الاستحقاق الرئاسي في «غرفة العناية المركّزة»، فإما يخرج منها قبل 25 مايو الجاري بانتخاب رئيس جديد، وإما يقع المحظور فيشغر الموقع المسيحي الاول في لبنان والوحيد في العالم العربي وتنفتح الامور على احتمالات غامضة تصبح معها الانتخابات الرئاسي رهينة لعبة خارجية بالكامل تُدخِل هذ الملف في «بازار» المساومات والمقايضات فتربطه بـ «صواعق» الأزمات المتفجرة في المنطقة كما بمساعي سحب «فتائل» بعض القضايا الساخنة.وقبل 12 يوماً من انتهاء المهلة الدستورية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، ارتفعت وتيرة «الضغط السياسي والنفسي» في اطار لعبة «عض الأصابع» التي بات فريقا 8 و 14 آذار في لبنان يمارسانها، الاول تحت عنوان «أهلاً بالفراغ الذي يبقى افضل من رئيس ضعيف او لا يحمي المقاومة» والثاني تحت عنوان «الفراغ ممنوع لأنه قاتل ويشكل خللاً في الميثاق الوطني» مع الترويج لمعادلة «إما رئيس جديد في الموعد الدستوري او التمديد للرئيس الحالي ميشال سليمان تحت شعار تأمين الاستمرارية».وقد تقاطعت عوامل الضغط الداخلي والخارجي لإتمام الانتخابات الرئاسية في موعدها، وتداخل فيها البُعد السياسي مع العنصر الاقتصادي - المالي وفق الوقائع الآتية:* تشكيل سفراء الاتحاد الاوروبي في لبنان مع السفير الاميركي ديفيد هيل ومن خلفهم الدول التي يمثلونها ما يشبه «خلية الأزمة» التي تجتمع مواكبةً للاستحقاق الرئاسي وسط معلومات عن ان بياناً سيصدر عنها في الساعات المقبلة وقبل الجلسة الرابعة للانتخابات الرئاسية بعد غد ويتلوه الممثل المقيم للامين العام للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، على ان يعّبر عن موقف المنظمة الدولية وعواصم القرار من الاستحقاق الرئاسي ويحضّ الاطراف على ضرورة اجرائه في موعده الدستوري.وبحسب المعلومات فان الموقف الدولي يدعو الى اعتبار توفير النصاب القانوني لجلسة الانتخاب امراً ضرورياً وان حصول الانتخابات أهمّ من الشخص الذي يمكن ان يصل، وهو ما فُسّر على انه دعوة مضمرة ومن ضمن «الواقعية السياسية» الى تحييد «مرشحي المعركة» من الفريقيْن اي الدكتور سمير جعجع عن 14 آذار والعماد ميشال عون عن 8 آذار لمصلحة مرشح قادر على ان يؤمن العبور بالاستحقاق الرئاسي الى شاطىء الامان ولا سيما في هذه اللحظة العاصفة اقليمياً.* تصدُّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي واجهة المشهد الداخلي امس من خلال إطلاقه سلسلة اتصالات في اطار حض الأقطاب الموارنة وتحديداً العماد عون والنائب سليمان فرنجية على الوفاء بالتزاماتهم لجهة تأمين نصاب جلسات الانتخاب، ملوّحاً بـ «عصا» أن تعثر إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده يفرض ضرورة بقاء الرئيس سليمان في قصر بعبدا ريثما يُنتخب رئيس جديد.وشكّل هذا العنوان محوراً في اللقاء الذي عقده الراعي امس مع الرئيس السابق رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» امين الجميّل الذي حرص على تظهير هذا الخيار من خلال اعلانه رداً على سؤال ان «البطريرك مع ايجاد اي توجه لتأمين الاستمرارية» بحال لم تحصل الانتخابات الرئاسية وعدم ترك الموقع الرئاسي شاغراً، موضحاً ان ثمة «ضرورة لايجاد كل الوسائل لعدم حصول فراغ في سدة الرئاسة لان الفراغ ليس طبيعياً كما يقول البعض بل هو خطير جداً ومدمّر وانتحاري لمستقبل المؤسسات في البلد»، ومطالباً «القيادات المسيحية بأن تتضافر الجهود لنتجاوز المحنة ونؤمن انجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده».على ان الأكثر إثارة في هذا السياق كان الزيارة التي قام بها مدير مكتب زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري نادر الحريري للبطريرك الراعي وسط معلومات اشارت الى انه أبلغ الى رأس الكنيسة المارونية رسالة مفادها ان لا مانع لدى زعيم «المستقبل» من استمرار الرئيس سليمان في مهماته بعد 25 مايو.وترافقت حركة الجميل والحريري باتجاه بكركي مع الكشف عن لقاء عقده الرئيس سعد الحريري في باريس مع النائب سامي امين الجميّل تخلله بحث في آفاق الاستحقاق الرئاسي والخيارات الممكنة لقوى 14 آذار في المرحلة المقبلة.وكان إعلام 8 آذار تحدث عن إعداد احد مستشاري سليمان فقرة صغيرة تتيح له التمديد لنفسه في حال تعذُّر انتخاب خلف له انطلاقاً من ضرورة الإنصاف بين الطوائف ومعاملة الموقع المسيحي الأول بالأهمية ذاتها التي يتعامل فيها السنّة مع رئاسة الحكومة والشيعة مع رئاسة المجلس النيابي ثانياً، علماً ان مثل هذا «التمديد» وإن من باب «تصريف الاعمال» يحتاج الى تعديل دستوري في جلسة نيابية يحضرها ثلثا اعضاء البرلمان وهو الرقم الذي لم تنجح حتى اليوم قوى 8 و14 آذار في تأمينه لانتخاب رئيس جديد.ويُذكر ان الرئيس سليمان قال في حديث صحافي رداً على سؤال حول ما تردد عن مساع يقوم بها البطريرك الراعي للتمديد أو تعليق المهل الدستورية: لم يتحدث معي في هذا الموضوع.