باغتت «اندفاعة النار» في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين في صيدا (جنوب لبنان) المشهد السياسي في بيروت المنهمكة في عملية تفكيك الألغام الأمنية ذات «الصواعق» اللبنانية البحت او التي يتداخل فيها عامل الأزمة السورية وارتداداتها محلياً.ففيما كانت الأنظار شاخصة على اقتراب «ساعة الصفر» لبدء الخطة الامنية في البقاع الشمالي بعد نجاح عملية «تنظيف» طرابلس من عناصر التفجير فيها بلا «ضربة كف» او «قطرة دم»، خطف مخيم المية ومية الأضواء مع «الميني حرب» التي اندلعت فيه بين عناصر منشقة عن حركة «فتح» وتابعة للقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان وأخرى تابعة لجماعة «أنصار الله» التي يقودها جمال سليمان والتي كانت وثيقة الصلة بـ «حزب الله» قبل ان تخرج من «تحت عباءته» العام 2012 وتعلن «فك الارتباط العسكري والسياسي والأمني بالحزب» لاعتبارات مالية وأخرى تتصل بالازمة في سورية وتوجّه عدد من عناصر الجماعة للقتال الى جانب المعارضة السورية المسلحة.وادت المواجهات بين الطرفين والتي استُخدمت فيها الاسلحة الرشاشة والصاروخية الى سقوط ما لا يقل عن سبعة قتلى وعشرة جرحى، علماً ان شرارة المعركة بدأت مع سيطرة جماعة «انصار الله» على مقر قائد كتيبة «العودة» أحمد الرشيد (قتل في الاشتباكات ومعه شقيقه رشيد وابو يوسف الماطي والسوري محمد قطيش وثلاثة آخرين) الذي اكدت حركة «فتح» في بيان لها انه «من اتباع القيادي المفصول من فتح محمد دحلان».وامام اشتداد المواجهات، وجد الجيش اللبناني نفسه مضطراً لقطع جميع الطرق المؤدية إلى المخيم خشية قدوم عناصر مسلحة أخرى او اتساع رقعة المعارك الى مخيم عين الحلوة القريب، فيما باشرت لجنة المتابعة في «المية ومية» اتصالات مكثفة لتهدئة الوضع واعادة الامور الى طبيعتها.ورسمت هذه «المعركة» علامات استفهام حول سلوك دحلان والمحسوبين عليه في مخيمات لبنان والذين انضم اليهم اخيراً قائد الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان سابقا العميد محمود عبد الحميد عيسى «اللينو» الذي زار الامارات العربية المتحدة قبل اكثر من اسبوعين لعدة ايام التقى خلالها بالعقيد دحلان وزوجته جليلة بحضور القيادي الفتحاوي سمير مشهراوي.واشارت «الراي» في حينه الى ان زيارة «اللينو» الى دحلان والاعلان عنها تأتي بمثابة قطع «شعرة معاوية» مع حركة «فتح» وردّ مباشر على مواقف الرئيس الفلسطيني ابو مازن واتهامه ودحلان بالخيانة، بعدما عمدت قيادة «فتح» في وقت سابق وبناء على توصية المشرف العام على الساحة اللبنانية عضو اللجنة المركزية عزام الاحمد الى تجميد عضوية «اللينو» ووقف مخصصاته المالية وموازنته الخاصة.ونقلت «الراي» آنذاك عن اوساط فلسطينية خشيتها من حصول انشقاقات داخل حركة «فتح» مؤيدة لحركة دحلان و»اللينو» بهدف إضعاف الحركة في مخيمات لبنان، وذلك بالتزامن مع حراك قام به قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب طلب معه من الكتائب العسكرية في لبنان ضرورة الالتزام بقرارات حركة «فتح» وعدم التعاطي مع اي عرض من قبل دحلان وانصاره ومنْع لهيب كرة النار السورية والخلافات اللبنانية من حرق الحياد الفلسطيني وسط محاولات جره الى فتنة مذهبية او اقتتال مع الجيش اللبناني.ومعلوم ان مخيم المية ومية يقع شرق? ?مدينة صيدا،? ?على تلة تعلو نحو 300 متراً عن سطح البحر، وكان يُعتبر من أهدأ المخيمات الفلسطينية في? ?لبنان. وقد شهد مدخله الغربي في? ?23? ?مارس ? ?2008 وقوع انفجار استهدف موكب نائب ممثل ممثلية? «منظمة التحرير الفلسطينية» ?في? ?لبنان الدكتور كمال ناجي? (?مدحت?) ?مما أدّى الى مقتله مع ثلاثة من رفاقه وجرح ثلاثة من مرافقيه،? ?وذلك بعد المشاركة في? ?تأبين رائف? ?حسين نوفل وباسل فرج قاسم? (?اللذين سقطا أثناء إشكال وقع في? ?المخيم في? ?21? ?مارس?).?ويعتبر «المية ومية» من المخيمات القليلة المساحة والكثيفة سكانياً، حيث يفوق عدد المقيمين والمسجلين فيه نحو 5500 نسمة، وتتوزع خريطة القوى فيه بين «منظمة التحرير الفلسطينية» ?و»تحالف القوى الفلسطينية» ?و»أنصار? ?الله»?،? ?فيما تتولّى? «اللجنة الشعبية» ?في? ?المخيم العلاقات داخله ومع? الجوار في بلدة المية ومية ومدينة صيدا?.?اما تنظيم «انصار الله» فبرز اسمه منذ العام 2008 في إطار العمل على التهدئة في مخيم عين الحلوة وتقريب وجهات النظر مع القوى اللبنانية. وهو تبنّى العام 2003 عملية قصف مقر تلفزيون «المستقبل» في الروشة بالصواريخ، علماً ان مسؤول التنظيم جمال سليمان انشق عن حركة «فتح» وتولى الحرس الثوري الإيراني ربطه بـ «حزب الله». وأعلن قياديو الجماعة في تصريحات إعلامية سابقة أن الحزب «يساعدنا لأننا أخذنا قراراً جهادياً في عامي 1989 و1990 وكانت لنا مواقع في إقليم التفاح والناقورة وشبعا».