قبل 50 يوماً من بلوغ «خط نهاية» المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، تبقى حظوظ إجراء هذا الاستحقاق في موعده ترواح عند نسبة 50 في المئة متساويةً في ذلك مع حظوظ إرجائه، نظراً الى ضبابية الواقع الاقليمي - الدولي الذي غالباً ما يكون حاسماً في هذا الملف والى قدرة طرفيْ الصراع الداخلييْن على التعطيل نتيجة «التوازن السلبي» بين فريقيْ «8 و 14 آذار».ومع «تدشين» رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الترشيحات الرسمية (غير ملزمة في لبنان) للانتخابات الرئاسية، اكتسب هذا الاستحقاق دينامية داخلية إضافية تبقى بطبيعة الحال غير كافية لاستيلاد رئيس جديد للبلاد ضمن المهلة الدستورية ما لم تحسم «القابِلة» الخارجية خياراتها التي ترتبط بمجموعة عوامل تتداخل فيها الملفات الشائكة وحسابات «التبريد» و»التصعيد» بين المحاور المتصارعة في المنطقة و... عليها.والأكيد ان اعلان جعجع ترشحه ساهم في تحقيق أمرين:* الاول حضّ فريق «14 آذار» على استعجال بتّ مسألة المرشح الذي سيخوض به السباق الرئاسي وذلك قبل اعلان جعجع برنامجه الانتخابي في 15 الجاري وسط انطباع بان تبني ترشيح رئيس «القوات» ليس بعيد المنال.وفي هذا السياق، قرأت اوساط مراقبة مطلعة خطوة جعجع بترشحه «الاستباقي» قبل قول «14 آذار» كلمتها، محاولة لإصابة أكثر من «عصفور بحجر واحد». فـ «الحكيم» بدا كأنه يحاول اعلان «الكلمة لي» ضمن تحالف «ثورة الأرز» في رسم سقف ومسار الطريق الى الموقع المسيحي الاول، في ردّ ضمني على السقف الذي اعتمده حلفاؤه ولا سيما «تيار المستقبل» في مقاربة الملف الحكومي والذي اعتبره جعجع «تراجُعياً»، وفي محاولة لقطع الطريق على اي مرشح تسْووي يُطرح بمعزل عنه كناخب قوي.وبهذا المعنى، فان «الحكيم» بتصدّره انتخابات «المواجهة» من جانب «14 آذار»، يسعى الى إحادث «توازن» ضمن «14 آذار» ومع فريق «8 آذار» بما يسمح بان يكون «الصوت الاعلى» ضمن تحالف «ثورة الارز» في هذا الاستحقاق مسيحياً وفي الوقت نفسه بشطب المرشح الأبرز لفريق «8 آذار» العماد ميشال عون وتالياً تعبيد الطريق امام شخصية «14 آذارية» لا يشكل وصولها تنازُلاً سياسياً وشعبياً كبيراً.* اما الأمر الثاني الذي أنتجه ترشح جعجع الذي قوبل بحملة اعلامية عنيفة من فريق «8 آذار» نبشت جراح الحرب اللبنانية و»دفاترها القديمة»، فهو وضع قوى «8 آذار» امام تحدي ملاقاة خطوة رئيس «القوات» بما «يناسبها» على مستوى المرشح الذي ستخوص به الانتخابات.ووسط توقُّع كثيرين ان يكون العماد عون هو مرشّح فريق «8 آذار» الذي سيلاقي جعجع في «المنازلة»، فان اوساطاً سياسية تستبعد ذلك بقوة، لافتة الى ان عون لن «يلعب» ورقته الرئاسية وفق القواعد التي رسمها رئيس «القوات»، بمعنى انه لن يخوض الانتخابات كمرشح «مواجهة» لأحد ولن ينخرط فيها باسم «8 آذار» بل يسعى لان يكون مرشح التوافق و»التوفيق»، لاقتناعه في شكل رئيسي بان وحده التفاهم عليه يمكن ان يسمح ببلوغه سدة الرئاسة، وايضاً لتفادي اي انزلاق الى مواجهة تساويه في الخسارة مع جعجع.وحسب دوائر سياسية أخرى، فان هذا «التكتيك» من عون هو «شكلي» ولا ينفي عنه صفة مرشح «8 آذار»، مع عدم استبعادها ان يقارب «الجنرال» الاستحقاق الرئاسي على طريقه انه «مرشح وغير مرشّح»، بما يبقي امامه الخيارات مفتوحة الى ان تتضح آفاق محاولته مد الجسور مع السعودية والرئيس سعد الحريري.وفي حين يُنتظر ان يدعو رئيس البرلمان نبيه بري الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بين نهاية ابريل الجاري والعاشر من مايو المقبل، أنهت لجنة التواصل النيابية التي كلفها القيام بجولة على الكتل والنواب جولتها على ان ترفع اليه تقريراً بحصيلة لقاءاتها يُنتظر ان- يتضمّن موقف مختلف النواب في «8 آذار و14 آذار» فضلا عن المستقلين والوسطيين بتلبية الدعوة الى الجلسة التي سيدعو اليها بري ورفْض اي مقاطعة لها او تغيب لإفقادها النصاب.