ذكر الخبير الدستوري اللبناني ربيع الشاعر أن «لبنان امام معضلة يصعب تبسيط فهمها خصوصا وان الانتخابات الرئاسية اللبنانية مرتبطة بالتوازنات والتدخلات الاقليمية رغم نفي جميع المعنيين من رئيس الجمهورية ورؤساء الكتل النيابية».وأوضح أنه «على مايبدو أن كلمة السر لاختيار رئيس الجمهورية اللبنانية لم تأت من الخارج حتى الان. ولا أتوقع الاتفاق على الرئيس في الجلسة المقبلة (جلسة اليوم) وأن الامر لم يحسم بعد».وقال: «اتمنى ان يكون اختيار الرئيس في لبنان بناء على ابناء الوطن والتوافق فيما بينهم وأن يكون الاختيار بناء على برنامج ومصلحة الوطن».وذكر أنه «يطالب رئيس الجمهورية المقبل بممارسة صلاحياته الدستورية» موضحاً ان «منصب رئيس الجمهورية له صلاحيات كبيرة وواسعة رغم ظن البعض بأنه منصب بلا صلاحيات».وفسرَ الشاعر في ندوة نقاشية حول الانتخابات الرئاسية في لبنان تحت عنوان «مدخل الى بناء الدولة والمواطنة» في مقر السفارة اللبنانية في الكويت، مساء أول من أمس، المادة 49 من الدستور التى ترعى انتخاب الرئيس ومدى تأثير احترام انتخاب الرئيس وفق الاطر الدستورية على اعطاء فرصة حقيقية لبناء المؤسسات في لبنان وبالتالي بناء دولة قوية قادرة على حماية مصالح ابنائها. وأوضح ان «على الرئيس ان يتمتع بصفات معينة او ان ينتهج نهجا معينا لضمان نجاحه في مهمته وفرض اسلوب عمله مما ينعكس ايجابا على موقع الرئاسة وما تمثل، وبالتالي على نجاح العهد».وأضاف الشاعر أنه «لا يمكن التحدث عن انتخاب رئيس للجمهورية من دون التطرق الى صلاحياته المنصوص عنها في دستور ما بعد الطائف ومدى تمكنه من خلال ممارسته لصلاحياته من تطوير مفهوم المواطنة التي هي اساس الانتماء الوطني الصحيح وبناء الهوية المتنوعة الموحدة بين جميع اللبنانيين».وعرض الخبير الدستوري للتعديلات الدستورية الواجب ادخالها على صلاحيات الرئيس التي برهنت الممارسة ضرورة ادخالها لتسهيل عمل المؤسسات وعلاقة السلطات في ما بينها دون المساس بطبيعة النظام اللبناني».وقال الزميل بشارة شربل الذي قدّم الندوة: «ليس لي الا ان ابدأ من المكان الذي يجمعنا اليوم ورمزيته انه يمثل كل ما نصبو اليه... دولة لبنانية جامعه تجمع تحت جناحيها كل اللبنانيين فيتنافسون ويختلفون على كل شيء الا على الولاء للبنان... ويتسابقون للخدمة العامة وليس للمصالح الشخصية او الحزبية او الطائفية».وأضاف: «من الاستثناءات في سفارات لبنان اجراء لقاء يتناوب شأنا حارا لكن سعادة السفير خضر حلوي ونحن معه نعتقد ان ظل الدولة الذي يجب ان يخيم سيبقى الجو باردا كي نستطيع التشارك في التفكير علنا نخرج بفكرة اصافية او نستنير برأي يزيد قناعاتنا او يحسنها. وسنبقى حتما بعيدين عن السجال والتراشق بالاراء اللذين لم يقدما ولم يؤخرا في السنوات الاخيرة بل زادا حدة الانقسام».وقال: «نحن اليوم ايها الاعزاء في خضم سياسي عنوانه انتخاب رئيس جديد للجمهورية... فهل ينتهي المخاض بولادة طبيعيية ينتجها اللاعبون اللبنانيون قبل 25 مايو الجاري، ام ان خبراء العمليات القيصرية سيتدخلون للانقاذ ام نذهب الى فراغ يعرض الجمهورية الوالدة للخطر ومعها المولود؟... حتى اليوم لا مؤشرات على ان التجارب التاريخية الصعبة التي مر بها انتخاب رؤساء لبنان وعمليات انتقال السلطة التي كانت تحصل بين عهد وعهد قد اثرت على اللاعبين الاساسيين في الاستحقاق وأعني كل المكونات السياسية فالتقت لتأمين هذا الواجب وتحقيق انتقال هادئ وطبيعي. فاللبنانيون لم يتعلموا من التجارب مع انها تجارب دفعنا ثمنها منذ الاستقلال (ميني ثورة) العام 1958 اتت باول عسكري رئيسا للجمهورية اعني فؤاد شهاب وحربا كاملة في1975 وترددات هذه الحرب التى لا تنتهي من الانتهاء. ومن ينسى كيف انتخب الياس سركيس في 1976 على وقع القذائف في قصر منصور عند المتحف».أضاف شربل: «يقال ان لبنان بلد الفرص الضائعة هكذا اضعنا فرصة رئيس يشبه كل لبنان بمعنى انه يجسد العيش المشترك بينهم جميعا، باغتيال رينيه معوض، لتبدأ مرحلة الانقلاب على الطائف التي وثّقها الوزير السابق البير منصور في كتاب في مطلع التسعينيات، يضم اجزاء قيمة خصوصا انه شهادة شاهد من اهل البيت.اود القول ان تجاربنا مُرة، فالرئيس الذي ينتجه فريق بالتحالف مع الخارج او بفعل وجوده يغتال او يتحول الى لعبة في يد من صنعه والرئيس الذي يجسد المشتركات يغتال ايضا او تتم عرقلت جُهده. التمديد تحول لعبة بدل ان يكون استثناء او بقوة الغالبية وتعديل الدستور للاتيان بقائد الجيش صار مثل شربة ماء.جربنا كل المحاولات ولم ننجح منذ انتخاب الرئيس سليمان فرنجيه في 1970 رئيسا صنع في لبنان.هذه 44 عاما من عمر الجمهورية يمضيها اللبنانيون كل 6 سنوات متسائلين متى يتفق الخارج لننتخب رئيسا ومتى تحصل تسويات كي ينتهي الشغور في قصر بعبدا. اخر تجاربنا المُرة كان (صلح الدوحة) الناجم عن (7 مايو)، اتى الرئيس بفتوى سياسية اجمعت عليها كل القوى التى اقتيدت الى الدوحة لتقر المُر الواقع الجديد.عسكري اخر. وانتخاب بالاجماع. والاجماع في الانتخابات مثله مثل التوافق لا يؤدي الغرض من اللعبة الانتخابية التي تفترض معرضة وموالاة واكثرية واقلية، لكن رب ضارة نافعة في بعض الاحيان. واذا كان من المبكر اجراء جردة حساب للرئيس المغادر بعد ايام قصر بعبدا، فاننا سنتذكر حتما انجاز اعلان بعبدا ومواقف الرئيس ميشال سليمان في السنتين الاخيرتين التي مزجت التوازن بالمبادئ وحاولت اعادة العلاقة بين الرئاسة والقوى السياسية الى سوية محترمة واعادت للموقع المسيحي الاول بعض الهيبة».واشار الى ان «الانتخابات المفترضة تجري على وقع اضطراب اقليمي واسع ومشاريع دولية لم تتحدد معالمها النهائية بعد» معتبرا «ان الرئيس المقبل او الجمهورية المعطلة بفعل عدم الانتخاب عليهما التعايش مع جار مضطرب، أي سورية التي تحولت الثورة فيها الى حرب اهلية والتي تم تحوير مطلب الحرية الاصلي فيها الى صراع بين استقرار مزعوم ومتطرفين مجانين. فرئيس لبنان عليه ان يواكب حربا سورية مديدة لا نعلم كم ستطول لكن كل المؤشرات تدل على انها لن تحسم رغم تدللي النظام في بعض المواقع رغم الانتخابات التي اطاحت بآمال جنيف، فافضل ما يمكن ان تطمح اليه الثورة هو استمرار فصائلها في القتال والتقاتل واقصى ما يطمح اليه النظام تحول رأسه الى ما يشبه وضع صدام اثناء الحصار. الى جانبنا العراق، بؤرة ملتهبة اخرى (رئيس الوزراء نوري) المالكي سيتكرر ولو باسم اخر فنفوذ ايران كبير ومستمر والصراع الطائفي لن يهدا مع الاسف».وختم بشارة كلمته بالقول: «كيف للبناني ان يستمر في العيش الصعب والكفاح من اجل لقمة العيش فيما المكونات السياسية تعجز عن انتخاب رئيس، هو الموقع الاول للمسيحيين وهو اساسي في ضرورة ان تكون كل المؤسسات مكتملة لتحاول ان تسيّر شؤون الناس بالحد الادنى فكيف لمعالجة القضايا الوطنية الكبرى؟ ازمة طائفية ام ازمة نظام ام ازمة ولاء للخارج، كلها توصيفات بعضها صحيح ربما تجتمع بنسب متفاوتة لدى القوى السياسية كلها تنتج مازقا كالذي نحن فيه. هل نستطيع ان نتجاوز الاستحقاق فيصير لنا رئيس ثم نبدأ كما الشعوب المتحضرة بالتفكير بتطوير النظام وتأكيد المواطنة فنصير مواطنين وليس رعايا طوائف ومذاهب؟ هل نستطيع ان نتقدم كما الشعوب المتحضرة نحو فصل الدين عن الدولة؟ هل نستطيع ان نبني دولة طبيعية حدودها معروفة ودستورها محترم وسلاحها واحد»؟