رسخ مشهد فكاهي قديم معنى الذمة وكسب الولاء في مضارب بني عبس الجاهلية حين أمر أمير القبيلة بإكرام عنترة قائلا: (أعطوه من كنافة الامير زهير)!وليت عنترة في المشهد الفكاهي كان فارسا مغوارا أو مقاتلا شرسا.. كي نقول يستحق ذلك؛ بل كان جاهلا بحمل السلاح يستنجد بمحبوبته عبلة بعد ان سقط جريحا على الارض في مشهد مضحك!حينئذٍ لابد من خداع المجتمع الصحراوي وتغييب عقله عن الحقيقة والواقع؛ فجاء العرض الفكاهي مجسدا للزيف وخداع العقل العام؛ فأظهره بطلا فارسا، قهر الأعداء وصان الأعراض والممتلكات.وما دامت كنافة الامير زهير مستمرة في العرض فإن عنترة دخل (السستم) فنامت عينه عن مراقبة الفساد وتحول سيفه الى خشب وأجهضت المحاسبة الشعبية وردد الناس بأوامر صارمة عنتر يا حاميها..!)هنا تلعب العطايا السلطانية والكرم السياسي دورا في تغييب الحقيقة وتغييرها والذي أدى في نهايته الى استقالة العدساني ورفاقه وهو النهج الذي برعت به الحكومة منذ سنين..ففي عام 2009 أجهض استجواب الرئيس وأحيل عدد من محاوره للمحكمة الدستورية لكن لم يتبجح احد علنا بأنه اكل من كنافة زهير!اليوم صار النائب متخما بالحلوى، وأكل ما يعرض عليه حتى انطبق عليه وصف عادل امام في مسرحيته الشهيرة « متعوده.. دايماً)!ليت نواب الكنافة الزهيرية يتعلمون من طلابنا في يوم البرلمان الطلابي معاني العزة والكرامة وتمثيل الامة الصادق حين شخصوا الداء ووصفوا الدواء..لقد اصبح واضحا جداً صحة موقف الكثيرين في مقاطعة الانتخابات!، وقد اصبح واضحا جداً تلون دعاة الدستور والديموقراطية وانسلاخهم من جسدها العام، الامر الذي يدعو الى المطالبة المستحقة بتعديل الدستور، ومعالجة ثغراته القاتلة كحق أصيل للشعب..أي تمثيل للأمة يبقى حين تكبل إرادة النائب ويسقط حقه السياسي؟!، وأي قسم يبقى حين يطعم (نائب فقط لانه نائب) بقطع كنافية مدعيا انها لله!! ثم يتشدق بذلك في تحدٍ سافر للذوق العام وأخلاق المجتمع.لقد باضت الوقاحة في مجلس الامة وفرخت قبحا في جبين نوابها بعد انحطاط الخطاب بين الزملاء وسقوط الأدب السياسي في المستنقع الاسن..وما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي من شتائم يعف عنها الكرام قيلت بحق النائب الخلوق العدساني اكبر دليل على ذلك..اما العدساني فقد سبقه جده عام 1967 عندما قدم استقالته كي لا يكون صفرا من الاصفارِ!ان صوت الحق والكرامة قوي مدوٍ وان كان وحيدا، وان الحق قد يكون معك وان كنت وحدك.وانت أيها العدساني قد نطقت بالحق البين وتمعر وجهك من الحال الذي وصلت اليه المؤسسة التشريعية، فأنكرت وابررت بقسمك وبلغت امانتك واحترمت ناخبيك، والأمة التي اوصلتك ممثلا عنها، في الوقت الذي صمت لاعقي الكنافة وبناة المجد الكاذب واتباع التمثيل الزائف..خروجك يا رياض من مضارب الصحراء المقفرة هو دخولك لقصور الشعب الأبية وقلوبه المحبة للحق والعدل والكرامة..
مقالات
د. مبارك الذروة / رواق الفكر
مضارب الصحراء
12:41 ص