راهنت مهندسة الديكور حنان بارودي على أهمية الجمال حتى لو كان مصنوعاً من النفايات، فأعادت تدوير المهملات محوّلة إياها تحفاً منزلية فريدة في تصميمها وألوانها.وأبدعت من الصحف وأكياس البلاستيك والزجاج وفضلات الفلّين وعلب الكرتون، وباستخدام مادة لاصقة وبعض الألوان، أعمالاً فنية جميلة؛ لوحات جدارية، تحفا، أواني، خزفيات، «ارتيزانا»، وشراشف، وأثاث المنزل.وتتفنن حنان بمواد لن يدرك مَن يشاهدها أنها كانت يوماَ برسم مكب النفايات والتي نالت شهادة من أحد معاهد اليابان في صناعة وتنسيق الزهور من البورسلين.وتقول في حديث أجرته معها «الراي»: «تعلمتُ من الحياة في اليابان أكثر مما تعلمته في معهدها، كيف يهتم المواطنون بأبسط الأمور، يعلّمون بعضهم البعض تنسيق الزهور بدعم من البلدية. وعند عودتي إلى لبنان بدأتُ بتطبيق ما اكتسبته من خبرات، لكن الانطلاقة الحقيقية لحرفتي بدأت أثناء وجودي في المملكة العربية السعودية للمشاركة في معرض للبورسلين. حينها لم أتمكن من التجول كثيراً في البلد، وكنت بحاجة إلى مزهريات، فبدأت بإخراج تنك المشروبات الغازية والعلب والكرتون من سلة المهملات، قمت بتزيينها بالقماش ونسّقت الزهور داخلها، فاكتشفت أن كلفتها أقل بكثير من ثمن مبيعها، فانطلقت في ذلك الفضاء الرحب».وتضيف: «مع الوقت تطوّرت المزهرية إلى كرسي فطاولة ففرش بيت كامل، بيت مفروش بيئياً، ثم بدأت بتدريب النساء على تنظيف بيئتهن وتجميلها، وأن ينتجن ويستفدن من نفايات منازلهن، وسرعان ما استقطبت هذه الحرفة عدداً كبيراً من النساء اللواتي بدأن يتدربن على استخدام كل ما يلزمهن في منازلهن من «كراكيب» وتحويلها لوحات فنية. والآن أصبحت مادة أدرّسها في إحدى جامعات مدينتي طرابلس، حيث يعود الفضل في ذلك إلى الوزير السابق الدكتور سامي منقارة الذي تابع أعمالي منذ ما يقارب أربعين عاماً، وعند تعيينه عميداً لجامعة المنار قبل ثلاثة أعوام، طلب مني العودة من الولايات المتحدة كي أقدم هذه المادة لطلاب كلية الصحة والفنون والديكور، فجميع الكليات باستطاعتها أن تضيف هذه المادة إلى برنامجها. هذه المادة ترتكز على معيارين لتدريسها، أولاً المعيار النظري فأنا أقوم بطرح الفكرة، ثم يضع كل طالب ذوقه بالقطعة وذلك هو المعيار الثاني التطبيقي».أفكار كثيرة طرحتها حنان يمكن لـ «ربات البيوت» الاستفادة منها وتقول في هذا الإطار: «كم من الأغراض تستهلكها المرأة يومياً، أبسطها الكرتون، الذي بالإمكان تدويره وتحويله إلى جدار بطريقة بسيطة من دون استخدام المقص حتى، فقط بالضغط عليه ووضعه تحت الفراش كي يصبح مسطحاً، ثم وضع لمسة فنية عليه من خلال بعض الإضافات من أوراق الصحف ومناديل الحمام التي تحفظ أوراق الصحف من التعرض للرطوبة والتلف، بالتالي تحمي التحفة التي يتم صنعها. كذلك علبة الحليب، إذا وضعت المرأة عليها إضافات من الكرتون وأوراق الصحف واللاصق الأبيض، تتحول إلى سلة مهملات، كما يمكنها وضع علبتين فوق بعضهما البعض لعمل عمود متعدد الاستخدامات منها وضع شتلة بداخله. أما إذا وضعت أربع علب، ستحصل على كونسول أو طاولة. ويمكن تحويل الصحف إلى سجادة أو شرشف طاولة. بالطبع قد يُصدم البعض كيف يمكن لورق أن يتحول إلى سجادة، وأنا أقول لهم ليس فقط سجادة بل سجادة لا تقل نوعيتها وأهميتها عن السجادة العجمية، ولن تخشى سيدة المنزل عليها، إذ إن اللاصق الأبيض سيحميها ما سيجعل غسلها بالماء أمراً عادياً. أما عند شراء التلفاز، فيمكن تحويل علبته والفلين الذي تحويه إلى طاولة له، من خلال اضافات بسيطة. الأمثلة كثيرة، فهذا المجال يُعد بحراً من الإبداعات من الممتع الغوص فيه».وتضيف: «هذه الحرفة تتطور مع الخبرة والثبات على العمل كل يوم، فمن أشياء صغيرة ستكتشف المرأة أموراً جديدة توصلها إلى مراحل أبعد فأبعد. باختصار، بإمكانها أن تبتكر فرش بيت كامل من دون الحاجة إلى شراء أي قطعة من السوق، فكل ما تستخدمه ربات البيوت من أدوات عليهن أن يتعلمن توضيبه بطريقة لائقة ليتمكنّ من تحويله إلى أشكال فنية وقطع جميلة يستفاد منها على صعيد الاستخدام المنزلي في كل ناحية من أنحاء البيت، بدل رميه في سلات المهملات».بارودي التي أسست العام 1991 مدرسة خاصة بها، والتي أقامت دورات تدريبية في «المركز الثقافي الروسي» و»قصر اليونيسكو»، لديها حالياً مشغل في منطقة الكورة (شمال لبنان) التي انتقلت للسكن فيها بسبب الأوضاع الأمنية في مسقط رأسها، وقد شاركت في العديد من المعارض في لبنان والدول العربية والخارج. آخر معرض لها في الخارج استمر بين أربع إلى خمس سنوات في تركيا برعاية السفارة اللبنانية، افتتحت بعده دورة لسيدات السفراء في سفارة لبنان، لتنتقل بعدها بمشاركتهن إلى دولهن حيث افتتحت معارض هناك «ذهبت مع زوجة السفير حينها (عبد العزيز) خوجة إلى المملكة العربية السعودية حيث أقمت دورات ومعارض في الجامعات السعودية، كذلك الأمر بالنسبة إلى دولتيْ الامارات والبحرين، وفي الكويت أقمت ثلاثة معارض في قاعة الدوسري، برعاية سفارة لبنان وجمعية بيئية كويتية».بارودي التي أعلنت أن «الهدف من هذا الفن هو تنظيف بيئتنا على طريقتنا، اوضحت أنها ابتكرته لا لتحتكره بل لتعممه داخل لبنان وخارجه».
- المرأة والطفل
حنان بارودي تحوّل النفايات إلى تحف فنية
«الكراكيب» تصبح بلمسة... أثاثاً لبيت مفروش
01:11 ص