توحي الوقائع السياسية في لبنان، وفي مداره الاقليمي - الدولي، بان لا انتخاب لرئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية التي تنتهي في 25 مايو الجاري، وسط مؤشرات على ان سيناريو تعطيل النصاب الدستوري الذي اطاح بثلاث جلسات انتخاب، آخرها امس، مرشح للاستمرار الى ما بعد مغادرة الرئيس الحالي ميشال سليمان قصر بعبدا بعد 16 يوماً.فرغم الكلام السياسي والديبلوماسي عن الحاجة الى انتخاب رئيس جديد قبل 25 الجاري، فان غالبية القوى السياسية والمؤثرة بدأت تتعاطى مع السقوط المتوقع للرئاسة الاولى في الفراغ على طريقة «ما كُتب قد كُتب»، في تطوّر ناجم عن فرض احد طرفيْ الصراع «8 آذار» معادلة إما التسوية وإما الفراغ.وفي حين حدد رئيس البرلمان نبيه بري الخميس المقبل (في 15 الجاري) موعداً لجلسة رابعة لانتخاب الرئيس، برزت توقعات حاسمة بانها لن تكون سوى صورة «طبق الاصل» عن جلسة مقاطعتها من نواب تحالف «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون.واللافت ان جلسة الخميس المقبل تنعقد مع بدء مهلة العشرة ايام الاخيرة من الاستحقاق الرئاسي، والتي يصبح معها البرلمان في حال انعقاد لانتخاب الرئيس، من دون الحاجة الى دعوة رئيسه للجلسة، غير ان هذا الامر لن يبدل من الوقائع التي حالت حتى الآن دون انتخاب الرئيس الثالث عشر.فالمشهد «المكرر» في جلسة «اللا انتخاب» امس عكس استمرار الاستقطاب الحاد على اشده بين «14 آذار» التي حضرت الى البرلمان بنوابها ومرشحها الرئاسي (رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع) وبين تحالف «حزب الله» وتيار العماد عون الذي عمل على «تطيير» نصاب الجلسة (تحتاج الى ثلثي اعضاء البرلمان) تفادياً لعملية اقتراع بالنصف زائد واحد.ورغم ان كتلة الرئيس بري (الشريك في قوى «8 آذار») شاركت في جلسة امس كما جرت العادة، لاعتبارات تتصل بموقع بري على رأس السلطة التشريعية، اضافة الى مشاركة «اللقاء الديموقراطي» بزعامة النائب وليد جنبلاط ومعه مرشحه الوسطي النائب هنري حلو، فانه لم يكتمل نصاب الجلسة كما هو متوقع، وخطا الاستحقاق الرئاسي خطوة اضافية نحو الفراغ.وبات من الواضح ان قوى «8 آذار» تحكم الاستحقاق الرئاسي بمعادلة معلنة تقوم على: إما ضمان وصول مرشحها المكتوم، العماد عون الى سدة الرئاسة واما لا انتخابات رئاسية حتى إشعار آخر، وهي المعادلة التي يتمّ عبرها الردّ على تمسك «14 آذار» بوصول مرشح من صفوفها الى الكرسي الاولى.وتعتقد أوساط مواكبة ان هذا التقابل بـ «السقوف العالية» سيستمر الى ما بعد نهاية المهلة الدستورية، الامر الذي سيجعل «الفراغ» وما يضمره من أخطار ومفاجآت «الناخب الابرز» الذي يضمن تحكم موازين القوى بفرض رئيس جديد لن يأتي الا نتيجة تسوية وإما... لا رئيس.وقد طبعت جلسة «اللا انتخاب» امس مجموعة مفارقات أبرزها:* حضور 76 نائباً الى مقر البرلمان لم يدخل منهم الى القاعة العامة الا 67 علماً ان نصاب انعقاد الجلسة هو 86 نائباً الامر الذي دفع رئيس البرلمان الى تحديد موعد لجلسة رابعة في 15 الجاري، علماً ان امس سجّل احتجاب نواب «حزب الله» عن الحضور الى «ساحة النجمة» على عكس بعض نواب تكتل عون الذين جاؤوا ولم يشاركوا في الجلسة.* تحويل نواب «14 آذار» جلسة امس مناسبة استحضروا معها أحداث السابع من مايو 2008 في اشارة الى العملية العسكرية لـ «حزب الله» في بيروت والجبل والتي جاءت بعد ستة أشهر من فراغ رئاسي آنذاك وتم استثمار نتائجها السياسية في اتفاق الدوحة الذي افضى الى تفاهم على سلة متكاملة شملت الرئاسة الاولى (انتخاب العماد ميشال سليمان) والحكومة الجديدة وتوازناتها (مع ثلث معطّل) وقانون الانتخاب الذي اجريت على اساسه انتخابات 2009.وقد حرص نواب «14 آذار» على اعتبار ان فريق «8 آذار» ولا سيما «حزب الله» ينفّذ من خلال لعبة تطيير النصاب ما يشبه 7 مايو دستوريا لعرقة الاستحقاق وصولاً الى فرض مرشحه وتكرار تجربة بلوغ صفقة شاملة تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة والانتخابات النيابية المقبلة.* تأكيد نواب «8 آذار» ان غيابهم عن جلسات الانتخاب حق دستوري وان الحضور من دون التوافق على اسم الرئيس لا يفيد.* بروز ملامح «تكيُّف» لدى غالبية النواب مع «الفراغ المحتّم» وسط محاولات للتقليل من وطأته من خلال الحديث عن ان ما بعد 25 مايو هو شغور في موقع الرئاسة وليس فراغاً لان صلاحيات الرئاسة الاولى ستنتقل الى حكومة الوحدة الوطنية.وترافقت الجلسة مع مواصلة الرئيس السابق امين الجميل جولاته على القادة الموارنة تحت عنوان «إنقاذ الجمهورية» ومحاولة تأمين مخرج لتفادي الفراغ، في خطوة اعتُبرت في إطار تقديم اوراق اعتماده كمرشح الإجماع المسيحي.وغداة زيارته الدكتور جعجع، قصد الجميل امس العماد عون معلناً ان «اياماً قليلة تفصلنا عن الاستحقاق وسنكثف الاتصالات والامور ليست سهلة انما هناك نيات طيبة عند الجميع ومن واجبنا تطمين كل اللبنانيين على مسار المؤسسات وخصوصا موقع الرئاسة لانه رمز الوطن والجامع بين اللبنانيين». وقال: «كان اللقاء مع العماد عون مفيدا وايجابيا وتوافقنا على ضرورة بذل كل الجهود لاتمام الاستحقاق بأسرع وقت».اما عون، فاعلن ان «اللقاء اعطى نتائج ايجابية واليوم بدأت مرحلة جديدة بالتعاون مع الرئيس الجميل»، مؤكداً ان «لدينا اصرار على ان تتم الانتخابات الرئاسية بالاسابيع الثلاثة المقبلة قبل 25 مايو».
خارجيات
عون تحدث عن نتائج إيجابية بعد استقباله الجميل
بدء مرحلة التكيّف مع «الفراغ» في لبنان
مجلس النواب اللبناني أمس
01:11 ص