مع احتفال الكويت في الرابع من مايو الجاري باليوم العالمي للمرور أسوة بدول العالم التي احتفلت به، ثار سؤال محوري عن الهدف من احياء هذة المناسبة وهو هل يعد هذا اليوم مناسبة ترفيهية تحظى ببعض الفعاليات وينقضي بانقضائها أم انه يمثل مناسبة تنبئ بوجود مشكلة تحتاج الى ان توضع تحت الاضواء بحثا لها عن حل خصوصا ان الامم المتحدة حددت هذا اليوم للاحتفال ضمن مساهماتها لزيادة الوعي المروري بين الشعوب ولاعطاء القضية المرورية الدعم اللازم لكونها اصبحت قضية دولية، تترتب عليها اثار سلبية متعددة.والاحتفال باليوم العالمي للمرور، في الرابع من مايو كل عام، احتفالية عالمية أقرها مؤتمر جنيف في 1969 وتبنتها جامعة الدول العربية في 1972 لتكون مؤتمرا سنويا تحتفل فيه الشعوب كافة بالسلامة المرورية وتذكر أبناءها عبرها بأخطار الحوادث وحرمة الدم والممتلكات.ولا شك ان أهمية القضية المرورية قد وضعتها على سلم الاوليات الاممية، انطلاقا من المخاطر الناتجة عنها بسبب الهدر الكبير في الارواح والاموال، ناهيك عن قضايا الزحام وتبعاتها المنعكسة على الامن الاقتصادي والاجتماعي.ويكفي ان نتصفح التقرير الاخير لمنظمة الصحة العالمية حول الخسائر المرورية لعام 2014 في العالم اجمع لنتعرف على حجم المأساة وعظم الخطر الذي يعيشه العالم يجعل من تلك المناسبة (اليوم العالمي للمرور)، فرغم ان شعار اسبوع المرور العالمي للعام الحالي 2014 جاء تحت شعار «معا نحو بيئة مرورية آمنة للجميع» تنفيذا لتوجيهات المؤتمر الـ14 لرؤساء أجهزة المرور لم يشفع ذلك لايجاد تلك البيئة الامنة التي ينشدها العالم بدليل الارتفاع الكبير في معدل الوفيات في العالم والذي وصل الى 3240 حالة وفاة في اليوم الواحد، معظمهم من البالغين.ويشير التقرير الاممي الى ان 80 في المئة من عدد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور سيرتفع في البلدان النامية بحلول 2020 ما لم تتخذ اجراءات فورية من أجل تحسين السلامة على الطرق، كما يبين كذلك تسجيل اكبر المعدلات من الحوادث في أفريقيا والشرق الأوسط، ومعظم الوفيات من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما.ويوضح التقرير ان عدد حوادث المرور في العالم العربي خلال عام 2000 فقط نصف مليون حادث أسفرت عن مقتل 62 ألف انسان بينما في أميركا يموت كل عام 43 ألف شخص في حوادث الطرق، وينتج عنها 50 مليون اصابة او اعاقة، مشيرا الى ان الحوادث على الطرق هي ثاني أهم أسباب وفيات الأحداث والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و29 عاما في جميع انحاء العالم، وينتج عنها مقتل ما يقارب مليون ونصف المليون شخص سنويا وهي تعتبر الحوادث المرورية ثالث أهم أسباب وفيات الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 عاما.وحول الخسائر المادية، عدد التقرير خسائر الحوادث سنويا ويقدرها بنحو 518 مليارا من الدولارات على المستوى العالمي، معتبرا ان تلك الخسائر لو وجهت للسلامة المرورية لما عانينا من هذا النزيف المتواصل من الارواح والاموال، داعيا الى اعتماد عدد من انظمة السلامة المرورية لمواجهة هذه الافة ولتقليل حجم الخسائر ابرزها: استخدام أحزمة المقاعد التي تسهم بنسبة 61 في المئة في تقليص الخسائر بأنواعها وكذلك استخدام مقاعد السلامة للأطفال والتي تقلص الخسائر بنسبة 35 في المئة واستعمال «خوذة الرأس» للدراجات فهي تقلل نسبة الحوادث بنسبة 45 في المئة بينما دعا التقرير الاممي الى تقليص السرعة ولها دور في تخفيض الخسائر بنسبة 2 في المئة.وهذا المؤشر الخطر جعل الكويت من الدول التي أعطت القضية المرورية جل اهتماماتها وشرعت بالعمل على اكثر من خط ومع اكثر من جهة في سبيل مواجهة مخاطر القضايا المرورية وعملت مع الامم المتحدة من خلال اعتماد استراتيجية مرورية وبجدول زمني تحت اشراف ومتابعة الامم المتحدة وكذلك العمل عربيا من خلال مؤتمر وزراء الداخلية العرب وخليجيا من خلال الاسبوع المروري الخليجي الموحد والذي يتم الاحتفال به خليجيا كل عام في شهر مارس اضافة للجهود الداخلية.وفي هذا الصدد، يقول وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المرور اللواء عبدالفتاح العلي «ان قضية المرور ليست حكرا على قطاع او وزارة معينة لحلها فالحل رهن بتضافر جميع مؤسسات المجتمع المدني والرسمي لحلها»، مؤكدا ان «الازمة المرورية المتمثلة في الاختناقات والحوادث المرورية قضية عالمية وتجتهد الدول لحلها ونحن بالكويت قطعنا شوطاً على صعيد تقليص نسبة الحوادث والوفيات والمؤشرات توضح ذلك»، عازيا الامر الى الاستراتيجية المرورية المطبقة باشراف ومتابعة من الامم المتحدة.وأضاف العلي: لله الحمد والشكر والمنة على ان الحوادث المرورية تناقصت بالكويت خلال العامين الاخيرين من 7000 حادث مروري الى 1250 حادثاً وذلك كله بسبب التواجد المستمر في مواقع الحواث المرورية وحوادث الوفيات حيث تم التركيز على النقاط السوداء التي شخصت من قبل خبراء الحوادث الذين اقاموا ورش عمل خلال فترة تواجدهم بالكويت وما في شك باننا نعمل على مدار الساعة لتخفيض عدد الحوادث».وأفاد بان «تشديد العقوبات المغلظة بحق السرعة وقطع الاشارة الضوئية ونشر الكاميرات بصورة اكبر لضبط المخالفين وتفعيل عقوبات الحبس وسحب الرخص والنقاط السوداء وكذلك دفع الغرامات والاحالة للمحاكم، كان له بالغ الأثر في الوصول الى النتيجة الحالية».واضاف العلي: «الكويت الآن تحت مجهر الامم المتحدة كونها الاولى في الدراسات الاستراتيجية المرورية التي اتمنى تعاون قائدي المركبات في تطبيق القانون وانظمته ولوائحه حتى نقي مجتمعنا من الحوادث والفوضى المرورية لنكون رفعنا مستوى الوعي والثقافة».وزاد: «نحن نعول ونشد على يد السائق الذي يرتدي حزام الامان ولا يستعمل الهاتف النقال لا سيما ان نسبة الحوادث من جراء الهاتف والسرعة وعدم الانتباه وصلت الى 90 في المئة»، مشيرا الى ان «الكويت وضعت دراسة علمية للوقوف عند مشكلتها المرورية ووجدت ان الزحام سببه عمليات الصيانة والانشاءات والتصليحات التي تتم على شبكات الطرق خصوصا ان هناك طرقا لم يطرأ عليها اي تعديلات منذ 40 عاما».يبقى ان نؤكد ان الكويت سبقت مثيلاتها من الدول وقطعت اشواطا من التعامل مع المشكلة المرورية بأبعادها كافة وقامت بفتح آفاق التعاون مع الامم المتحدة سواء لتنفيذ استراتيجية الامم المتحدة او الاستعانة بالخبراء والمستشارين منها واقامة ورش العمل المتواصلة طوال العام وهي خطوات تثبت ان العمل على القضية المرورية بالكويت يسير بخطى ثابتة ومدروسة وسيكون هناك بوادر امل وانفراجة مستقبلية.
محليات
حددت له الأمم المتحدة الرابع من مايو من كل عام لتدق ناقوس الخطر
اليوم العالمي للمرور ... ترف أم حاجة؟!
عبدالفتاح العلي
05:27 ص