بانكوك العاصمة السياحية الأكثر امانا في العالم ما تزال آمنة حسب تقرير هيئة الإذاعة الأميركية (اي بي سي). وتبدو الحياة تسير طبيعية في العاصمة التايلندية التي باتت تقبع تحت الأحكام العرفية للجيش الا انقطاع وسائل الاعلام.الجيش الذي انقلب على السلطة وأصبح الحاكم التنفيذي، ابقى على سلطة الملك وتسلم سلطات الحكومة ويبدو انه يسيطر على الوضع الأمني. الا انه في المقابل ظهرت تقارير من سفارات كثيرة بينها الولايات المتحدة وبريطانيا حذرت رعايها من السفر الى تايلند.ويذكر ان هذا البلد يقصده في الصيف الاف السياح العرب بل ان الكثير من الخليجيين يقطنون بشكل شبه دائم هناك بحسب وكالات الأنباء.ومع دخولها في فترة الطوارئ والأحكام العرفية، فان حالة حذر واستنفار تشهدها مدينة بانكوك وباقي مدن وقرى تايلند التي تعتبر بلدا كبيرا بمساحة نصف مليون كلم مربع وعدد سكان يبلغ أكثر من 66 مليون نسمة.وحذرت تقارير دولية خصوصا ما تناقلته شبكة «اي بي سي» وموقع «فوكس نيوز» وصحيفة «غارديان» من احتدام الصراع والصدام أكثر في الفترة المقبلة بين القرويين والحضر وبين مؤيدي الانقلاب ورافضيه».لكن أكثر ما هو لافت للنظر في تطورات الأوضاع الحاصلة في تايلند أمران، أولهما ان من طالب بالاطاحة بحكومة شيناوترا لم يعتبروا من الفقراء بل هم ابناء المدن والحضر بالاضافة الى طبقة سياسية توالي الحكم الملكي، وثانيهما ان من نفذ الانقلاب هو الرجل نفسه الذي نفذ انقلابا مماثلا في 2006 على حكومة تاكسين شيناواترا شقيق رئيسة الحكومة الحالية التي تم عزلها.الجيش التايلندي أعلن عبر قائده الجنرال برايوت تشان ان «الأوضاع في تايلند مستقرة وان الجيش يسيطر على الوضع وكل المؤسسات تعمل والكل باق في مكانه، ما عدا وسائل الاعلام والأحزاب معطلة الى حين ان تستقر الأوضاع». لكن ترافقت مع هذا البيان احتجاجات متفرقة لمؤيدي رئيسة الحكومة المقالة والمعتقلة ينغلوك شيناوترا الذي ألقى الجيش القبض عليها وقد تواجه المصير نفسه الذي واجهه اخيها الأكبر تاكسين الذي كان رئيسا للوزراء واطاح به الجيش ثم نفاه قبل نحو 8 سنوات.الشقيقان يرفضهما الجيش الذي أعلن في انقلابه الأخير حسب بيان تناقلته وكالات الأنباء والصحف العالمية «تأييده المطلق للملك ورفضه جملة الاصلاحات المقدمة من حكومة شيناوترا المخلوعة والتي اعتبرها أنها شعبوية وتهدد عرش الملك الذي اكد قائد الجيش التايلندي انه الحاكم الفعلي لتايلند. حرب العسكر ضد عائلة شيناوترا هي جديدة قديمة».فالشقيقان شيناواترا هما من عائلة من 9 ابناء تداولا على حكم تايلند، حيث ان الأخ الأكبر لعائلة شيناواترا الفاحشة الثراء تاكسين وأخته الصغرى ينغلوك استطاعا في عقد واحد ان يصلا الى رئاسة حكومة تايلند. هذان الأخوان تم عزلهما مرتين من الحكم بانقلاب عسكري دبره الرجل نفسه الجنرال برايوت تشان قائد الجيش الذي يعتبر اقوى رجل في تايلند حاليا حسب تحليل الصحافة العالمية.لكن المثير في قصة الأخوين شيناوترا المعزولين من الحكم هو أنهما لديهما شعبية كبيرة في ارياف تايلند اذ ان أغلب مؤيديهم من القرويين والفقراء ومن ثار ضدهما هم الحضر وابناء المدن خصوصا. وهذا ما لم نعتده في سناريوهات الثورة على الحكام. اي ان ما تم تسجيله في تاريخ الثورات الشعبية ضد الحكام هو انتفاضة الناس الفقراء خصوصا على الحكام بتهمة تردي الأوضاع المعيشية واحتكار الحكام للثروات. لكن حسب تقارير وكالات الأنباء التي تتابع الوضع في تايلند «فإن قرويي وفقراء تايلند هم من يتمسكون برئيسة الوزراء الثرية ينغلوك شيناوترا التي أقصيت من الحكم ويقودون احتجاجات تؤيد حكومتها الشعبية المعزولة».هذه الحكومة التي قادتها شيناوترا لنحو ثلاثة اعوام حلت بموجب قرار من المحكمة الدستورية التي بدورها عزلت شيناوترا على اثر قيامها بتغيير احد كبار قيادات الأمن بشكل غير دستوري عند تسلمها السلطة. وبعد أيام منذ اقصائها عن رئاسة الوزراء أعاد الجيش اعتقالها بسبب تورط أنصارها في اعمال عنف ضد قوات الأمن ومناصري الأحزاب التي تعارض شيناوترا».وذكر تقرير نشر على موقع «بانكوك بوست» ان «دعم القرويين يرجع الى سياسات اصلاحية تبانها الأخوان شيناوترا لتعزيز أوضاع الفقراء والقرويين بالاضافة الى دعم الوضع الاجتماعي والاقتصادي حيث زارت رئيسة حكومة تايلند المعزولة شيناوترا خلال 3 اعوام من ترؤسها للحكوم اكثر من 40 دولة لدعم اقتصاد بلادها».وفي المقابل من طالب بالاطاحة بحكومة شيناوترا لم يعتبروا من الفقراء بل هم ابناء المدن والحضر بالاضافة الى طبقة سياسية توالي الحكم الملكي. وتأكيدا لذلك ذكر تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن «الرافضين لحكومة شيناوترا مدفوعون من قبل طبقة سياسية معارضة لسيطرة عائلة شيناوترا على حكم تايلند بالاضافة الى رغبتهم تقليص شعبوية الحكومة مقابل دعم اركان الحكم الملكي». وأضافت الصحيفة ان «عددا من القيادات التايلندية النافذة تتهم رئيسة الوزراء التايلندية السابقة شيناوترا انها لم تكن هي الحاكمة الفعلية بل كان اخوها القابع في المنفى هو من يوجه قراراتها ويعطيها الأوامر. كما يلاقي اخوها القابع في المنفى معارضة شديدة من شخصيات نافذة خصوصا في الجيش يرفضون عودته الى البلاد».وذكرت وكالات انباء مختلفة ان «ما اثار غضب جمهور الرافضين لحكم شيناوترا هو مقترح قدمته ينغلوك المخلوعة للبرلمان للعفو عن أخيها الكبير رئيس الوزراء التايلندي السابق المعزول تاكسين بهدف السماح له بالعودة من منفاه الذي أجبره الجيش عليه منذ الاطاحة به في 2006».وكان تاكسين وصل الى حكم تايلند في عام 2001 من خلال الانتخابات ولديه شعبية كبيرة حسب وصف تقرير لصحيفة «غارديان». واشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير لها بعنوان «اعتقال شيناوترا من قبل الجيش» الى ان «عائلة شيناوترا نجحت في الهيمنة على المشهد السياسي في تايلند خلال العقد الأخير منذ 2001 الى 2014 ويعتبر حزب الأخوين شيناوترا الحزب الأكثر حشدا لجمهور الناخبين في تايلند».وذكر تقرير على موقع «أي بي سي» ان «هناك طرفا قويا في تايلند لا يريد عائلة شيناوترا في الحكم وانه حوّل احتجاجات بسيطة قامت ضد حكومة رئيسة الوزراء السابقة ينغلوك في أواخر عام 2013 على اثر مقترح بالسماح لأخيها بالعودة الى بلاده، الى فرصة متاحة لينقلب على حكومتها ويعزلها نهائيا من الحكم».تقرير «غارديان» أشار بوضوح الى هذا الطرف. وقالت الصحيفة « ان الرجل القوي اليوم في تايلند هو قائد الجيش التايلندي الجنرال برايوت تشان الرجل نفسه عزل الأخوين شيناوترا المرة الأولى في 2006 حين دبر عملية انقلاب ضد الأخ الأكبر تاكسين شيناوترا رئيس وزراء تايلند السابق من 2001 الى 2006 على إثر تهم فساد ومحسوبية والمرة الثانية في 22 من مايو 2014 حين أمر الجنرال نفسه باعتقال الأخت الصغرى لتاكسين وهي ينغلوك شيناوترا».ولم يبقَ الأخ الأكبر للرئيسة المخلوعة ساكنا بل أعلن من منفاه حسب نقل وكالة الأنباء الفرنسية و«أسوشيتد برس» عن «خطته لدعم أخته ونيته تشكيل حكومة في المنفى في اشارة الى كمبوديا في تحد لانقلاب الجنرال تشان متهما اياه بأنه يتعمد تصفية حسابات قديمة ضده خصوصا انه هو من دبر الاطاحة به قبل 8 سنوات».ويذكر حسب مصادر مختلفة من بينها صحيفة «ذي نايشن» ان «عائلة شيناوترا هي عائلة ثرية تمتلك الكثير من الشركات ومن اهمها شركة الاتصالات التايلندية الخاصة وهي عائلة في الأساس تنشط في قطاع الأعمال قبل ان تبدأ في مجال السياسية منذ عام 1998 عندما قرر الابن الأكبر لعائلة شيناوترا تاكسين البالغ من العمر 64 عاما حاليا تأسيس حزب شعبوي جعله يفوز باكتساح في انتخابات 2001 ومنذ ذلك العهد دخلت عائلة شيناوترا في صراع مع بعض الشخصيات المدافعة بحماس عن الملكية وفي مقدمتها الجينرال تشان قائد الجيش التايلندي الحالي».لكن بقي ركن مظلم في علاقة انقلاب الجيش على السلطة بملك تايلند بوميبول أدولياديج. حيث ان انقلاب تشان حسب تقرير «غارديان» لم يقترب من سلطات الملك بل اكد على انه الحاكم الفعلي لتايلند». وهذا ما عزز الشكوك حسب تقرير «وول ستريت جورنال» بعنوان «الاضطراب في تايلند: اللاعبون الحقيقيون» ان «الرجل الصامت في اشارة للملك يبدو انه طرف غير معلن في الأزمة السياسية والانقلاب الأخير». لكن ما من احد يمكن ان يقر ذلك او ينفيه. والى اليوم لم يتدخل الملك صراحة في حل الأزمة المشتعلة بين الأخوين شيناوترا ومعارضين لهما من مسؤولين سياسين وقيادات كبرى في الجيش».وذكرت مصادر الصحيفة نفسها أن «الملك التايلندي هو سبب في النزاعات الأخيرة، فالملك الذي يعتبر من اكثر الملوك الحاليين بقاء في الحكم ومن أغناهم، هو من يرجح ان يقف وراء كواليس الدراما السياسية والتجارية التي تشهدها تايلند».وأوضحت أن «المواجهات الحاصلة في شوراع تايلند بين فصيلين سياسيين واحد يمثل الحضر والثاني يمثل حركة شعبوية معقلها في الأرياف، وكلا الفصيلين المتنازعين يتوددان الى العائلة المالكة».ويمثل النظام الملكي في تايلند حسب تقرير «وول ستريت جورنال» «قوة تجارية قوية، حيث تمتلك العائلة المالكة أصولا تبلغ قيمتها مليارات الدولارات ومساحات واسعة من الأراضي في بانكوك العاصمة».وحسب تقرير الصحيفة «فان النظام الملكي في تايلند لديه قوة اقتصادية واسعة خصوصا في بانكوك حيث يعمل مستشارون ماليون من خلال 6 مكاتب في البلاد لادراة ملكيات العائلة المالكة التي تقدر حجم عقاراتها بنحو ثلث مساحة بانكوك».

برايوت تشان أوتشا

ولد في 21 مارس 1954 في محافظة ناخون راتشاسيما، تايلند. هو ضابط برتبة جنرال في الجيش التايلاندي، كان من المقرر أن يتقاعد في سبتمبر 2014. هو الآن في السيطرة الفعلية على البلاد كرئيس للمجلس العسكري والمسمى مجلس السلام الوطني والحفاظ على النظام، والذي حل محل الحكومة.وكان في أكتوبر 2010، تمت ترقيته الى منصب القائد العام للقوات المسلحة للجيش الملكي التايلندي كما انه رئيس نادي اتحاد الجيش لكرة القدم.

ينغلوك شيناواترا

من مواليد 21 يونيو 1967 وهي رئيسة وزراء تايلند. هي أول امرأة تفوز برئاسة مجلس الورزاء التايلندي. تم انتخاب ينغلوك كرئيسة وزراء تايلند في 5 أغسطس 2011 بعد أن فازت بـ296 صوتا داعما في مجلس النواب لنيلها منصب رئاسة الحكومة. وقد صوت 3 نواب ضدها في حين امتنع 197 نائبا عن التصويت. في السابع من مايو 2014 قررت المحكمة الدستورية التايلندية إقالة شيناوترا من منصبها بتهمة سوء استخدام السلطة، في حين دافعت الأخيرة عن نفسها بالقول: إنني لم أفعل شيئاً مخالفاً للقانون.. لقد قمت بواجبي في الإدارة بهدف خدمة البلاد.

تاكسين شيناواترا

ولد في 26 يوليو 1949، هو رجل أعمال وسياسي تايلندي، شغل منصب رئيس وزراء تايلند بين سنة 2001 إلى غاية 2006، عندما أطيح به في انقلاب عسكري.في 2006 واجهت حكومة شيناوترا أزمة حيث تداعت عليه المعارضة منددة وضاغطة. اشعل لهيب الأزمة الضارية ضد تاكسن بسبب ضلوعه في قضايا فساد. هذه التهم كانت سببا في الانقلاب عليه ليلة 19 سبتمبر 2006.