تسابق الخطة الأمنية التي وضعها المجلس الاعلى للدفاع اللبناني لمنطقة طرابلس والبقاع الشمالي والتي أقرّ مجلس الوزراء خطواتها التنفيذية، عمليات قتل تستهدف عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي في عاصمة الشمال حيث تتكرّر جرائم «اعدام» عسكريين بالرصاص، وسط شكوك في امكان نجاح «خريطة الطريق» الامنية التي رُسمت في بلوغ معالجة جذرية لـ «جرح» جبل محسن - باب التبانة الذي ينزف منذ الحرب الاهلية اللبنانية. ومع اقدام مسلحين في طلعة مشروع القبة - مجدليا في طرابلس عند الخامسة والنصف من فجر امس على اطلاق النار على سيارة نوع «رانج روفر» بداخلها الضابط في قوى الامن الداخلي بطرس البايع الذي قضى على الفور، وذلك غداة «تصفية» ضابط في الجيش اللبناني بالطريقة نفسها، بدت «الدولة» اللبنانية وأجهزتها امام محك السير بخطتها التي نالت غطاء سياسيا جامعا وتقوم على «منْع الظهور المسلح في طرابلس ومنع استعمال السلاح بكافة اشكاله، ومصادرة مخازن السلاح في طرابلس وأحيائها وجبل محسن وتنفيذ الاجراءات كافة لتوقيف المطلوبين وتنفيذ الاستنابات القضائية في هذه الأعمال، وفي عمليات الخطف والابتزاز وسرقة السيّارات وعمليات التزوير في مناطق البقاع الشمالي وضبط الاوضاع الأمنية في هذه القرى واستعمال كافة الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه الخطة».وتسود طرابلس ضبابية حيال قدرة الخطة الامنية الموضوعة على «اجتثاث» عوامل التوتير في عاصمة الشمال والأفق السياسي لأي معالجة «جراحية» لوضعها، ولا سيما في ظل الامتداد الاقليمي لـ «خطوط الاشتباك» فيها والتي تظهّرت بقوة مع تفجيري مسجديْ السلام والتقوى في المدينة في اغسطس الماضي واللذين اتُهم فيهما اشخاص من جبل محسن اضافة الى الزعيم العلوي الأبرز النائب السابق علي عيد وضابط استخبارات سوري وسط اعتبار فاعليات التبانة نواب طرابلس ان المحك الفعلي لجدية الخطة يكون بتوقيف مرتكبي جريمة المسجدين وايضاً علي عيد ونجله رفعت.ورغم التكتّم على بنود الخطة الامنية وخطواتها الاجرائية، فان ثمة مخاوف لدى اوساط في طرابلس من ان يكون استهداف الجيش وقوى الامن الداخلي في طرابلس «بدم بارد» محاولة متعمّدة لاستدراجهما الى مواجهة مع طرف معيّن «تحت وهج» التوافق السياسي والدفع الى اجراءات جذرية في التعاطي معه مقابل الاكتفاء مع الطرف الثاني بانتشار في منطقته وربما تسليم بعض المطلوبين، وذلك على قاعدة ان وقت «حرق» الأوراق الامنية التي تُوّظف في اكثر من مفصل لم يحن بعد.وترجّح اوساط متابعة ان يشهد يوم غد بدء ترجمة الخطة الامنية في طرابلس بانتشار القوى الأمنية في منطقة جبل محسن ثم في التبانة، مع تعميم الاستنابات القضائية في حق عشرات المطلوبين في باب التبانة وجبل محسن، اضافة الى المشتبه بهم في الاعتداء على وحدات الجيش وقوى الأمن المتمركزة في على خط التماس بينهما، وصولاً الى تنفيذ عمليات دهم لتنفيذ الاستنابات وجمع السلاح من المستودعات وازالة الظهور المسلح في كل مناطق التوتر.ونُقل عن عدد من الوزراء أن الخطة التي أقرها مجلس الوزراء «لا تقتصر على الشق الردعي. بل سيتم فتح باب التطوّع في الجيش لكل المسلحين التائبين، مع استثناء قادة المجموعات»، مذكرين بان الاتفاق تم على صرف 100 مليون دولار في طرابلس، سبق أن أقرتها الحكومة السابقة، ولم يُصرف منها سوى 5 ملايين، ولافتين الى أن «أمام المطلوبين فرصة للهروب، مدتها نحو 36 ساعة، وهي المدة اللازمة للأجهزة الامنية لتصبح جاهزة لتنفيذ العمليات. اما بعد بدء تنفيذ الخطة، فمن سيواجِه القوى الأمنية سيتعرّض للقمع».وقد رأى النائب محمد كبارة ان الخطة الامنية «هي الامل الاخير لاهالي طرابلس لوضع حد للفلتان واعادة الامن والاستقرار»، موضحاً انه «تم التأكيد لنا ان الخطة ستكون متوازنة وعادلة وستطبق على رموز الارهاب ولا سيما مَن فجّر مسجدي التقوى والسلام وعلى الرموز الذين كانوا وراء الاشتباكات ابتداء من رفعت وعلي عيد»، مشيرا الى ان «كل الافرقاء الممثلين بالحكومة موافقين على الخطة».في هذه الاثناء، شكّل مقتل المطلوب بجرائم ارهابية في لبنان سامي الأطرش ضربة جديدة موجعة للشبكات التي نفذت عمليات عدة في أكثر من منطقة ضد بيئة «حزب الله» والتي اعتُبر سقوط يبرود السورية بمثابة قطْع شوط كبير على طريق وقف إمدادها بالسيارات المفخخة، وذلك رغم اقتناع خصوم الحزب في بيروت بأن موجة الإرهاب لن تنتهي، وإن تراجعت وتيرتها، ما دام لبنان مشرّعاً على الازمة السورية وتداعياتها بفعل انخراط «حزب الله» العسكري فيها.وغداة مقتل الأطرش، الملقب بـ «الداروخ»، متأثراً بجروح اصيب بها عندما حصل تبادُل لإطلاق النار بينه وبين دورية من الجيش اللبناني دهمت المكان الذي كان موجوداً بداخله في عرسال، اعتُبر الوصول اليه في هذه البلدة واحدة من تداعيات التوافقات السياسية التي حصلت في مجلس الوزراء على الخطة الامنية للبقاع الشمالي.وبرزت امس معلومات عن أدوار الاطرش الذي اشارت تقارير الى انه من مؤسسي «جبهة النصرة في لبنان»، وكان على اتصال وتنسيق مع خلايا ارهابية تتبع لـ «كتائب عبدالله عزام» وغيرها، وهو مطلوب «بجرم تجهيز سيارات مفخخة، وإطلاق صواريخ وقذائف هاون على قرى وبلدات لبنانية، وإحتجاز مواطنين، والمشاركة بقتل أربعة مدنيين في وادي رافق - عرسال، وقتل عسكريين في وادي حميد - عرسال، والتخطيط لإستهداف أحد الضباط بعبوة ناسفة» كما جاء في بيان قيادة الجيش اللبناني.وسامي الأطرش، الذي كانت الاجهزة الامنية تفضّل القبض عليه حياً باعتباره «صيداً ثميناً»، هو قريب للشيخ عمر الأطرش الموقوف منذ أكثر من شهرين والذي جرى الادعاء عليه بتهمة الضلوع في تفجيرات إرهابية بينها العمليتان الانتحاريتان اللتان استهدفتا محلة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 و 21 يناير الماضي.
خارجيات
كبارة: تلقينا تأكيدات بأنها ستُطبَّق على رفعت وعلي عيد
مسلحون يقتلون ضابطاً في الأمن اللبناني عشية بدء تنفيذ الخطة الأمنية لطرابلس
08:10 م