الحب ثقافة يلزمنا التعرف على خباياها وأسرارها، وللحب عناصر ومكونات تؤهلنا لممارسته بشكله الصحيح، ولا يخفى على أحد منا أن الحب هو أرقى مشاعر الإنسانية على الإطلاق، لذا لا بد أن نصفيه ونجعله نقيا خاليا من كل ما يشينه أو يقلل من قيمته أو يجعلنا نخجل منه.وفي الحقيقة الحب يسمو بالنفس ويرتقي بها، فالمحب إذا كان حبه حقيقيا صادقا فإنه لا يأتي بأفعال هوجاء تتنافى مع الحب الصادق الصافي الراقي، فالحب هو خليط من العلوم العلمية.إن مشاعر الحب تصاحبها بعض الأعراض والتفاعلات في جسم الإنسان، وهذا ما يجعلنا نجزم بأن الحب كيمياء ولا خلاف عليه، لأنه حين تقوم خلايا المخ المختصة بالمشاعر بإصدار إشارات معينة تقوم الجزيئات الكيميائية بنقل هذه الإشارات لباقي الخلايا ومن ثَمَّ تصدر الأفعال والتفاعلات المصاحبة للحب تجاه من نحب، وبما أننا نحمل تخصصا نادرا كالفيزياء وهو علم يدرس الظواهر الطبيعية، فالحب هو أهم ظاهرة طبيعية تعصف بحياة الإنسان، أشد من الرياح وأقوى من الأمواج المتلاطمة، وفيزياء الحب تعني تأثيره على المحبين وكيفية السيطرة عليه وكيف نتبادل الحب؟! وكيف يكون الحب مصدر سعادتنا؟!. وتثبت أحياء الحب تغيرات حيوية وبيولوجية تحدث في حياة الإنسان، خصوصا عندما نلتقي مع من نحب، كالاضطراب، وزيادة عدد ضربات القلب، وخفقان القلب، والشعور بمشاعر غير عادية، وهذه الاستدلالات تبرهن على أن الحب مجموعة من العلوم العلمية، فهناك كيمياء وفيزياء وأحياء الحب.وبعد أن فندنا وتعرفنا على ماهية الحب وحقيقته العلمية، أصبح من المسلمات العلمية أن حب الوطن عملية كيميائية محلها الدماغ الإنساني، بل وصار الحب موضوعاً علمياً يمكن ملاحظته وتحليله وتفسيره، ومن ثم التحكم فيه وتوجيهه، لذا عندما نسمع أو نشاهد أي تجاوزات في مؤسسات الدولة الحكومية، تتملكنا مشاعر وأحاسيس حب الوطن ترافقها مظاهر وتفاعلات داخل أجسامنا، تستنكر وترفض أي تجاوز يضر ولا ينفع، ونحاول جاهدين رفع الضرر والفساد بكل الوسائل المتاحة حتى وإن كلفتنا أرواحنا، حب الوطن لا يكون برفع الشعارات، ولا يتمثل بالأقوال دون الأفعال، فحب الوطن من أنواع الحب التي لم نسع إليها أو نبذل عناء للحصول عليها، لذا أصبح حبه منظومة متكاملة من المشاعر الإنسانية التي لا حياء فيها، ولا يمكن أن نقلل من ثمنها وقيمتها ونجعل من أفعال بعض أبنائه المشينة عنوانا لانجازاته، وازدهاراً لثماره وعطائه.فلدينا إدراك مطلق وغير متناهٍ أن حب الوطن أسمى وأرقى حب، ونقولها بصدق واقتناع لن يهدأ لنا بال ولن تجف الأحبار لطالما أقسمنا على أن نصلح لا نفسد، نتقدم لا نتراجع، نرتقي بك إلى المعالي لا إلى المخازي والسفاسف، سنواجه كل من يقلل من شأنك واحترامك بممارسة سلوكيات لا تليق بحبك كالغش والكذب والتعدي على حقوق الآخرين، وسنقف كالسد المنيع أمام تلك الممارسات والتجاوزات، إلى أن يدرك ويفقه الجميع حقيقة حب الوطن.twitter: @mona_alwohaibm.alwohaib@gmail.com
مقالات
منى فهد عبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي
أرقى مشاعر الإنسانية ... !
12:22 ص