تمرين انتخابي، جلسة تجريبية، بروفة اولية، مهزلة سياسية، اختبار نيات ام لا نصاب ولا جلسة؟ هذا هو حال «المشهد السياسي» في بيروت قبل ثلاثة ايام من جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، المقررة الاربعاء المقبل، والتي تحتاج الى نصاب الثلثين (86 من اصل 128)، وتالياً الى نصاب سياسي لن يتأمن الا بمشاركة طرفي الصراع «8 و 14 آذار».«14 آذار» حسمت خيارها في المشاركة بجلسة الاربعاء، ومعها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، في الوقت التي ما زالت «8 آذار» مترددة في انتظار ما سيرسو عليه موقف حليفها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، رغم الاعتقاد السائد بان الامور تتجه الى تأمين النصاب الكافي لانعقاد الجلسة التي لن تفضي بطبيعة الحال الى انتخاب رئيس جديد.واللافت انه في الطريق الى جلسة الاربعاء برزت مجموعة من الوقائع في مقدمها:* ان تأمين نصاب جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية سيكون «سلاحاً» بيد الطرفين القادرين على تعطيل انتخاب رئيس لا يحظى بموافقة «8 و 14 آذار» رغم المحاذير السياسية التي لن تقف في وجه استخدام ما يشبه «حق النقض» من الطرفين، وهو الامر الذي بدأت تلوح به «8 آذار» عشية الجلسة الاولى.* ان جلسة الاربعاء لن تعدو كونها بداية «غربلة» لمرشحين ارادوا دخول السباق الرئاسي في اطار «مواجهة سياسية»، اكثر مما هو على ارتباط بـ»موازين القوى» القادرة على تكريس فوز هذا او ذاك من المرشحين، وهو الامر الذي ينطبق على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وسواه من الذين قد يتجنبوا خوض التجربة كالعماد عون او النائب سليمان فرنجية.* الاعتقاد الراسخ لدى «8 و 14 آذار» معاً عن جولات الانتخاب مهما طالت لن تنتج رئيساً للجمهورية الا في اطار تفاهم مسبق بين الطرفين والا «الفراغ» الذي يمكن ان يتمدد في انتظار حصول تفاهمات اقليمية، لا سيما بين ايران والمملكة العربية السعودية ربما يكون لبنان ساحة اختبارها الاساسية.* ان «14 آذار» تستخدم الوقت الفاصل عن جلسة الاربعاء لتحصين موقعها عبر حض المسيحيين فيها على التوافق على مرشح، على طريقة «لكل مقام مقال» من جهة، وعلى ادارة معركة للتعاطي مع مفاجآت «8 آذار» ومناوراتها وخياراتها المتعددة من جهة اخرى.* ان «8 آذار» تعتمد تكتيكات ينطوي على «أفخاخ» من جهة كالتلويح بترشيح النائب اميل رحمة، الذي لا يتمتع باي حيثية سياسية او مسيحية، في مواجهة جعجع، والعمل على تقديم العماد عون كـ»مرشح توافقي» من دون ان يكون «حصانها الفعلي» الذي تريد الدفع به الى القصر الجمهوري.هذه اللوحة المفتوحة على حركة مشاورات كثيفة داخل كل فريق وعبر قنوات خلفية بين الطرفين، مرشحة لان تشهد الكثير من الحراك «صعوداً وهبوطاً» في ملاقاة جلسة الاربعاء التي سيتم الذهاب اليها، في حال توافر النصاب لانعقادها، وفق سيناريو مرسوم سلفاً تفادياً لاي مفاجآت من شأنها قلب الطاولة.وتبعاً لذلك، يُنتظر ان تتحوّل جلسة الاربعاء محطة لاستبعاد مرشحي «المواجهة» الذين لن ينالوا اكثرية الثلثين لتنطلق بعد رفع الجلسة مرحلة المشاورات لـ «ما بعد» عملية «جس النبض» التي تكون شهدتها «افتتاحية» سلسلة «رئاسيات لبنان 2014» وسط رهانٍ على تَفاهُم ايراني - سعودي بمباركة دولية يتيح تمرير اسم رئيس تسوية «يشبه» بمواصفاته التوازنات في حكومة الرئيس تمام سلام التي يشعر طرفا الصراع اللبنانيان وراعياهما الاقليميان بان لهما فيها ما يجعلهم يلتزمون القرار الدولي الكبير بإخماد «الحرائق» المحيطة بـ «البركان» السوري وايضاً يحجزون لانفسهم مقعداً اضافياً على طاولة اي صفقة في المنطقة ستشمل بطبيعة الحال ترتيب أكثر من ملف ساخن في أكثر من بقعة متفجّرة.واذا كانت جلسة 23 ابريل تحمل من جانب «14 آذار» مرشح مواجهة واضحاً هو رئيس حزب «القوات اللبنانية»، فان هناك تحدييْن يقابلان هذا الترشح، واحد داخل «14 آذار» وتجري محاولات حثيثة لتذليله وآخر مع «8 آذار» التي لم تحسم بعد مرشحها الذي سيواجه جعجع.وعلى «جبهة» 14 آذار تجري اتصالات حثيثة ولا سيما بين «القوات» و»الكتائب» للتفاهم على آلية توفق بين تحوّل ترشيح جعجع في الدورة الاولى امراً واقعاً وبين خوض الرئيس امين الجميل معركة لحجز موقع له كأوّل مرشحي 14 آذار لمرحلة ما بعد 23 ابريل، علماً ان على لائحة تحالف «ثورة الارز» ايضاً مرشحين غير معلنين هما النائبان بطرس حرب وروبير غانم.وفي هذا السياق عُلم ان الاتصالات التي تولّتها النائبة ستريدا سمير جعجع اول من امس، مع بكفيا (حيث مقر الجميل) والتي افضت الى توافق على ان تزور الرئيس الجميل على الارجح يوم غد، عالقة عند نقطة ما بعد جلسة 23 وسط استعداد «الكتائب» للسير بجعجع يوم الاربعاء على ان يبادل رئيسها الدعم في المرحلة التالية، في حين تبدي مصادر «محايدة» في «14 آذار» خشيتها من ان يؤدي عدم توافق «القوات» - «الكتائب» الى إحراج كبير لـ»تيار المستقبل» والى تظهير انقسام تحالف «ثورة الارز» في جلسة الانتخاب ما ينذر بان يشكّل في حال لم ينل مرشّحها أصواتاً أكثر من المرشح الذي ستخوض به قوى 8 آذار منازلة «التصفيات»، ضربة معنوية لا يستهان بها يمكن ان تؤثر على موقعها التفاوضي في المراحل اللاحقة من الاستحقاق الرئاسي.وعلى خط 8 آذار، لم يُعرف اذا كان امر خوض جلسة 23 بالنائب اميل رحمة (القواتي السابق وابن بشري مسقط جعجع) قد حُسم، وسط تقارير اشارت الى ان الاخير لا يوافق على ان يكون مرشحاً الا اذا وافق عون، في حين حذرت اوساط سياسية من مغبة تحويل 8 آذار الاستحقاق الرئاسي من خلال استخدام تكتيك المرشحين غير الجديين الى ما يشبه «النكتة» من بوابة ما يعتبرونه مدخلاً لتوجيه «صفعة» لرئيس «القوات» وسط رهان على ان ينال رحمة أصواتاً اكثر منه في الدورة الاولى (دون ان تكون كافية طبعاً لاي منهما للفوز).