بدأت «خبْطات أقدام» الشغور تسبق اولى الخطوات التي يفترض ان يقوم بها الرئيس الجديد للجمهورية في اتجاه «القصر» الذي سيُسلّم في 25 الجاري الى فراغ سيدخل «تاريخ لبنان» لأنه يكرّس سابقة لم تعرفها الجمهورية منذ الاستقلال (العام 1943) وهي ان ينتهي عهدان متتاليان من دون القدرة على انتخاب خلَف ضمن المهلة الدستورية.ورغم اقتناع كثيرين في بيروت ان «حزب الله» الذي ساءت علاقته في العامين الاخيرين بالرئيس ميشال سليمان يريد ان يردّ له «الصاع» بجعله يكتسب «لقب» الرئيس الوحيد منذ الاستقلال الذي يتسلّم سدة الرئاسة من فراغ ويسلّمها الى فراغ، فان «ما وراء هذه الأكمة» يحمل بالتأكيد ما هو أبعد من مجرّد «حسابات ثأرية» لم يتعوّد الحزب بأي حال ان يجعلها تتحكّم بمقارباته للاستحقاقات اللبنانية التي يبقى «مربط خيْلها» اقليمياً ومرتبطاً بكيفية النظرة الى الانتخابات الرئاسية من المنظار «الماكرو» المتصل بصراع النفوذ والاحجام والأدوار في المنطقة القابعة فوق فوهة تحولات بعضها تجري معالجته «بالماء الباردة» وبعضها الآخر «بالنار».في «واجهة» المأزق الذي يطلّ عليه الاستحقاق الرئاسي مع استبعاد ان تفضي جلسة الخميس الى الخروج برئيس يحمل الرقم 13 للبنان قبل 3 ايام من انتهاء المهلة الدستورية، ان مرشّح قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع غير قادر على حصد اكثرية النصف زائد واحد للفوز بالرئاسة، وان مرشح 8 آذار الضمني العماد ميشال عون بدوره لا يملك الغالبية التي تؤهله لدخول «القصر» في ظل اصطدامه بعقبة مسيحية وضعها بوجهه الرئيس سعد الحريري عندما جعل «طريق بعبدا» تمرّ في «معراب» (حيث مقر جعجع) وبكفيا (حيث مقر الرئيس امين الجميل).ولكن «وراء رأس جبل الجليد»، تبرز رغبة اقليمية تختبىء وراء العقد الداخلية وتتحيّن الفراغ الرئاسي لاستدراج تسويات قطباها الداخليان غير مسيحييْن و»القطبة المخفية» فيها جعل الانتخابات الرئاسية في لبنان بند مقايضة مع المجتمع الدولي وتحديداً واشنطن في اطار مفاوضات النووي الايراني بما يفتح امام طهران الباب لإطلاق معركة توزيع كعكة النفوذ الاقليمي.واذا كانت هذه النقطة هي التي وقفت وراء الحرص الذي أبدته عواصم القرار ولا سيما واشنطن وباريس والرياض على «لبْننة» الاستحقاق الرئاسي وإنجازه في مواعيده كي لا يصبح رهناً للعبة المقايضات وموازين القوى الخارجية بالكامل، فان بعداً آخر موازٍ تحكّم في الوقت نفسه بالموقف الاقليمي. فالسعودية تبدو متريثة لاعتبارات تتصل بترتيب اوضاعها الداخلية وهي طلبت ان يكون «الكلام» مع ايران وفق «جدول أعمال». اما طهران فـ «غير مستعجلة» لان موقعها الاقليمي في طور التحسن في ظل مفاوضاتها النووية وتطورات الملفين العراقي والسوري، في حين يقف حلفاؤها في لبنان بعد الفراغ في موقع مرتاح، في ظل رفع «حزب الله» شعار «أهلاً بالفراغ»، المضبوط اساساً بوجود حكومة سترث صلاحيات الرئيس، ما يجعل قوى 14 آذار وامتدادها الاقليمي في موقع المضطر لتقديم تنازلات لإنهاء الشغور الذي لن يستنزف اصلاً الا من رصيد الموقع المسيحي الاول في البلاد والوحيد في العالم العربي.ومَن تسنى له الإطلاع على المحادثات التي عقدها وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في باريس مع الحريري وجعجع ورئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة، وجد ان الفيصل كان في موقع «المستمع» الى ما لدى اللبنانيين في ما خص الاستحقاق الرئاسي، فيما واشنطن تبدو كمَن يتخذ صفة «المباركة» لأي حل وليس «القرار».ومن باريس بدت اللقاءات التي عقدها قادة 14 آذار ولا سيما الحريري وجعجع والسنيورة مؤشراً اضافياً الى استمرار التقابُل الحاد باعتبار ان تفاهم «سين سين» 14 آذار (سعد الحريري وسمير جعجع) لا يمكن إلا ان يعني قطعاً للطريق على عون الذي ما زال ينتظر جواب الحريري على امكان السير به والذي لا يجد مَن «يتبرّع» لإخباره «الخبر السيء» بان زعيم «المستقبل» لا يمكن ان يسير به بعدما ربط ذلك بـ «نعم» من مسيحيي 14 آذار.وتبعاً لذلك، ترتفع حظوظ ان يتأمّن نصاب جلسة الخميس الرئاسية الخامسة، التي ستأتي غداة تحديد رئيس البرلمان نبيه بري يوم غد موعداً لجلسة لتلاوة الرسالة التي وجّهها سليمان للبرلمان ودعا فيها الى التزام الدستور وإنجاز الانتخابات في مواعيدها. وفيما لم تتضح سيناريوات الجلسة الرئاسية الخامسة، فان المعطيات التي تشير الى ان «حزب الله» لن يحضرها، هو الذي حسم ذلك علناً وربطه بالتوافق المسبق على الرئيس العتيد، تجعل من الصعب توقُّع ان يتخللها تصويت كتل 8 آذار التي ستشارك في الجلسة ومن ضمنها كتلة العماد عون للأخير من دون إسقاط احتمال تكرار التصويت بالأوراق البيض او اختيار مرشح آخر للتصويت له. علماً ان اوساطاً سياسية تعتبر ان المشاركة المرجحة لنواب عون هي من باب «تبرئة الذمة» تجاه الكنيسة المارونية المعترضة بقوة على تعطيل النصاب، وتعتبر في الوقت نفسه ان ثمة محاذير تتصل بجعل جعجع ينال اصواتاً أكثر من الاوراق البيض او «المرشح المفاجأة».وبحسب هذه الاوساط فان الجلسة لا يمكن ان يتأمن نصابها الا بعد ان يكون «حزب الله» حصل على ضمانات من النائب جنبلاط، بانه لن يعمد الى قلب الطاولة بتأمين الغالبية لمرشح 14 آذار او أي مرشح آخر قد يُطرح اسمه فجأة.رئيس الوزراء إلى السعودية ولاحقا الكويت
خارجيات
بري حدَّد جلسة غدٍ لتلاوة رسالة سليمان إلى البرلمان
5 أيام تفصل لبنان عن... الفراغ
02:46 ص