بعد 83 عاما حافلة بالعمل السياسي والخيري ترجل رئيس جمعية الهلال الأحمر الكويتية برجس حمود البرجس، ورحل عن الدنيا بعدما ترك إرثا مهنيا وإنسانيا حافلا تشهد له به الكويت وكل الدول التي مرت بأزمات على مدى أكثر من نصف قرن.وقد عبرت فعاليات وشخصيات سياسية وخيرية كويتية عن الحزن لوفاة الفقيد البرجس.فقد أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن الكويت «فقدت اليوم علما من اعلامها ورجلا من اصحاب القامات العالية، العم برجس البرجس بعد رحلة طويلة حافلة بالعطاء والتفاني».وقال الغانم في تصريح صحافي إن الفقيد البرجس كان له دور واضح في كل موقع شغله، «بداية في وزارة الصحة ودوره المعروف في تطويرها، ومرورا بوكالة كونا التي شهدت تحت قيادته ازهى عصورها في المهنية والاحترافية، وانتهاء بدوره الريادي في العمل الانساني والخيري عندما ترأس جمعية الهلال الاحمر الكويتي المعروفة بدورها دوليا».وختم الغانم تصريحه بالقول «في هذه المناسبة الحزينة اعزي اهل الكويت ونفسي قبل اسرة الفقيد برحيل العم برجس البرجس، تغمدك الله بواسع رحمته والى جنات الخلد يا ابا خالد».من جهته قال وزير الصحة الدكتور علي العبيدي ان الكويت فقدت برحيل البرجس قامة شامخة من قامات العمل الخيري الكويتي الذي عملوا على ابراز صورة الكويت في أنحاء العالم كافة.واشاد العبيدي بمآثر الراحل وسيرته الحافلة بالعطاء في وزارة الصحة التي شغل مناصب قيادية بارزة فيها.وقال وزير الاعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح ان وفاة المغفور له باذن الله برجس البرجس تعد خسارة كبيرة للكويت والحقل الاعلامي الذي ساهم في تطوير وارساء قواعده الراسخة ومبادئه الثابتة.وقال الشيخ سلمان في تصريح صحافي ان المغفور له باذن الله يعتبر احد رجالات الكويت الذين ساهموا في بناء نهضتها مشيرا الى ان الفقيد الراحل شارك الى جانب ابناء جيله المخلصين في تأسيس عدد من مؤسسات الدولة الحديثة.واضاف ان البرجس قدم لوطنه واهله الكثير من الخدمات الجليلة التي يذكرها الجميع بالاحترام، اضافة الى انه حقق نجاحات كبيرة في جميع المواقع التي عمل بها والمناصب التي تبوأها، موضحا ان «الفقيد الراحل طيب الله ثراه كان مثالا للمسؤول الناجح الذي عرف عنه حب العمل والالتزام والحرص على النجاح وتطوير الاداء». وقال ان الكويت التي تحرص على تكريم ابنائها المخلصين ستتذكر دائما الفقيد البرجس بالعرفان جزاء على ما قدم من اعمال وانجازات منوها بجهوده في تطوير العمل بوزارة الصحة وتأسيس وكالة الانباء الكويتية «كونا» وجهوده الخيرة في جمعية الهلال الاحمر الكويتي التي امتدت الى الكثير من دول العالم.واكد الشيخ سلمان ان جهود المغفور له باذن الله خلال ترؤسه جمعية الهلال الاحمر الكويتي ساهمت في اعلاء مكانة الكويت في العالم وابراز دورها الانساني ووجهها الحضاري المشرق.وتقدم الشيخ سلمان باحر التعازي باسمه واسم مسؤولي ومنتسبي وزارتي الاعلام والشباب لاسرة فقيد الكويت الكبير وابنها البار سائلا المولى عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته وان يلهم اهله ومحبيه الصبرة السلوان.ومن جهته دعا رئيس جمعية الاصلاح حمود الرومي الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته ويصبر ذويه ومحبيه وهم كثر، مشيرا أن المرحوم من الرجالات الذين خدموا الكويت وأخلصوا في العمل الخيري الانساني.وأضاف الرومي «عرفت المرحوم البرجس في البداية خلال العمل في وزارة الصحة، بعدها تولى الهلال الاحمر وأبلى بلاء حسنا في الاداء وإيصال المساعدات في مختلف انحاء العالم». وأفاد «لا اعتراض على امر الله، وهذا أمر مكتوب والمرحوم له الذكر الحسن وأعماله تشفع له والله يعوض الكويت والعالم الاسلامي خيرا».من جانبه، قال نائب رئيس جمعية الاصلاح عبدالله العتيقي ان المرحوم البرجس رجل صاحب نجدة وصاحب عمل خيري وكريم، ومؤسس الهلال الاحمر واللجنة الشعبية لجمع التبرعات لدعم المشاريع الخيرية.وزاد «أسأل الله أن يتقبله في واسع رحمته ويجعل أعماله في ميزان حسناته، والله يصبر أهله، وأدعو الله أن يكون أبناؤه على شاكلته، وأن يدخله الفردوس الاعلى وجمعية الاصلاح الاجتماعي تنعى وفاة المغفور له وتعبر عن حزنها لرحيله».من جانبه قال مدير ادارة التمكين وتنمية الموارد في الهيئة الخيرية الاسلامية وليد السيف «المرحوم من مؤسسي الهلال الاحمر الكويتي كان له بصمات واضحة في كل الاغاثات من حروب وكوارث طبيعية، وكان الهلال الاحمر له بصمة إنسانية في حال وجود الكوارث».وأضاف «برغم كبر سنه كان المرحوم حريصا ان يتواجد في كثير من المواقع الاغاثية لاسيما في سورية، وكان حريصا ان يحضر الاجتماعات رغم كبر سنه، بل كان متواجدا في مقرات المعرض والاجتماعات وينسق في الاجتماعات يخرج الاعمال بشكل مشرف وله بصمات طيبة في العمل الخيري ونقول لأبنائه في الهلال الاحمر استفيدوا من التجارب التي مر بها برجس البرجس واسعوا لتحقيق الانجازات التي كان يحلم بانجازها».من جانبه، رئيس جمعية احياء التراث الإسلامي طارق العيسى قال: «رحم الله البرجس وغفر له وجعل عمله في الهلال الاحمر في ميزان حسناته»، مشيرا إلى أن له جهودا في إغاثة الشعب السوري ومناطق الكوارث «وكان تواجد الهلال الاحمر ملموسا وعلى رأسهم العم برجس البرجس وأن يعوضهم بقيادة تسير على عمل الخير ومساعدة عموم المسلمين».من جانبها، نعى مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في دولة الكويت «العم برجس البرجس القريب من عملنا والصديق العزيز للمفوضية والشريك في عملنا والأب الحنون لنا وكان دائما يعمل بإخلاص وصدق، والمفوضية تنعى وفاة العم المرحوم برجس البرجس وتتقدم بأحر التعازي لاهل الكويت حيث ترك بصمة إنسانية في العالم من خلال عمله وإنجازاته وأهتمامه بأمور الانسانية وكان أبا للإنسانية».وتقدمت مديرة مكتب المفوضية في دولة الكويت الدكتورة حنان حمدان، نيابة عن المفوضية المتحدة لشؤون اللاجئين والمفوض السامي انطونيو غوتيريس، بخالص التعازي للشعب الكويتي.من جانبه، قال وكيل وزارة الاوقاف الدكتور عادل الفلاح «إن المرحوم كان رجلا متواصل العمل الخيري، وأنه جعل من جمعية الهلال الاحمر ذات عطاء لا حدود له، وهو من الناس الذين يفتخر بهم وكان محفزا للطاقات والعمل الانساني رحمه الله، لقد فقدنا احد رموز العمل الخيري».والفقيد برجس البرجس، من مواليد 21 يناير 1931، يحمل شهادة دبلوم إدارة إعلام بالمراسلة من أميركا. ودبلوم إدارة المستشفيات من بريطانيا.أما عن مسيرته المهنية فبدأ موظفا في شركة النفط من عام 1946 حتى 1949، ثم في وزارة الصحة من 1950 حتى 1964، ثم ترأس البعثة الطبية الكويتية بالجزائر عند استقلالها عام 1962.أصبح وكيلا مساعدا في وزارة الصحة بين عامي 1968 و1973، ثم وكيلا للوزارة من 1973 حتى 1976، ثم تولى رئاسة مجلس الإدارة والمدير العام لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) منذ إنشائها عام 1976 حتى 1992، وتولى خلال هذه الفترة رئاسة اتحاد وكالات الأنباء العربية بين عامي 1986 و1992.من أبرز أعماله الخيرية توليه في الخمسينات من القرن الماضي مبادرة تبني مشروع اللقــــــطاء بالمستـــــشفى الأميري، لانتقال تبعيتهم إلى دائرة الشؤون الاجتماعية. وفي الستينات تولى تطوير فكرة إنشاء وحدة للأطفال غير كاملي النمو (Premature).وفي عام 1966 أصبح عضوا مؤسسا لجمعية الهلال الأحمر الكويتي. كما عمل على المساهمة والمبادرة في إنشاء معهد التمريض، وتبنى مشروع إنشاء بنك الدم بوزارة الصحة.عمل على تقديم المساعدات والتبرعات والإشراف على بنك الدم، لدول المواجهة في عدوان سنة 1967. ثم قاد إدارة حملات لمكافحة وتطويق مرض الجدري عام 1968 بالعشيش والصرايف بمناطق الشدادية والوفرة. وأشرف على تقديم المساعدات والفرق الطبية التابعة لكلٍ من وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر الكويتي بأحداث سبتمبر 1970 في الزرقاء بالأردن. وعمل على تنظيم فرق الجمعية ووزارة الصحة لتقديم المساعدات لدول المواجهة بحرب 1973.في عام 1973 أصبح نائبا لرئيس جمعية الهلال الأحمر الكويتية، ثم أمينا عاما للجمعية عام 1975. وفي عام 1994 أصبح رئيسا لمجلس إدارة الجمعية حتى وافته المنية. ومن أعمال المغفور له الخيرية تبني قضية البوسنة والهرسك، والاشتراك في إرسال وتوصيل المساعدات ممثلاً لجمعية الهلال الأحمر. وكذلك تقديم المساعدات لرواندا عام 1994، وحث الجهات الحكومية والأهلية والتنسيق مع كل من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وجمعية مسلمي أفريقيا. كما اشرف على تقــــــــديم المســــــاعدات للــبنان إثر الظروف التي واجهته «الحرب الأهلية والاجتياح ومجزرة قانا». والمبادرة لتقديم المساعدات لمتضرري الإعصار ببنغلاديش عام 1997.في الجانب الشخصي من حياة الفقيد، كان يتمـــــتع بروح رياضية عالية، رغم ما عاناه من حياة قاسية في صغره، كما أنه رياضي حيث كان أحد لاعبي منتخب الكويت لكرة السلة في الخمسينات. وكما سعى من خلال الرياضة إلى رفع اسم بلده عاليا، سعى كذلك في مسيرته المهنية والإنسانية الخيرية.

الموظفون صدموا بالخبر وغادروا مكاتبهم

الحزن خيّم على جمعية الهلال الأحمر

| كتب فراس نايف |كان يوم أمس استثنائيا في مبنى جمعية الهلال الأحمر، حيث ألقى رحيل رئيس مجلس الإدارة بظلاله عليه فسيطر الوجوم مع إعلان الوفاة، وسادت حالة من الحزن على وجوه الموظفين والعاملين، الذين غادروا مكاتبهم مبكرا بعدما صدمهم الخبر، فيما علق إعلان الوفاة والنعي على لوحة الإعلانات جاء فيه «تنعى جمعية الهلال الأحمر الكويتي فقيدها السيد برجس حمود البرجس رئيس مجلس الإدارة، سائلين الله العلي القـــــــدير أن يتغــــمد الفقـــــيد بواسع رحــــمته ويســـكنه فسيح جناته ولأسرته الكريمة الصبر والسلوان». كما أعلنت الجمعية أن مراسم الدفن ستكون في الساعة التاسعة صباح اليوم الخميس في مقبرة الصليبخات، يليه العزاء في ديوان البرجس بمنطقة الخالدية.الموظفون كانت صدمتهم كبيرة برحيل «الأب الروحي» للجمعية على حد وصف إحدى الموظفات، حيث فاجأهم الخبر فلم يتمالكوا أنفسهم، وتركوا أماكنهم، حيث زارت «الراي» المبنى فكان خاليا إلا من موظفة وعدد قليل من العاملين، الذين أبدوا حزنهم العميق «لوفاة العم برجس البرجس» فيما بدا كذلك مكتب الرئيس حزينا بعدما غادره من كان يشغله سنوات دون عودة.وقد علت على ألسن الموجودين في المبنى الدعوات بأن يتغمد الله الفقيد ويسكنه فسيح جناته.