فاجأ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الوسط السياسي اللبناني مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبنان بمواقف بارزة جاءت وسط ضبابية كبرى تكتنف مصير هذا الملف الذي يبقى أسير صراع داخلي بين فريقيْ 8 و 14 آذار يشكلّ في واقع الحال «صدى» لتجاذب اقليمي – دولي مزمن وينذر بمزيد من «الاشتداد» في ظل تداخُل العناوين الساخنة، من الحرب السورية الى الأزمة الأوكرانية المستجدة مروراً بتداعيات التفاهم الغربي – الايراني حول «النووي» ورصد امكانات توظيفه في جعل طهران تدفع «مستحقات» مقابله من «جيْبها» في ساحات نفوذها الممتدة من العراق الى سورية ولبنان واليمن وأفغانستان وغيرها.وشّكلت دعوة الراعي رئيس البرلمان نبيه بري الى ضرورة مباشرة الدعوة الى جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية اعتباراً من الاثنين المقبل وعدم انتظار الايام العشرة الاخيرة من المهلة الدستورية للدعوة او تأمين نصاب الثلثين لانعقاد الجلسة، بمثابة «جرس إنذار» من الكنيسة المارونية بعدما استشعرت بان «الخيوط الرئيسية» في ادارة «رئاسية» لبنان ممسوكة بمعزل عن أي دينامية مسيحية، وهو ما عبّرت عنه خطوة بري بتشكيل لجنة نيابية ثلاثية من كتلته مهمتها القيام بجولة على الفاعليات السياسية في محاولة لضمان نصاب الثلثين الامر الذي ينطوي ضمناً على محاولة لإخراج الاستحقاق الرئاسي من سياق آلياته الاجرائية ووضعه في «وعاء» سياسي بما يؤدي الى واحد من 3 أهداف: انتظار بلورة مناخ خارجي موات لاستيلاد رئيس جديد، او دفْع الأمور الى مهلة الايام العشرة الاخيرة مع ما يمكن ان يفضي اليه ذلك من مساومات ومقايضات تحت ضغط وقائع سياسية او حتى امنية، او التمهيد لإرجاء الانتخابات الرئاسية ربطاً بتطورات الملف السوري خصوصاً وتحديداً ما يقال عن «وحدة مسار» بين رئاسية لبنان (آخر مهلة لها 25 مايو) و«رئاسية» سورية (في يوليو) على قاعدة ان لا إفراج عن رئيس جديد للبنان خارج مصير مضمون للرئيس بشار الاسد على رأس سورية.وبمعزل عما اذا كان موقف البطريرك لاقى ارتياحاً في أوساط مسيحية ام لا خصوصاً انه ترافق مع اعلانه ان بكركي تحضر لاستطلاع رأي حول المرشحين الاكثر تمثيلاً ملوحاً باستخدامه كورقة ضغط اذا لم يتم انعقاد جلسات الانتخاب لحمل النواب على الاختيار من بين هؤلاء المرشحين، وهو ما قرأته بعض الدوائر على انه سقوط «في فخ» الاستفتاءات (اكثرية واقلية) الذي غالباً ما كانت تُقابَل به المطالب السيادية للمسيحيين، فان الاكيد ان دينامية جديدة انطلقت في الملف الرئاسي في ظل اندفاعة البطريركية المارونية التي تحرص على إنجاز الاستحقاق في موعده، في موازاة ارتفاع وتيرة دخول القطبين المسيحيين الأبرز، أي زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على خط الترشيح (وإن غير الرسمي بعد) بقوة، الاول تحت عنوان ان «الرئيس التوافقي يتقاسمه الزعماء ويقسّمون الوطن مناطق نفوذ... والرئيس الوفاقي يجمع لبنان واللبنانيين في وحدة وطنية شاملة»، والثاني انطلاقاً من «انني رئيس الحزب الاكثر تمثيلا لدى المسيحيين وبالتالي المرشح الطبيعي للرئاسة اللبنانية اما كاعلان رسمي فننتظر اللحظة المواتية».وفي حين تراوح القراءات لاندفاعة جعجع بين إعتبارها إحراجاً لحلفائه ولا سيما «تيار المستقبل» لتبنيه كمرشح «اول» ولو غير وحيد لفريق 14 آذار وبين التعاطي معها على انها بمثابة «هجوم دفاعي» لقطع الطريق على وصول العماد عون على قاعدة ان تأمين التوازن في وجه زعيم «التيار الحر» يمكن ان يفضي الى تمرير اسم بمواصفات 14 آذار، فان الاستحقاق الرئاسي يُنتظر ان يحضر في محطات خارجية بارزة أهمها لقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما البابا فرانسيس اليوم في الفاتيكان وهو اللقاء الذي يأتي عشية وصول اوباما الى السعودية في زيارة يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في اول اجتماع بينهما منذ «اهتزاز» العلاقة بين واشنطن والرياض على خلفية التفاهم مع ايران حول النووي.واذا كان ثمة في لبنان مَن لا يزال يراهن على امكان ان تشكّل «نافذة» الحوار الاميركي – الايراني مدخلاً للنفاذ بالاستحقاق الرئاسي اللبناني على قاعدة «تمديد» التفاهم الموْضعي الذي اتاح الافراج عن حكومة الرئيس تمام سلام انطلاقاً من رغبة متبادلة، تشكل السعودية جزءاً رئيسياً منها، في إبقاء لبنان «علبة بريد لتبادُل رسائل حسن النية» والحفاظ على «خط الرجعة» في العلاقات، فان اوساطاً سياسية ترى من المبكر جداً الحكم على مآل الأمور رغم الدعم الذي لقيه لبنان من قمة الكويت امس لاستقراره وجيشه، ومع توقف هذه الاوساط عند ما تعهّد به الرئيس ميشال سليمان امام المؤتمرين «بالعمل على انجاز الانتخابات الرئاسية بمواعيدها التزاما بالدستور والديموقراطية» وذلك بعد ساعات من اعلانه رداً على دعوة الرئيس بشار الاسد الى انتخاب «رئيس ممانع» للبنان ان «زمن المتصرفية انتهى ومواصفات الرئيس العتيد لا تحددها الجهات الخارجية أيا تكن».وكان الراعي اعلن في اطلالته التلفزيونية ان «حزب الله يمثل مشكلة لانه يقرر الحرب والسلام ويحمل السلاح كما يجلس في البرلمان والحكومة». وتوجه الى «حزب الله» قائلا: «نريد الاستراتيجية الدفاعية مهما كلف الامر وعلى الحزب ربط سلاحه بالدولة وان يخضع للقرار السياسي، وسيكون عيدا وطنيا حين يسلم سلاحه للدولة».

عضو لجنة بري النيابية حول جلسة الانتخاب

ياسين جابر لـ «الراي»: سنجري «فحص منظار» وهدفنا الإسراع وليس التسرّع بانتخاب رئيس

| بيروت – من آمنة منصور |أكد النائب اللبناني ياسين جابر، عضو اللجنة التي شكّلها رئيس مجلس النواب نبيه بري من كتلته النيابية للشروع باتصالات لدى مختلف الأطراف على الساحة اللبنانية، لتأمين انعقاد جلسة نيابية لإنتخاب رئيس جديد تحت سقف لبننة الإستحقاق، أمس أن جولة النواب الثلاثة على الأطراف اللبنانيين «ستبدأ قبل الأسبوع المقبل»، مشيرا إلى «أننا سنسعى قدر الإمكان كي لا تطول هذه اللقاءات، فتكون سريعة ومكثفة كي نكسب وقتا».وردا على سؤال عما إذا كان يتوقع أن تكون الأمور معقدة في هذا الإطار، قال لـ «الراي»: «سنجري بحسب المصطلح الطبي فحص منظار، فلماذا نحكم قبل الفحص، سنحكم بعده».وتعليقا على دعوة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى الإسراع في إجراء الدورة الأولى من الإنتخابات الرئاسية، لفت إلى أن «الراعي أشار أيضاً إلى أنه بانتظار زيارتنا ليقول لنا هذا الأمر، وأولى زيارات اللجنة ستكون للقاء البطريرك الراعي»، مشيرا إلى «أننا مع الإسراع، ولو لم يكن الإسراع مطلوباً لما قام الرئيس بري بهذا المسعى، فالمطلوب هو الإسراع وليس التسرّع»، مؤكداً أن «المسألة ليست مجرد الدعوة إلى جلسة، فالرئيس بري حريص ومعني بتأمين نجاح هذه الجلسة».أضاف: «الجميع يقارن بما حصل في العام 2008 مع نهاية عهد الرئيس إميل لحود، فحينها ربما كان الإنقسام في البلد أكبر حيث كان منقسماً عمودياً وكانت المواقف حادة، فضلا عن جو دولي وإقليمي مختلف لظروف مختلفة، وحينها كانت تتم الدعوات إلى الجلسات دون أن يتأمن النصاب»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر تغير اليوم، فنحن خرجنا منذ فترة وجيزة من تجربة ناجحة في تشكيل حكومة وحدة وطنية، والرئيس بري كان دعا حينها إلى تشكيل حكومة لأنها ستسهل موضوع رئاسة الجمهورية، لأننا على الأقل سنكون بمواجهة التحديات الكبيرة كفريق واحد. واليوم نحن في لبنان رغم الخلافات في الرأي، اتفقنا جميعا على أن التحديات كبيرة جدا وأن لبنان يواجه مرحلة مصيرية وعليه الإستعداد لها من خلال ما تم من تشكيل الحكومة ومنحها الثقة وفتح مجال ديموقراطي للمناقشات داخل مجلس النواب وهو الأمر الذي تم أيضاً، وعودة المجلس النيابي إلى العمل بنشاط إن شاء الله في الفترة المقبلة بالنسبة لمواضيع القوانين العالقة واستحقاق رئاسة الجمهورية».وتابع: «أرى أن الإنقسامات خفّت قليلاً على صعيد الفرقاء السياسيين، والتحديات الكبيرة تفرض نفسها وعلينا أن نكون على مستوى هذه التحديات من خلال القيام بواجبنا النيابي كنواب، فالبرلمان مهمته الرئيسية الآن هي انتخاب رئيس».وعما إذا هناك إسم أكثر حظاً من بين المرشحين يفضله بري، أكد أن «الرئيس بري كرئيس للمجلس محايد في هذا الموضوع، ومهمته إنجاح العملية الإنتخابية»، مضيفا: «أما موضوع كتلتنا النيابية ومواقفها، فلا بد أن نعرف أولاً من هم المرشحون». وختم ممازحا: «بالأمس أعلن أول المرشحين عن ترشحه.. الدكتور جعجع، وهو بالتأكيد ليس مرشحنا».