل خطوة يقوم بها لحل المسألة حتى لا يضيع وقت المحاضرة».ورأى ناصر الصقر، أن «الدروس الخصوصية أصبحت شيئاً أساسياً في حياة الكثير من طلبة الجامعة، حتى غدى بعضهم لا يمكن أن يفوت أسبوعا واحدا إلا وهو قد التقى بأحد المدرسين الخصوصيين لشرح مسألة أو فصل دراسي ما»، لافتا إلى أن «المشكلة تكمن في إهمال الطالب الجامعي، وليست مسالة تقصير من الدكتور نفسه»،من جانبه، يفضل يوسف مالك، أن ينضم الطالب الذي يجد صعوبة في فهم المقرر الدراسي إلى المجاميع الدراسية الطلابية الذين عادة ما يتجمعون مستهدفين فهم المقرر الدراسي وتوضيح المسائل لبعضهم البعض.وقال «مثل هذه المجاميع تتيح للطالب القدرة على تبادل المعلومات وإيجاد شرح مبسط يسهل على الطالب فهمه، لأن من يقوم بشرحه هو طالب آخر يحمل مستوى عقلياً قريباً جدا من زميله الآخر».وبين مالك، أهمية أن يعرف القائمون على العملية التعليمية أن الشهادات والمؤهلات العلمية ليست كافية لضمان جودة الأستاذ الجامعي، بل يجب أن ينتبهوا بشكل كبير إلى طريقة تعاطي الأستاذ الجامعي مع المحاضرة والطلبة وكيفية تقديمه وإيصاله للمعلومة بالصورة المطلوبة.وقال ياسر مازن، «لم ألجأ إلى الدروس الخصوصية يوما ما، لأني لست بحاجة لها، ولأني اعتدت على الدراسة من دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، لكن ليس عيبا أن يلجأ الطالب الجامعي إلى الدروس الخصوصية، إذا كان بالفعل بحاجة ماسة لها لاسيما في المواد العلمية».من جهته، قال محمد درويش، «أفضل الدراسة من دون مساعدة أي شخص، لأنني في الحقيقة لن أستطيع أن أفهم وأستوعب جيدا إن لم أعتمد على نفسي في المذاكرة»، مبينا أن «مستويات الطلبة تختلف في القدرة على الفهم والاستيعاب، لكن رغم ذلك يجب أن يعود الطالب نفسه على التعلم الذاتي، لأنها مهارة ضرورية يحتاجها الطالب».واضاف درويش، «بعض المدرسين الخصوصين غير مناسبين للتدريس لطلبة الجامعة، إذ إننا قد نجد منهم من لا يكون متهيئا وفاهما للمنهج الدراسي بالشكل المطلوب، وبالتالي أقترح بأن تكون هناك جهة مسؤولة وقانونية لتقديم دروس التقوية لطلبة الجامعة، للتأكد من جودة ما يقدمه المدرسون للطلبة».
محليات - جامعة
تكلفة الساعة الواحدة تبدأ من 20 ديناراً... دون حساب المشروبات
الدروس الخصوصية... في المقاهي
05:24 م