بعد الجلسة الأولى، فالثانية ثم الثالثة للبرلمان دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، يزحف الفراغ شيئاً فشيئاً نحو القصر الجمهوري في بعبدا. فالنصاب الذي لا يكتمل في كل مرة يهدّد موقع الرئاسة الأولى بالشغور، مع امتناع نواب 8 آذار عن الانضمام الى زملائهم تحت قبة البرلمان لانتخاب الرئيس العتيد رغم تآكل المهلة الدستورية للانتخاب بعد أن بات الخامس والعشرين من مايو قاب قوسين أو أدنى.مستشار الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الدكتور داود الصايغ أكد لـ «الراي» أن «تقبل الفراغ أمر معيب»، لافتاً الى أنه «في أعوام الحروب انتخبنا رؤساء تحت القصف، اذ كانت الفكرة السائدة أن الدستور يجب أن يستمر»، ومحذراً من أن «الفراغ يمكن أن يقودنا الى المجهول».الصايغ الذي أكد أن «الأصدقاء الاقليميين والدوليين من الممكن أن يسهلوا توافق اللبنانيين من دون أن تكون هناك، حسب ما يريد البعض، كلمة سر تأتي»، اعتبر أن «كسر هذه الحلقة المفرغة يحصل عندما يتم اتفاق ما تنتج عنه ملامح للرئيس الجديد»، معتبرا ان «المشاورات السعودية - الايرانية ستبحث أولاً عن المصالح الايرانية السعودية (...) وعندما سيتفقان وسط هذا النزاع العميق والمتشعب والطويل وذات العناصر التاريخية وغير التاريخية والاقليمية العديدة، فلن تكون الاولوية للاتفاق على الرئيس اللبناني».وتعليقاً على الانفتاح بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» (بقيادة العماد ميشال عون) والذي تضاربت المعلومات حول نتائجه لاسيما في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي وتقديم العماد عون نفسه على أنه مرشح «وفاقي»، أوضح أن التحاور تم «لكن لم تحصل أي اتفاقات، ولا تَغيُّر في المشهد السياسي الموجود في لبنان لاعتبارات مبدئية»، مشدداً على أن «تيار المستقبل» ملتزم بمرشح 14 آذار الذي هو الدكتور سمير جعجع».وفي ما يأتي نص الحوار:• جرت مقاربة لنتائج الحوار بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر» بمعلومات متناقضة. حول أي أجندة اتفقتم خلال هذه اللقاءات وخصوصاً اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل؟- الرئيس سعد الحريري يعتمد دائماً سياسة اليد الممدودة للجميع والحوار مع الجميع. كان هناك خلاف سياسي طويل وعميق منذ عدة أعوام بين «التيار الوطني الحر» وفريق 14 آذار. لكن من موقع المسؤولية ولمحاولة تسهيل الأمور لا سيما بالنسبة الى تأليف الحكومة، أعلن الرئيس الحريري من لاهاي، خلال حضوره بدء المحاكمات في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، موقفاً يسهّل التأليف.اللقاء مع العماد ميشال عون هو لقاء مع مكوّن سياسي ذات طابع مسيحي، وقد أَحب الرئيس الحريري أن يتجاوب مع هذا اللقاء، لكن في اطار تسهيل بعض الأمور ومن ضمنها تأليف الحكومة وهذا ما حصل ولم يتعد الموضوع يومذاك أكثر من ذلك.وفي مناسبة الحديث عن مسألة الاستحقاق الرئاسي جرت اتصالات أخرى، ولكن هذه الاتصالات وبسبب التباعد الذي كان موجوداً في الرؤية والتحالفات الداخلية والخارجية، وبالرغم من حصول اللقاء، الا أنه لن يوصل الى أكثر من ذلك. تم التحاور، لكن لم تحصل أي اتفاقات ولا تَغيُّر في المشهد السياسي الموجود في لبنان لاعتبارات مبدئية.• اذا لم يتغيّر شيء الآن، هل يمكن القول ان هذا الانفتاح المستجد من الممكن أن يؤسس لعلاقة مستقبلية؟- الحوار أفضل من المقاطعة، فهو من شأنه التوصل الى ما يمكن أن يجمع بالنسبة الى مصلحة لبنان. والرئيس الحريري في العام 2009، واثر الانتخابات النيابية التي انتصر فيها فريق 14 آذار، أعلن في اليوم التالي أن السماء الزرقاء تتسع للجميع، وأصر على تأليف حكومة اتحاد وطني رغم أنه كان بامكانه تأليف حكومة من لون واحد، وهذه التجربة كانت معاناة طويلة، وانتهت باسقاط حكومة الرئيس الحريري في شكل ظالم خلال دخوله الى البيت الأبيض، وقد تم افتعال اسقاط الحكومة في شكل مشوّه لما يقوله الدستور. ومن المعروف ما حصل لاحقاً بتأليف حكومة من لون واحد.ما يدفع الرئيس الحريري الى هذه السياسة هو ترفّعه عن الأحقاد والنزاعات المضرة بالمصلحة العامة وهو الذي رفع شعار «لبنان أولاً». اذا أراد الآخرون التحاور، الرئيس الحريري لا يقول «لا». لكن هناك حدوداً تتوقف عندها الامور، اذ ليس بين ليلة وضحاها يأتي أحد القادة ويقول أنا وسطي أو حيادي. هذه مسيرة طويلة، هناك الموقف المعتدل، والذي يؤمن مصلحة لبنان... أنا لا أشكك بمواقف الآخرين، ولكنني أعرف ما هو موقف الرئيس سعد الحريري القائم على مد اليد للجميع لما فيه مصلحة لبنان انطلاقاً من الرؤية التي يراها لمصلحة البلد وذلك من موقع الاعتدال الذي يمثله ونبذ العنف رغم أنه وريث أكبر شهيد في تاريخ لبنان، وهو ترجم هذه القناعة عبر الموقف الذي اتخذه عند خروجه من محكمة لاهاي في ما خص تأليف الحكومة. هذه هي الاعتبارات الموجودة عند الرئيس سعد الحريري.وبالنسبة الى انتخابات الرئاسة أعلنت المواقف، و«تيار المستقبل» ملتزم بمرشح 14 آذار الذي هو الدكتور سمير جعجع.• الحوار بين التيارين تزامن مع العد التنازلي للاستحقاق الرئاسي؟- تسمينه حواراً في حين ان ما تم هو لقاءات وليس حواراً، وقد سبق لـ «التيار الوطني الحر» أن أعلن عن لقاءات مع الجميع وشكّل وفوداً وحصلت لقاءات مع الجميع. الحوار أفضل من المقاطعة؛ الحوار في لبنان ضرورة حياة وليس ترفاً سياسياً. لم يكن أحد يتمنى ولا «تيار المستقبل» أن تصل الانقسامات في البلد الى هذا الحد وهذا التشنج والى هذه الانعكاسات الاعلامية التي أثرت على تصرفات المواطنين. ليس هذا توجهنا في «تيار المستقبل» اطلاقاً، لكن الأمور حصلت بهذا الشكل وزادتها الارتباطات والمراجع الخارجية حيث سمعنا أخيراً ما قاله مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الايرانية للشؤون العسكرية يحيى الصفوي عن أن تنامي نفوذ قدرة بلاده يمتد من الخليج الفارسي الى البحر المتوسط، وعن أن «حدودنا الدفاعية وصلت الى جنوب لبنان مع اسرائيل». لا، هذا غير مقبول. هناك مبادئ وحدود وقيم معينة تقود «تيار المستقبل» وحركة 14 آذار لنصل في الحوار مع الآخرين الى ما يمكن أن يجمع وهذا كل شيء.• تزامن هذا الانفتاح مع العد التنازلي للاستحقاق الرئاسي.. العماد عون يريد منكم تبني ترشيحه كرئيس وفاقي؛ تالياً ماذا تريدون منه؟- بالطبع جاءت المبادرة منهم بسبب الاستحقاق الرئاسي. لا ممانعة من قبلنا للحوار ولكن انطلاقاً من المبادئ التي نؤمن بها. للاستحقاق الرئاسي عند «تيار المستقبل» وقوى الرابع عشر من آذار مواصفات؛ ومَن تنطبق عليه هذه المواصفات نؤيده.• ما رشح عن اللقاءات ولاسيما آخرها بين الرئيس الحريري والوزير باسيل جاء متناقضاً؛ ما الذي يدفع «التيار الحر» الى الايحاء بأن الأجواء ايجابية وأن امكان تأييدكم لعون لايزال موجوداً؟- هذا موضوع يُسأل عنه «التيار الوطني الحر». ربما يحاولون جمع توافقات حول الجنرال عون قبل اعلان ترشيحه، لأننا اليوم وصلنا الى مأزق يتمثل في أن المرشح بحسب ما تقرر في البرلمان بالنسبة الى النصاب أصبحت عملية فوزه صعبة، فاذا لم يتمكن من ضمان توفير نصاب انعقاد الجلسة اولاً أي 86 نائباً ومن ثم الحصول على أكثرية الـ 65 صوتاً، فلن تكون انتخابات. والآن لا مرشح مقابل الدكتور جعجع الا النائب هنري حلو، كمرشحيْن رسمييْن. علماً أنه في تاريخ لبنان وفي تاريخ ممارسة نظامنا السياسي لم يكن الترشح هو القاعدة، اذ بما أن الانتخاب يتم من البرلمان كانت المشاورات تتم خارج الترشيح المعلن فترتسم ملامح الشخص الذي من الممكن أن تحصل حوله الموافقات. هكذا جرت الأمور دائماً، باستثناء مرحلة الوصاية السورية التي كانت تفرض رأيها لمرشح معين، والتي عبثت بالدستور وبمسارات النظام السياسي اللبناني.اليوم أصبحت الأمور على ما هي. ومن دون التطلع الى الخارج كي يفرض المرشح، ولكن الأصدقاء الاقليميين والدوليين من الممكن أن يسهلوا توافق اللبنانيين من دون أن يكون هناك حسب ما يريد البعض كلمة سر تأتي، فالأمور لا تتم على هذا النحو. ما من رئيس في لبنان يصل فجأة، المرشح أو الصورة المرتسمة حوله هي نتيجة وجود طويل نسبياً في الحياة العامة ان كان بمواصفات شخصية أو تجربة سياسية نيابية أو غير نيابية، ولذلك فان المشاورات حول الرئاسة اللبنانية كانت دائماً موجودة في تاريخ لبنان. ففي العام 1958 جرى انتخاب الرئيس فؤاد شهاب وهو أكثر رئيس ترك بصمة على الحياة العامة في لبنان لأنه أسس دولة الاستقلال، بتوافق بين الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان رئيس الجمهورية العربية المتحدة يومذاك مع الموفد الأميركي السفير روبرت مورفي، وفي الداخل كان من المعروف أن فؤاد شهاب هو قائد الجيش؛ وقد نجحت هذه التجربة وهي من أنجح التجارب في تاريخ لبنان. هذا لا يعني أن الخارج يفرض الرئيس. الخارج يسهّل.اليوم الوضع العربي غير مؤات؛ مصر منشغلة بنفسها ومنسحبة من التأثير في لبنان، العراق منقسم ومشتت، سورية تعاني حرباً مصيرها مجهول. ولدينا صديقة هي المملكة العربية السعودية من الممكن أن تساعد لبنان، وهي تنظر الى مجموع اللبنانيين، وتعتبر ان الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني، وهذا ما عبّر عنه السفير السعودي (علي عواض عسيري) بهذا الشأن. لكن من الممكن أن يساعدنا الخارج على أن نتفق وليس أكثر من ذلك.• كيف سيتم كسر الحلقة المفرغة؟- عندما يتم اتفاق ما.• محلي؟- محلي اقليمي. اي عندما يتم اتفاق ما تنتج منه ملامح للرئيس الجديد. وأنا لا أقول ان الخارج سيفرض فهو لن يأتي بشخص من المجهول. ما أقصده أن هذه المقولة عن الرئيس القوي في لبنان ليست مقولة صائبة، فالرئيس القوي في مفهوم بعض الأشخاص الذين حددوا مواصفات الرئيس القوي ماذا يعني؟ فهذا الرئيس القوي لم يأت في لبنان مرة بهذه المواصفات، هناك رؤساء أصبحوا أقوياء لاحقاً مثل الرئيس كميل شمعون، فهو بات قوياً بعد الرئاسة بمناسبة أحداث 1958 وأسس الحلف الثلاثي وناهض الشهابية وأصبح زعيماً شعبياً فيما بعد وليس أيام الرئاسة.الرئيس فؤاد شهاب الذي كان قائداً للجيش أصبح أقوى رئيس في لبنان فيما بعد، لأنه حقق انجازات وأسس تيار الشهابية الذي يتواجد أنصاره حتى الآن. ليست صلابة الشخصية وحدها الكافية؛ الرئيس سليمان فرنجية كانت شخصيته قوية لكن «خربنا»، وأنا لا أقول هنا أنه كان المسؤول عن هذا الخراب.الرئيس القوي ماذا يستطيع أن يفعل؟ فهو كان يملك صلاحيات لا يتمكن من استخدامها في غالبية الوقت، فكان رئيس الوزراء موجود وهو بحاجة الى موافقته وتوقيعه. الرئيس الوفاقي ليس بالضرورة رئيساً ضعيفاً. على العكس مَن تتجمع حوله «الموافقيات» يعني ذلك أنه قوي بموافقات الجميع.اما بالنسبة الى الصلاحيات فهذه مسألة أخرى. اذ بعد اتفاق الطائف وفي الدستور الجديد نُقل قسم كبير من صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً الذي يترأسه رئيس الجمهورية عندما يشاء، كما ان بعض الصلاحيات الرئاسية تغيرت ولا سيما في موضوع تعيين رئيس الوزراء، اذ أصبحت هذه الصلاحية مقيدة بالاستشارات النيابية الملزمة. ولكن رئيس الجمهورية في لبنان هو لاعب سياسي أساسي بحكم ما يمثل ومَن يمثل، ولهذا السبب لولا تلك الأهمية لما وصلنا الى هذه الازمة. فهي دليل على أن رئيس الجمهورية شخص مهم جداً في الحياة العامة اللبنانية والدستور، هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن وحامي الدستور.التاريخ الحديث يؤرَّخ بولايات رؤساء الجمهورية. وأعتقد أن في المرحلة التي وصلنا اليها اليوم تتم مشاورات واتفاقات داخلية وخارجية. السفير السعودي أعلن أنه لن يتدخل وحتى الأميركيون لن يتدخلوا فهم انسحبوا من كل قضايا الشرق الأوسط. ولكن لبنان الآمن والمستقر غير متروك بدليل انعقاد مؤتمر دولي مهم في باريس قبل شهر تقريباً، وقبله عُقد مؤتمر في نيويورك. ولكن اللبنانيين لديهم نزعة قديمة بسبب تراكمات تاريخية، اذ انهم ينتظرون أن يأتي الأمر من الخارج، وهذا أمر غير صحيح ولا صحي. فلا الخارج يريد التدخل ولا غالبية اللبنانيين يأتيهم الأمر، لكن لبنان بلد صغير محاط بالأخطار وكان يشهد دائماً تدخلات خارجية وعانى من نظام وصاية بقي ثلاثين عاماً واستمرت تأثيراته فيما بعد.اليوم بتنا نتقبل الفراغ، وهذا أمر معيب. بينما في أعوام الحروب انتخبنا رؤساء تحت القصف، وكانت الفكرة السائدة أن الدستور يجب أن يستمر؛ اي حفظ الاستمرارية الدستورية. الرئيس الياس سركيس انتُخب في قصر منصور وليس في البرلمان وقد وصل النواب اليه تحت القصف. الرئيسان بشير وأمين الجميل انتُخبا في ثكنة الفياضية. الرئيس سركيس أقسم اليمين في شتورا. الرئيس رينيه معوض أقسم اليمين في مطار القليعات؛ كان الحرص كبيراً على استمرار الحياة الدستورية، لكن قُطع هذا الأمر مع انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود. حيث فرضت جهات الفراغ، فيما يجب أن يكون هذا الفراغ معيباً وغير وارد.الدستور لم يخطط للفراغ فهو نص في المادة 74 على أنه «اذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، واذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية دون ابطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية». اذاً الدستور حريص الى هذه الدرجة على عدم حصول فراغ. المشترع لم يخطط للفراغ؛ الفراغ هو نتيجة عقول البعض.• نجد «تيار المستقبل» متمسكاً من جهة بمرشحه الدكتور جعجع، بينما نجده من جهة أخرى منفتحاً على الطرف الآخر... ألا تضعف هذه الازدواجية موقف 14 آذار؟- ما من ازدواجية في الموقف أبداً. فنواب «تيار المستقبل» يحضرون الجلسات، واذا تم الانتخاب سيقترعون لمرشح 14 آذار. أما اذا كانت تتم مشاورات فهذا أمر تفرضه المصلحة الوطنية للخروج من المأزق ولا يعني ذلك تغيير التحالفات ولا تغيير المبادئ والقواعد.• يخشى البعض من أن يؤدي ضغط الفراغ الى فرض الطرف الآخر رئيساً بدفتر شروطه، مستخدماً الورقة الأمنية كأحداث السابع من مايو 2008؟- الفراغ من الممكن أن يقودنا الى المجهول وهذا ما يكرره الرئيس سعد الحريري. المجهول مخيف اذ لا نعلم الى أين نذهب. ليس بالضرورة أن تتكرر هذه الأحداث، ولكن الفراغ يعني أن حبل الشرعية انقطع. صحيح أن الدستور يقول انه اذا شغر منصب الرئاسة لأي علّة كانت تؤول الصلاحيات الى مجلس الوزراء ولكن هذا يكون لبضعة أيام لا لمدة طويلة. اذ يتم افتراض تعرض الرئيس لحادث صحي أو وفاة أو استقالة مفاجئة. وقد حصل هذا الأمر في العام 1952 عندما استقال الشيخ بشارة الخوري ولم يتمكن من تشكيل حكومة ثم شكلت أخرى جيء فيها بقائد الجيش فؤاد شهاب الذي استمر مع ثلاثة وزراء لبضعة أيام الى حين انتخاب رئيس جديد، وهذا ما يعنيه نقل الصلاحيات. بينما في العام 1988 عندما انتهت ولاية الرئيس أمين الجميل كانت حكومة الرئيس سليم الحص وانقسام معين، وقد تكرّرت تجربة 1952 مع العماد ميشال عون على أساس بضعة أيام، لكن طالت القصة ووقعت الحروب وحصل ما حصل منذ ذلك الحين. واليوم يكرر الرئيس سلام أن حكومته ليست موجودة لملء الفراغ الرئاسي، وهذا هو حرص جميع المخلصين وهذا هو منطلق سعد الحريري سواء بمشاوراته أو اتصالاته الداخلية والخارجية اي الحؤول دون الفراغ. وهو تحدث مع البطريرك الماروني (بشارة بطرس الراعي) في هذا الشأن، فالفراغ هو المجهول ويعني أن المؤسسات توقفت. الدستور في لبنان له علاقة بالكيان ومبررات الوجود، وهو كان تعبيراً عن كل ما يمثله لبنان، ولم ينقطع خيط الشرعية أبداً. اليوم المؤسسات ستكون في خطر اذا لم ننتخب رئيساً للجمهورية.• كيف تقرأون دخول الرئيس أمين الجميل على خط الاستحقاق الرئاسي، وهل سنشهد تغيراً في تكتيك 14 آذار لادارة المعركة الرئاسية؟- هذا السؤال يُوجه للرئيس الجميل، لكن ما أعلمه أنه من موقع مسؤوليته كقطب في 14 آذار ورئيس جمهورية سابق ورئيس حزب مسيحي وازن، يسعى للقيام باتصالات في سبيل حلحة الموضوع. وقد زار ويزور القيادات المسيحية وغير المسيحية ليرى أي امكانية للخروج من هذا الوضع. هذا ما أستطيع أن أقرأه وأراه. الرئيس الجميل سيزور الكل وهذا مسعى يقوم به بصفته مسؤولاً سابقاً ومسؤولاً سياسياً حالياً كبيراً من دون أن يعلن ترشيحه، فأنا لا أعتقد أنه يسعى فقط لمعرفة ما هي الامكانات له، بل كيفية الخروج من هذا المأزق.• يرى البعض في عودة سفير المملكة العربية السعودية الى لبنان علي عواض عسيري مؤشراً الى دور ستلعبه المملكة في هذا الاستحقاق؟- السفير عسيري كان أعلن أن الوضع الأمني تحسن. أنا لا أستغرب مساعدة السفراء الأصدقاء سواء كانوا من دول شقيقة أو دول صديقة، لبلد صغير محاط بالحروب، ولا سيما حرب سورية التي أثقلت علينا بشرياً واقتصادياً وسياسياً، ولا مانع من مساعدة الأصدقاء لنا وهذا لا يعني ان يأتوا لنا برئيس بل مساعدتنا على الاتفاق. وهنا الفارق بين السعودية التي تساعد اللبنانيين على الاتفاق وبين دول أخرى كان هدفها أن تكون المرجعية لخلافات اللبنانيين. السعودية دورها توفيقي ومساعدة اللبنانيين على ايجاد حلّ، وليس الاتيان برئيس والقول لنا انتخبوه، فهذا لن يحصل؛ لا هم يفعلونها ولا هذا الأمر سيتم.• يراهن فريق الثامن من آذار على اتفاق سعودي - ايراني كتسوية؟- السفير السعودي أجاب على هذا الأمر، ولكن اذا تم هذا الاتفاق الذي لا أعلم متى يحين. الا أن المشاورات السعودية - الايرانية ستبحث أولاً عن المصالح الايرانية السعودية، لا أن نقفز للقول انهما سيتفقان على الرئيس اللبناني. ومن الخطأ الاعتقاد ان العالم كله يدور حولنا، فهذه عقلية عند اللبنانيين. عندما سيتفقان وسط هذا النزاع العميق والمتشعب والطويل وذات العناصر التاريخية وغير التاريخية والاقليمية العديدة، فلن تكون الاولوية للاتفاق على الرئيس اللبناني. فايران تتحاور مع الولايات المتحدة، وهي داخلة في حرب سورية وتعلن عن طموحاتها بالجنوب اللبناني. هناك ملف كبير. لكن اذا اتفقت ايران والسعودية فهذا أمر له انعكاسات ايجابية.• متى تتخلى 14 آذار عن تمسكها بالدكتور سمير جعجع وتذهب الى الرئيس التسوية؟- حتى الآن لايزال الدكتور جعجع هو مرشح 14 آذار.
متفرقات - قضايا
حوار / مستشار رئيس الحكومة الأسبق أكد أن لقاءات «المستقبل» - «عون» سهّلت ولادة الحكومة ولن توصل إلى أكثر
داود الصايغ لـ«الراي»: الحريري ملتزم بترشح سمير جعجع و«الاتفاق» السعودي - الإيراني لن يكون ... على الرئيس اللبناني
داود الصايغ
02:46 ص