بعد «تشي غيفارا» و«صلاح الدين»، عاد الأخوان فريد و ماهر الصباغ الى الواقع اللبناني المعاش ودخلا على خط الطائفية المتمادية في حضورها وتأثيرها، وخطورتها ليس على تعدد الأديان بل على تعدد المذاهب داخل الدين الواحد، وهو ما دفع الكثير من الفعاليات في المشهد اللبناني الى التحذير من مخاطر هذا الواقع، وتلقف الأخوان صباغ القضية وقررا معالجتها على مستوى الوطن.«الطائفة 19» هي الحصيلة التي اهتديا اليها بما يعني: اذا كانت الطوائف الموجودة غير قادرة وفوراً على الاتفاق في ما بينها على قواسم وطنية مشتركة فالأجدى امّا اعلان تقسيم هذا البلد ولتعش كل طائفة أو قبيلة دينية لوحدها وتكفي خيرها شرها، أو يتفق اللبنانيون الأصيلون على طائفة جديدة تضاف الى طوائفهم الـ 18 وتحمل الرقم 19 في محاولة للحفاظ على النسيج الوحدوي للبلد بما يمنع سقوطه في براثن الزوال.وهكذا تأخذ المسرحية طريقها الى هذا الطرح من خلال ابتكار عمل اختباري ميداني لشرائح من السجناء في سجن رومية وتركهم يتقاتلون في ما بينهم ثم تقوم قوة من المغاوير بقيادة نقيب (يوسف الخال) من دون اسم لحجب طائفته أو على الأقل لتنزيه الجيش اللبناني من أي تهمة بالطائفية، وتفض بعض الاحتكاكات والتلاسن بين أطياف المساجين، ويرفض النقيب على مدى الفيلم الاعلان عن اسمه حتى لا يكشف طائفته، وان كانت احدى الصبايا (كارين راميا) من السجينات هامت به حباً أرادت أن يكون مثلها مارونياً، ولم يلب طلبها في الكشف عن هويته، وهالها أن يتحدّث الى صبية أخرى (جيسي عبدو) من أخصامها.نماذج الاختبار الميداني جرى عرضهم على خبيرين يابانيين في موضوع الاختلاف العقائدي وكيفية علاج المتناحرين ثم ايجاد قاسم مشترك في ما بينهم لاعادة تحريك عجلة الحياة الواقعية، ونجحت الفكرة في التقريب بينهم، وظل ناقصاً اخضاع قادة الميدان لمنطق البحث عن أفضل السبل لبلوغ النظرة المشتركة الى الوطن والعيش المشترك، وهو ما تولاه النقيب المغوار الذي رعى فكرة «الطائفة 19» ودخل دهاء السياسيين على الخط و أعاد فرز نصف الحاضرين طائفياً و مذهبياً من ضعاف النفوس، أما النصف الآخر فاختار الطائفة لكي ينتمي اليها ويرتاح.المسرحية أفضل من العملين السابقين للأخوين صباغ، والكلام عنها يستدعي الكلام عن قيمة الجهد المبذول في الديكور الثنائي لكلا الفصلين. بينما كان واضحاً تماماً حجم الكرم في الصرف على الانتاج، وكانت المشكلة مع الفنان يوسف الخال في الشكل، في ملابس الضابط الذي يركع على ركبتيه وهو يمثل، أو يدخل المغاوير بطريقة تعكس قوتهم ثم يتحولون الى الرقص، مع بعض التطويل.