ترسم الوقائع العلنية والمبطنة الجارية على مسرح الاستحقاق الرئاسي في لبنان ملامح الاقتراب من ساعة الحقيقة التي ترجّح حلول الفراغ في المنصب الدستوري الاول في البلاد بما لا يبقى معه سوى هامش قصير وضيّق جداً لإمكان حصول مفاجأة انتخابية لم يعد غالبية المعنيين بالاستحقاق تتوقع حصولها في ما تبقى من المهلة الدستورية التي تنتهي في 25 مايو الجاري.ذلك ان مصادر تتحرّك بقوة على خطوط المراجع اللبنانية ولا سيما منها قصر بعبدا ومقرا رئاستيْ مجلس النواب والحكومة أفصحت أمس لـ «الراي» عن وجود انطباعات شبه ثابتة وموحدة لدى هذه المراجع بأن عصر شغور الرئاسة الاولى بدأ يزحف بأخطاره المحققة من الآن وان فرصة استدراك هذا الخطر باتت شبه منعدمة.حتى ان هذه المصادر تعزو ما أسفرت عنه الجلسة الاخيرة لهيئة الحوار الوطني في قصر بعبدا في مطلع الاسبوع الجاري والتي غاب عنها نحو نصف الأعضاء في الهيئة الى إدراك ضمني لدى الجميع بان التعقيدات التي تواجه الاستحقاق الرئاسي أمست أكبر من ان تُذلل في ما تبقى من المهلة الدستورية، ولذا جاء البيان الختامي لجلسة الحوار ليشدد على خطورة الفراغ الرئاسي من جهة ونفي اي اتجاه لعقد مؤتمر تأسيسي والمسّ باتفاق الطائف والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين من جهة اخرى.وأشارت المصادر الى ان عملية التكيّف مع الفراغ المرجّح قد بدأت فعلاً ولو لم يعترف بذلك ايّ معنيّ او مسؤول، بل ان بعض المؤشرات العلنية الى هذا التكيف ستُترجم في العمل على إصدار دفعة جديدة من التعيينات في جلسة مجلس الوزراء اليوم من منطلق توظيف التفاهمات السياسية داخل الحكومة التي ستصبح على محك صعوبات قد لا تسمح بالاستمرار على الوتيرة نفسها متى حلّ الفراغ الرئاسي وانتقلت صلاحيات رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً بعد 25 مايو.واذا كان رئيس الحكومة تمام سلام بدأ التلميح والتحذير من تأثيرات سلبية على الحكومة والمؤسسات اذا حصل الفراغ الرئاسي، فان المصادر نفسها كشفت ان الامر لا يقف هنا فقط بل ان ثمة داخل فريق «14 آذار» تحديداً اتجاهاً الى إثارة مسائل اساسية دستورية وقانونية تتعلق بفترة الفراغ ستقفز الى الواجهة في وقت قريب. ومن هذه المسائل إثارة موضوع نصاب الثلثين للانتخابات الرئاسية الذي مكّن فريق «8 آذار» من تعطيل الجلسات الانتخابية فيما لا شيء محسوماً في الدستور لجهة استمرار نصاب الثلثين في الدورات التي تلي اول جلسة انتخابية. كما ان هناك مسألة تتعلق بالاستمرار في عقد الجلسات التشريعية بعد انصرام المهلة الدستورية وهل يجوز عقدها ام يفترض توقفها الى حين انتخاب رئيس جديد في ظل تقارير عن ان رئيس البرلمان سيستمر بالدعوة لجلسات تشريعية حتى لو حلّ الفراغ.ووسط هذه الاجواء لا تتردّد المصادر نفسها في الحكم سلباً على ايّ تحرك داخلي يجري لإنقاذ الاستحقاق في موعده على غرار التحرك الذي يقوم به رئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميل الذي زار امس في بنشعي (زغرتا - الشمال) رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، معربة عن اعتقادها ان هذا التحرك لن يفضي في أفضل أحواله الى أكثر من طرح الجميلنفسه كمرشح الفرصة الأخيرة بديلاً من كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع من دون توافر اي فرصة جدية لتحقيق توافق واسع حوله.ومع ان المصادر اكدت ان جعجع يظهر استعداده لتجيير ترشحه والأصوات التي نالها في الدورة الاولى لاي مرشح اخر من فريق «14 آذار» يمكن ان يحظى بغالبية اكبر في الاصوات، فان المصادر بدت واثقة من ان فريق «8 آذار» لن يبدّل نهج تعطيل النصاب في وجه اي مرشح من فريق «14 آذار» والمضي في رهن الاستحقاق لموضوع ترشح عون في التوقيت الذي يراه الأخير ملائماً له.وفي اعتقاد هذه المصادر ان الاسبوعين المقبلين يكتسبان بُعداً حاسماً في موضوع عون الذي تثير قنوات تواصله مع زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري معطيات شديدة التناقض والغموض اذ يتعمّد عون وفريقه إسباغ طابع موغل في التفاؤل بوصول عون الى الرئاسة استناداً الى هذا التواصل مع الحريري، فيما تكرر اوساط زعيم «المستقبل» المعنية ان هذا التواصل وعلى اهمية استمراره لم يقترن مرة بوعد من الحريري بالموافقة على انتخاب عون وتزكيته للرئاسة، علماً ان دوائر سياسية توقفت امس عند زيارة السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري لصهر عون وزير الخارجية جبران باسيل الذي يتولى تنسيق العلاقة مع الحريري، وهو اللقاء الذي خرج بعده عسيري دون الادلاء بأي تصريح.ونقلت المصادر نفسها في هذا السياق عن أحد المراجع نصحه لكل مَن يلتقيهم من الجهات السياسية بأخذ البيانات والمواقف الرسمية التي يعلنها سفراء الدول المعنية المؤثرة بعين الجدية لجهة عدم وجود تدخلات حقيقية هذه المرّة في أسماء المرشحين الرئاسيين، أقلّه حتى الساعة. حتى ان هذا المرجع لفت الى ان من اسباب اقتراب خطر الفراغ الرئاسي هو عدم وصول اي كلمة سر الى اي فريق مما يعني ان الاستحقاق الرئاسي لا يحظى بأولوية خارجية الآن. ولكن فريق 14 آذار يعتقد وفقاً لأوساطه البارزة ان خلو المسرح الخارجي الغربي والسعودي تحديداً من التدخل في الاستحقاق لا يعني ان المحور الايراني تحديداً لا يوظف هذه اللحظة، ولذا بدأ الامر بالضغط عبر تعطيل النصاب وسيُستكمل عبر الفراغ اذا فشل بلوغ عون الرئاسة وصولاً الى فتح متاهات الفراغ والتفاوض على المرشح الحقيقي الذي يريده «حزب الله» تحديداً او يقبل به في النهاية.
خارجيات
المبادرات الداخلية مناورات والخارجية... نصائح
«14 آذار» ستعيد فتح النقاش حول النصاب لانتخاب الرئيس اللبناني
01:11 ص