نحن اليوم مع سيرة النائب السابق مرضي عبدالله الاذينة حيث نتطرق الى نشأته ثم دراسته والاعمال التي انخرط فيها ثم نسهب في الحديث عن حياته النيابية فلنتركك عزيزي القارئ مع ذلك.ولد مرضي عبد الله الاذينة في الدمنة التي اصبحت فيما بعد منطقة السالمية، أما ولادة والده عبد الله فكانت في مدينة الكويت القديمة قبل استقرار افراد اسرته الى الدمنة وحين ولادته لم تكن المدارس النظامية متوافرة بل الطرق التعليمية تنحصر في دور المساجد يتولى التدريس بها الائمة والمشايخ او المدارس الاهلية التي كانت على النمط القديم تهتم في تحفيظ القرآن الكريم وتحسين تلاوته وتعليم القراءة والكتابة وإجادة الخط العربي لذلك كان لمرضي نصيب تعليمي من هذه المدارس الاهلية حيث درس عند الملا سعود الصقر فأجاد القراءة والكتابة عنده وكذلك تعلم مبادئ الحساب الى جانب حفظ القرآن الكريم وتحسين تلاوته وكان في مدرسة يجلس على الارض ومعه ألواح خشبية يأتيها صباحا وبعد الظهيرة وقت العصر.ختمةوبعدما أتم ختم القرآن عمل له زفة حيث اصطحبه زملاؤه الطلبة يدورون به على البيوت ويرددون «الحمد لله الذي هدانا... للإسلام اجتبانا... سبحان الخالق سبحانه وبفضله علمنا القرآن» احتفالا به في هذه المناسبة كما هو معمول به في المدارس الاهلية آنذاك وهي من علامات السرور والبهجة.كان من زملائه الشيخ جابر العلي والشيخ سالم العلي والأديب عبد الله الرومي وكذلك حزام الاذينة وهو من أقرب الناس اليه.الأمكان مرضي الاذينة باراً بوالدته التي كان هو وحيدها مع أخته زوجة عضو المجلس التأسيسي علي الاذينة ومن بره بوالدته انه حينما انخرط في الاعمال والاشغال كان يجلب أجر الصباح لوالدته وكانت الاجور باليومية وأجر عمل ما بعد الظهيرة يشطره نصفين، نصف له والنصف الآخر لأخته ... وكل ما يتعلق بوالدته عنده مقدم على اي شيء وظل على هذا الامر باراً حتى توفاها الله.رقيةوهذه ابيات قالها الشاعر براك الصواغ حينما أراد الغوص فوضع ابنه الصغير عند الحاجة رقية والدة مرضي الاذينة واصفاً عنايتها في ابنه حين مرضه:مسانسن يا مغني فوق سيارةوانا دموعي مثل قاطور شنيهلا وهنيك نحرت مخيلد ابدارهعانه معيمنك شرج الرميثيةودعت الله وربع من اهل دارهذوي الاذينة معيشة الخلاويةنحر تم مخلد شاكلين حالهكنو بيتهم ربعن اسنا فيهيا قام من الصخونة ضايقن بالهله مسند وتحوفه رقيةالله يخليها مرضي واهل دارهحرام ما الحق جزاك اليوم يارقيةياعل رزقك عداد الغيث وامطارهيعل نفسك من الادراك ماحيهالحضورحين كبر وشب وأصبح عمره ما يقارب الرابعة عشرة بدأ حياته العملية وكان ذلك قبل ظهور النفط حيث قلة الموارد وشقاوة الحياة وصعوبتها... كانت أسرته تملك حضورا وهي مناصب لصيد الاسماك فبدأ العمل بها وكان نصيبه من الحضور التي تعود لأسرة من اول البدع الى الشعب وهناك من ابناء أسرته عمل في الحضور الصبية في الشمال والدوحة وجميعها ملك أسرته «الأذينات».المشقةلم يكن العمل في مبارات الحضور أمرا سهلا بل انه من الاعمال التي تحتاج صبرا ورباطة جأش وعملا متواصلا مع يقظة ذهن ودقة فشمس البحر حارقة وأمواجه عالية ناهيك عن الاخطار التي قد تواجه من يعمل في الحضور من أخطار السمك وحيوانات البحر المؤذية فقد يتعرض من يباري الحضور للخطر والاذى هكذا شق مرضي الاذينة حياته بكفاح وصبر على موارد الرزق الشحيحة في ذلك الوقت.التميزومن الأمور التي امتاز بها عن غيره حين عمله في مباراة حضور اسرته ان العمل بها كان سائدا ومعروفا في الحضور في فصل الصيف، اما الشتاء فلم يكن الناس تعمل في مباراة الحضور لكن «مرضي» كان يختلف عن غيره حيث جعل لنفسه منهاجا خاصا خلال ذلك العمل وهو مواصلته حتى اثناء فصل الشتاء وليس ذلك الامر بالهين السهل بل هو من الصعوبة بمكان حيث ان البرد قارس وماء البحر شديد البرودة ناهيك عن تقلبات أمواج البحر وما يصحبها رغم هذه الامور واصل مرضي عمله في الحضور وقد توجه الى حضور اسرته التي كانت مترامية على ساحل البحر فعمل في الحضور التي في بنيدر والضبيعية والدوحة وهي في تلك الايام بعيدة وخالية من الناس والطرق التي توصل له محفوفة في الاخطار خصوصا في المساء لكثرة الذئاب الضارية في ذلك الوقتالجلبكان العمل في الحضور من بزوغ الشمس إلى المساء وحين بيع ما تنتجه الحضور من أسماك يتم جلبها الى السوق والوسائل في نقلها كانت بدائية على الدواب فيأخذ الطريق منهم ساعات طوالا فليس هناك طرق معبدة ولا وسائل أخرى.حزامبعد عمله في الحضور انتقله للعمل معاون مع بن عمه وصديقه ورفيق دربه حزام الأذينة حيث من المعروف ان حزام الأذينة كان أول سائق في الدمنة فكان مرضي مساعدا له في عمله في نقل الركاب من الدمنة ومناطق البلاد الى مدينة الكويت القديمة يوم كان السور ضارباً عليها من كل الجهات فليس ثمة دخول الا عبر دروازاتها.العملبعد عدة سنين متواصلة في عمله في الحضور ثم معاونا مع ابن عمه حزام ... توجه نحو التجارة وهي العمل الذي ارتضاه لنفسه فهو منذ صغره وهو عصامي في كفاحه وعمله وكان واضعا نصب عينه القول المأثور أن تسع أعشار الرزق في التجارة ولم يكن يحيد عن مبدأين اثنين ارتضاهما لنفسه «الصدق والرضى».بعد عمله في التجارة المتواصل في عدة جوانب ... توجه للعمل ببيع العقارات والأراضي.التأسيسيحين صدور المرسوم الذي دعا الى انتخابات المجلس تأسيسه ترشح ولد عمه وزوج أخته علي الأذينة ونجح في ذلك المجلس فكان من أعضاء مجلس التأسيس جاء المجلس الذي بعده وهو المجلس الأول سنة 1963 ونجح في ذلك المجلس الى جانب علي الأذينة فكان فيه اثنان من عائلة الأذينة.المجالسلقد بدأت حياته السياسية من المجلس التشريعي للأمة الأول سنة 1963 ثم المجلس الذي بعده الثاني 1967 ثم المجلس الثالث سنة 1971 وبعده المجلس الرابع سنة 1975 وأعقبه مجلس سنة 1981 وكل هذه المجالس والنجاح حليفه.لم تكن دائرة السالمية هي دائرته بل الكويت جمعاء فهو مع الناس جميعاً على اختلاف مشاربهم وطوائفهم فالكل يأتي عنده من شمال البلاد الى جنوبها.المواصلةبعد المجلس الأول واصل مرضي الأذينة واجبه الوطني وخدمة أبناء بلده فكان له اتهامات كثيرة مع زملائه الأعضاء فأسن القوانين والمشاريع وكان هناك قوانين برغبة مع زملائه الأعضاء وبعضها انفرد بها... ومن ذلك توفير المدارس فلم تكن منطقة السالمية وما حولها قد اكتملت خدماتها فالشوارع لم تعبد وتوفر لها الإنارة.الاقتراحاتكانت الاقتراحات والقوانين حتى الاسئلة والاستفسارات التي كان يقدمها كلها تذهب في خدمة المواطن والمقيم على هذه الارض الطيبة فتارة تجده يقدم سؤالاً الى وزير الشؤون عن المساعدات التي تقدم لكبار السن من العجز والارامل لماذا لا تخصص وحدات قريبة من سكنهم لكي يتسنى لهم تسلمها بلا عناء ومشقة... وسؤال آخر يستنكر بعض الامور التي تخالف تعاليم ديننا الحنيف ويحث تطبيق القانون بحزم تجاه هذه الامور وسؤال اخر عن الرعاية الاسكانية وتوفير الوظائف واخر الى وزير التربية يحثه لوقف بعض السلبيات في المدارس هكذا كان عمله في المجالس مساعي خير للوطن والمواطن.البدعمن الأسئلة التي تم توجيهها من النائب مرضي الأذينة حينما كان في مجلس الأمة سؤالاً لوزير الاشغال ذكر فيه «لماذا لم يتم إنارة شارع البدع إلى متى ونحن نسير به على هذا الوضع»... والمشاهد لشارع اليوم يرى الإنارة به وكأنها الشمس في رابعة النهار.الوقتكان رحمه الله يضع جدولاً يومياً يسير عليه في خدمة المواطنين والوطن فهو حينما يصلي الفجر يجلس ويقرأ ما تيسر له من كتاب الله ثم يذهب الى ديوانه ويتناول الافطار مع من كان في ديوانه ثم يستقبل حاجات الناس فهو ندر نفسه لخدمة أصحاب الحاجة فكم من صاحب معضلة وحاجة حارت رجله واغلق فكره جاء الى مرضي فمشى معه وقضى حاجته وتبدل أسارير وجهه في الفرح والسرور، وكان من طبيعته أن يذهب مع الناس حيث يريدون فيجعل سائقه يتبعه... فهو مع صاحب الحاجة أينما يريد فتجده يركب معهم في سيارتهم الخاصة مهما كانت، تواضعاً منه فليس ثمة هدف عنده إلا قضاء حوائج الناس وادخال السرور إليهم وقد يرجع إلى بيته متأخراً وبعد صلاة المغرب يكون أيضاً في ديوانه.كان دائماً متواصلاً مع الناس على طوال الوقت، فهو يعلم ان من كان له امر لا يعرف الوقت وصاحب الحاجة معذور.كان لاينام الا والهاتف بجانبه تحسباً لاحد يتصل عليه يريده في امر ما... فحاجة الناس مقدمة عنده حتى على حساب راحته.الوصيةكان يوماً ذاهباً مع ابنه طلال بعد التحرير الى احدى مؤسسات الدولة لحاجة له فيها فاذا المسؤول يأتي له ويسلم عليه بحرارة ويقبل رأسه ويأخذه معه للمكتبة ويجلسه في محله فسأله عن شخصه حيث لم يكن يعرفه فرد ذلك المسؤول بقوله: «قبل أن اجيب لك عما سئلت اريد ان انفذ وصية والدي وهي «قوله لابنائي من يستطيع ان يبر مرضي الاذينة منكم فليفعل».وأردف قوله: «كان والدي قد حُرِم من حقه في السكن لاجراءات ليس له علاقة بها وبينما هو يراجع المسؤول لاسترجاع حقه الذي حُرم منه فإذا هو يلتقي بك وليس له سابق معرفة بك وتقول له آمر لك حاجة فذكر امره الذي جاء من أجله لهذه الوزارة فأخذته بيده وادخلته على وزير الاسكان في تلك الايام وشرح امره وتم استرجاع حقه الذي فقده بفضل الله ثم سعيك معه والذي كان على غير سابق معرفة ولا مرتب له... ومن ذلك اليوم والوالد يوصيني انا واخوتي بك.المهماتخلال مسيرته في المجالس النيابية شارك في كثير من اللجان ورافق الوفود النيابية لكثير من الدول لحضور المؤتمرات سواء تخص المجالس الشعبية والنيابية او تلبية دعوات من تلك المجالس من الدول التي زارها ضمن تلك الوفود ايطاليا ورومانيا والبرازيل.التواضعتميز مرضي الاذينة من قربه من الناس وحلمه وسعة صدره ولم يؤثر عنه ضجر او غضب فدماثة اخلاقه جعلت عنده هذه الاوصاف... فهو بذل صحته وماله للناس... من صنيع اعماله المميزة انه حينما يدخل المسجد في يوم الجمعة مع ابنائه كان يعطي كل واحد منهم مبلغاً من المال ويقول اذهبوا وضعوه في صندوق الصدقات فيُعود ابناءه من صغرهم على الصدقة.... وكثيرا ما كان يعطي ويتصدق من ماله دون ان يشعر به احد.العلاقةارتبط مرضي بكثير من العلاقات والتواصل مع الناس جميعاً وله زيارات متبادلة مع امير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد وكذلك الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله... فسلمى اللميع والدة خليف الاذينة قد أرضعت الشيخ احمد الجابر امير البلاد العاشر.الناديكان عضوا فخرياً في نادي السالمية وكذلك في جمعية السالمية لانه حين تأسيسها كان متواجداً في حضوره كنائب للأمم وخدمة ابناء بلدته ووطنه.وفاتهكانت وفاته 23/ 7/ 1993 وقد توفى اثناء علاجه في اميركا ومما اثر عنه قوله ان أهم شيء في مسيرة حياتي هو حب الناس ودعواتهم لي ومما كان يثلج صدري اينما أذهبت اجد سلام الناس ممن اعرف او لا اعرف فهذا عندي لا يعادله ثمن وكان هذا من اخر اقواله وحديثه.
متفرقات
ولد في الدمنة سنة 1924 وتعلم عند الملا سعود الصقر ... وبدأت حياته العملية وعمره 14 سنة في حضور أسرته المتناثرة على سواحل البلاد
مرضي الأذينة ... مثّل «الأمة» في خمسة مجالس نيابية متعاقبة
11:30 ص