تعمّدت المملكة العربية السعودية ان تحيط اول زيارة يقوم بها رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لها منذ تشكيل حكومته بحفاوةٍ اكتسبت دلالات بارزة حضرت في المشهد السياسي المأخوذ بالاستحقاق الرئاسي وفي محاولة رسْم «خريطة طريق» ما بعد الفراغ الذي صار «على الأبواب».وبهذا المعنى لم يكن ممكناً عزْل زيارة سلام في توقيتها عن الانتخابات الرئاسية، ليس من زاوية مسارها المحكوم بأفق مسدود ولكن بالدرجة الاولى من زاوية الشغور المرتقب في سدّة الرئاسة بعد 25 مايو اذ ستملأه الحكومة التي سترث صلاحيات رئاسة الجمهورية فتصبح «حكومة رئاسية»، مع «الحساسيات» الطائفية التي يطلّ عليها مثل هذا الأمر على خلفية فراغ الموقع المسيحي الاول وانتقال صلاحياته الى سلطة تنفيذية يترأسها سني، وهو ما يشكّل خلفية المسعى الذي قام به البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لدى اكثر من مرجع لبناني وحتى خارجي لتأمين «الاستمرارية» فيبقى الرئيس ميشال سليمان في منصبه حتى انتخاب خلَف له.وبحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على ألا تمر زيارة سلام للمملكة دون ان يلتقيه ولو في مطار جدة بينما كان في طريقه إلى المغرب في إجازة خاصّة، وايضاً بالاجتماع المثمر والودي والزاخر بمظاهر الحفاوة مع ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وجّهت الرياض رسالة واضحة حول احتضانها الملف اللبناني، وهو ما يكتسب رمزية كبيرة قبيل دخول البلاد في مرحلة ستشهد فتح أفق مفاوضات اقليمية - دولية لبت الملف الرئاسي على «النار الباردة» للفراغ.واذا كان الاستحقاق الرئاسي شكل «ملف الساعة» في محادثات رئيس الحكومة مع القيادة السعودية وايضاً مع الرئيس سعد الحريري، فان عنوانين آخرين حضرا بقوة وهما الهبة التي قدمتها السعودية بقيمة 3 مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا وملف النازحين السوريين والأعباء الكبيرة التي يعجز لبنان عن تحملها، بالإضافة إلى ما ينجم عنها من مشكلات اجتماعية واقتصادية على كل الصعد.وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس، الذي كان في عداد الوفد الذي رافق سلام الى السعودية ابلغ الى «الراي» ان «الزيارة كانت ممتازة والرياض أظهرت مدى اهتمامها بلبنان».وكشف في الموضوع الرئاسي «أننا لم نسمع من المسؤولين السعوديين سوى الحرص على لبنان، وتشديد على ان المملكة لا تتدخل في شؤوننا»، مشيرا إلى أن الرياض تأمل أن «ننتهي من هذا الإستحقاق بسرعة وأن يتم إنتقال سلمي وديموقراطي للسلطة مع التشجيع على توافق اللبنانيين فيما بينهم على ما يريدونه».وتعليقا على لقاء خادم الحرمين الشريفين والرئيس سلام في المطار، قال: «أراد خادم الحرمين القول بهذا اللقاء السريع ان لبنان في قلبه، وهو أسمعنا كلاماً لطيفاً وقال لنا أنه لا ينسى لبنان»، لافتا إلى أن «هذا اللقاء كان مناسبة لشكر الملك على الهبة السعودية للجيش اللبناني».وحول ملف النازحين السوريين، أجاب: «أبلغْنا المسؤولين السعوديين تصوّرنا القائم على تنظيم الدخول وتنظيم الوجود من ضمن نظرة سياسية تضع المسألة في يد المجتمع العربي أولاً وفي يد المجتمع الدولي ثانيا، لأن لبنان لا يستطيع أن يتحمل عبء هذه الكارثة فهي ليست كارثة طبيعية ولا زلزال بل حدث سياسي كبير»، لافتا إلى «أننا أوضحنا للمسؤولين السعوديين أن البنى اللبنانية بحاجة إلى دعم في ظل الظروف التي نعيشها بسبب النزوح، وهذا ما سيستكمل بحثه لاحقا من الوزارات المختصة».من جهته، اعتبر السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ان زيارة سلام للمملكة «كانت ممتازة ومفيدة جداً، وقد تُوِّجت بلفتةٍ لها مدلولاتها الكبيرة من جلالة الملك عبدالله بن عبد العزيز تأكيداً لاهتمام القيادة السعودية بشؤون لبنان واللبنانيين ودعمهم في مواجهة التحدّيات التي تعترضهم».
خارجيات
درباس لـ «الراي»: الرياض أبلغتنا دعمها إنجاز الاستحقاق بسرعة
السعودية توجّه «رسالة احتضان» قوية للبنان
02:48 ص