اعتاد أبو عبد الله على ارتياد مقهى الجهراء منذ زمن بعيد حتى اصبح علامة مميزة للمقهى، يأتي اليه يوميا في اغلب الاحيان، ولا يغيبه عنه الا مرض شديد، او مناسبة اجتماعية من تهنئة بفرح او تعزية بميت.أبو عبد الله، المتقاعد الذي تركت السنون آثارها على وجهه، يدخل الى المقهى فيتوجه مباشرة الى الركن الاعتيادي الذي يجلس فيه دوما، ومن دون ان ينادي الى العامل تجد طلبه حاضرا في غضون لحظات، حيث يقابله عمال المقهى ومديره بكل ترحاب وسرور، ويتبادلون معه بعض الاحاديث والقفشات الضاحكة. ويؤكد ان المقهى اصبح جزءا من حياته يعيش فيه مع رفاق الدرب ذكريات الماضي، بينما يقدم خلاصة تجربته الى الجيل الاحدث من رواد المقهى الذين يبادلونه الود ويبدون له كل محبة واحترام.قصة أبي عبد الله مع المقهى، تلخص ما تمثله المقاهي الشعبية من أهمية في حياة الكويتيين بشكل عام، وكبار السن خاصة، فتلك المقاهي تراث ضارب في تاريخ الكويت الحديث، أرادت لها الدولة ان تتخذ طابعا اكثر منهجية وحداثة، عندما تولت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أمر تطويرها عبر برنامج الترويج السياحي عام 1977 برغبة سامية من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه.وقد بدأت فكرة المقاهي الشعبية في منطقة شرق واتسعت مساحة انتشارها الجغرافية حتى وصلت الى جميع المحافظات شرقا وجنوبا، وباتت وجهة لجميع الفئات العمرية من ابناء الشعب الكويتي.في مقهى الجهراء تواجدت «الراي» وأخذت آراء رواده والقائمين عليه، حول أهمية المقهى في الحياة العامة وما الدور الاجتماعي الذي يؤديه والتواصل بين الرعيل الاول وجيل الشباب من خلاله، فالتقت المشرف على المقهى ثامر السعيدي الذي اكد ان الكويتيين اعتادوا منذ الآباء والاجداد على التجمع والتواصل والتكافل في ما بينهم من خلال الدواوين وبعض المقاهي الخاصة القديمة حتى اصبحت جزءا من تراثهم المرورث حيث يجتمع كبار السن والمتقاعدين لقضاء أوقات الفراغ وأحياء العادات والتقاليد الكويتية الاصيلة، مشيرا الى ان المقاهي الشعبية لاقت استحسانا لدى الشباب لاكتساب خبرات الرعيل الاول والتواصل معهم، ومن هنا انطلقت فكرة احياء المقهى الشعبي من خلال برنامج الترويج السياحي في عام 1977 والذي كان يرأس لجنته عبد الرحمن المزروعي فكان اول مقهى شعبي بالقرب من المتحف الوطني ثم عرض الامر على أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد رحمه الله فأمره سموه باستمرار المقهى وتحمل كل النفقات وتكليف المزروعي بدراسة تعميم المقاهي الشعبية على جميع مناطق الكويت، وانطلقت الرغبة السامية، وكان أمير القلوب رحمه الله يحرص على زيارة المقاهي الشعبية والدواوين وديوانية الرعيل الاول خلال شهر رمضان حتى تواصل هذا الاهتمام من رعاية كريمة وسامية من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد من خلال زياراته الرمضانية المباركة يرافق سموه في هذه الزيارات سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد والشيوخ والوزراء وكبار رجال الدولة.وعن إنشاء مقهى الجهراء، قال السعيدي انه انشئ في شهر مايو العام 2003 على مسافة 10 آلاف متر مربع، وتم انشاؤه على نفقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ويتكون المبنى من صالة للرجال واخرى للنساء مع المرافق اللازمة للمرتادين بالاضافة الى محال خدمية مثل المطبخ والبقالة وخبز الرقاق والمشويات والنخي والباجيلا وألعاب الاطفال وساحات خضراء للعائلات، لافتا الى ان مقهى الجهراء افتتح في عهد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل طلال العيار رحمه الله.إضافاتوحول الاضافات التي ادخلت على مقهى الجهراء اشار ثامر السعيدي الى ان الحياة تتطور وتتقدم الأمر الذي الزم ادارة المقهى باحداث تغييرات جديدة تتماشى مع رغبة الاهالي فكان من بين الاضافات الجديدة محل للحلويات والآيس كريم، حتى اصبح مقهى الجهراء يجمع بين الحاضر والماضي، بلمسة متطورة ونكهة قديمة.وذكر ان اعداد الزائرين في تزايد مستمر سواء كانت من داخل الكويت أو خارجها فلدينا العديد من الوفود الاجنبية والعربية، فالمقاهي الشعبية اصبحت معلماً سياحياً يظهر وجه الكويت الحديث بثوب الموروث الشعبي والتراث الكويتي، فهي لا تقل اهمية عن شركة المشروعات السياحية، خصوصاً وانها امتدت وتوسعت حتى باتت معلماً سياحياً ترفيهياً يستقطب جميع افراد الاسرة، وعن اسعار الخدمات والالعاب الموجودة في المقهى قال ان ادارة المقاهي الشعبية حرصت على منافسة المواقع الترفيهية الاخرى وتقديم اقل الاسعار مقارنة مع الاسعار المقدمة في اي مشروع ترفيهي آخر حتى نبقى محافظين على زيادة اسقتطاب الزوار واستمرار تواصلهم مع المقاهي الشعبية، ولكي تصبح بيئة جاذبة لهم، فتم وضع سعر موحد لجميع العاب الاطفال الموجودة بمبلغ 300 فلس لكل لعبة وذلك بالتنسيق مع المستثمر.واستطرد مشرف مقهى الجهراء الشعبي ثامر السعيدي متحدثاً عن زوار المقهى، فيؤكد ان اعدادهم في عطلة نهاية الاسبوع تصل الى 5 آلاف زائر فالناس ملت من المولات والاسواق الحديثة، وباتت تبحث عن البساطة والراحة البعيدة عن ضوضاء المدينة وزحمتها، ولهذا حرصت ادارة المقهى على المحافظة على طابع المقهى الشعبي، وتسعى لزيادة مساحة المقهى وتوسعته بالاضافة الى رغبتها في تغيير نوعية الألعاب وذلك لمواكبة الالعاب الحديثة ولكي لا يصيب المقهى العزوف من قبل الأهالي.تراث وتطويروبعد مشرف المقهى استطلعنا آراء رواد المقهى، حيث اجمعوا على اهمية وجود هذه المرافق، مع ضرورة تطويرها بما يواكب العصر، فقال عيسى الكندري ان فكرة المقاهي الشعبية باتت قديمة وتحتاج الى تطوير دائم حتى تكون قادرة على استقطاب الاهالي وتوجههم اليها وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال احداث تغييرات واضافات جديدة تواكب التكنولوجيا الحديثة.واضاف ان الاجيال الجديدة باتت تبحث عن الالعاب الجديدة ولا ترغب بالاخرى القديمة التي كانت في السابق، لان ما طرأ على الالعاب من تطور خطف الاضواء من الالعاب التقليدية التي لم تعد محببة لدى صغار السن.وبين ان كل انسان يرغب في العيش والاسترخاء وقضاء اوقات ممتعة في المقاهي الشعبية بين الموروث الشعبي وحياة البساطة البعيدة عن الكلفة المادية والتكنولوجيا التي باتت تشكل مصدر ازعاج لكثير من الناس.من جانبه، قال عيد الرديني ان مقهى الجهراء الشعبي هو احد المقاهي الشعبية التي جاءت بفكرتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلا انها لم تعمل على تطويرها فمنذ وقت طويل عزف اهالي الجهراء عن ارتياد مقهى الجهراء الشعبي بسبب عدة معوقات دفعت الاهالي الى هذا العزوف.واضاف ان مقهى الجهراء يحتاج الى احداث ثورة داخلية تقوم بها الادارة القائمة على العمل في هذا المقهى لترتقي بالمقهى الشعبي وتلبسه ثوب الحداثة والتطوير حتى يرضي طموح الاهالي ويحقق رغبات الاطفال.واشار الى ان جميع الاماكن الترفيهية الاخرى تتغير وبشكل دائم وفق ما هو جديد وحديث مما يجعلها بيئة جاذبة للزوار في حين المقاهي الشعبية تبقى حبيسة الماضي ولا ترى اي تغيير او تطوير وهو ما يجعلها خالية من الزوار.وطالب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بزيادة الاهتمام بالمقاهي الشعبية والتركيز على العناية بها وتطويرها وفق متطلبات الاهالي والزوار حتى تصبح وجهة لهم خصوصا ان هذه المقاهي لو قامت بالتعاون مع وزارة التربية لاستطاعت تحقيق أرباح جيدة حين تتوجه لهم أفواج الطلبة الزائرين شريطة تقديمها عروضا مخفضة وبأسعار رمزية ميسرة.أما عبد الحميد المطيري فقال ان المقاهي الشعبية فكرة رائدة وجميلة لكنها تحتاج الى عقول واعية تمزج بين الحاضر والماضي بين الموروث الشعبي والتطور التكنولوجي حتى تجد كل الاعمار متعتها في هذه المقاهي وتصبح بيئة جاذبة للاهالي، لكي لا تبقى عبارة عن مبان قديمة ومعدات منتهية الصلاحية وألعاب بدائية.وطالب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على تطوير هذه المقاهي وإدخال كل ما هو جديد من التكنولوجيا الحديثة على هذه المقاهي حتى تصبح مشاريع سياحية جاذبة للزوار خصوصا ان المشاريع السياحية أصبحت ذات طابع جميل ومناظر رائعة تجذب الانظار لها بعكس حال المقاهي الشعبية التي لاتزال قديمة ومهملة.وبين ان هذه المقاهي الشعبية يمكن لها ان تستقطب الناس ويعودوا اليها من خلال تحديثها وتطويرها وتقديمها بأقل الاسعار حتى تنافس المشاريع السياحية الاخرى، شريطة ان تشمل هذه الاسعار المخفضة الالعاب والوجبات التي تقدم للزوار خصوصا انها تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مما يعني عدم سعيها للارباح كما هو حال اي مشروع سياحي آخر.

نظافة... ومواعيد

تقوم ادارة مقهى الجهراء الشعبي بإجراء نظافة شاملة وغسيل كامل لكل محتويات وساحات المقهى في يوم الاحد من كل اسبوع وذلك استعدادا لاستقبال الزوار.ويستقبل المقهى زواره ورواده يوميا من الساعة الرابعة عصرا وحتى الثانية عشرة من منتصف الليل.

المقاهي الشعبية في الكويت

• القبلة• الشرق• السالمية• الشويخ• الصليبخات• الفروانية• الجهراء• أبو حليفة

خدماتها

• إعداد المكان المناسب لقضاء أوقات ممتعة.• توفير وسائل التسلية للرواد والترويح عنهم في أوقات فراغهم.• إعداد الاكلات الشعبية وتقديمها بأسعار رمزية.• إقامة المسابقات المختلفة.• إتاحة الفرصة بالمشاركة في المناسبات الوطنية.• تحقيق الترابط بين الرواد وإحياء ذكريات الماضي.

ثامر السعيدي:

• المقاهي تلقى إقبالاً من الشباب الذين يحرصون على التواصل مع كبار السن• أمير القلوب بارك أول مقهى شعبي وتحمل نفقاته وأمر بتعميم الفكرة على المحافظات

الرواد:

• عيسى الكندري: لا نريدها أن تفقد دورها فيجب تطويرها بالتكنولوجيا• عيد الرديني: بحاجة إلى ثورة داخلية لتلبس ثوب الحداثة•عبد الحميد المطيري: على «الشؤون» مسؤولية مواكبة المقاهي بقية المرافق السياحية