من عرسال الى وادي خالد، أثقلتْ التطورات العسكرية الاستراتيجية في الميدان السوري على الواقع اللبناني وسط مخاوف من تداعيات سقوط يبرود في الريف الشمالي لدمشق ثم قلعة الحصن في الريف الغربي لحمص على صعيد إطلاق موجة جديدة من نزوح المدنيين او حتى فلول المقاتلين وتموْضعهم على الحدود او حتى تسرُّبهم الى القرى اللبنانية المتاخمة.وفيما يعكف الخبراء على قراءة أبعاد سيطرة النظام السوري و«حزب الله» على يبرود (والاستعداد لإنهاء معركة القلمون) ثم «القبض» على قلعة الحصن التاريخية وذلك على صعيد تعزيز أمن الطريق الدولي الذي يربط بين دمشق ومنطقة الساحل السوري وقفل طرق الإمداد من شمال لبنان وشرقه إلى المجموعات المقاتلة في غرب سورية، شهدت قرى وادي خالد اللبنانية في الشمال هدوءاً نسبياً نهار امس غداة تعرّضها لقصف سوري طال نازحين ومسلحين خلال محاولتهم الهرب من معارك «الحصن» ما ادى الى مقتل وجرح العشرات وفجّر حركة احتجاج واسعة في شمال لبنان شبيهة بتلك التي شهدتها عرسال في البقاع الشمالي عشية فك الحصار الذي كانت تفرضه جارتها اللبوة عليها ثم دخول الجيش اللبناني اليها وبدئه عملية «فصل» أطراف البلدة عن جرودها التي تطل على معارك القلمون المستمرة عبر فليطا التي تفصل بينها وبين يبرود.وفي حين اقتحم المشهد في بيروت امس خبر مقتل الراعيين اللبناني ياسين محمد ياسين والسوري أحمد كزالي برصاص سوري داخل الأراض اللبنانية في جرد مجدل عنجر بعدما قصدا التلال لاسترداد 5 رؤوس من الغنم كان الجيش السوري قد سلبهما اياها، بقيت طرابلس قُبلة الأنظار وسط مخاوف من ان تكون معارك قلعة الحصن أخرجت المواجهات المستعرة فيها منذ نحو عشرة ايام وتحديداً على «خط تماس» جبل محسن - باب التبانة عن امكانات الاحتواء والسيطرة ولا سيما بعد التقارير المتقاطعة عن ان أمير تنظيم «جند الشام» خالد المحمود، الملقب بأبي سليمان الطرابلسي (أو الدندشي) والذي اكد التنظيم مصرعه، قُتل بعد إصابته خلال موْقعة «القلعة» ومعه عشرات من الشباب الطرابلسي، علماً ان تقارير اشارت الى ان المحمود في الثلاثينات من العمر وكان موقوفا في سجن رومية في لبنان بتهمة الانتماء الى تنظيم «فتح الإسلام» المتطرف، وقد أفرج عنه قبل نحو ثلاثة أعوام.وغداة ليل «عاصِف» في طرابلس التي لم تنم جراء المواجهات، استمرت اعمال القنص امس على المحاور كافة، بين باب التبانة وجبل محسن، مستهدفة اي هدف متحرك ولا سيما على اوتوستراد طرابلس الدولي في محلة التبانة، فيما سُجل استمرار ضرب الجيش اللبناني سواء باستهدافه بالقنابل والقذائف او بتفجير عبوات به على ما حصل في محلة البحصاص.ومع بلوغ عدد قتلى المواجهات منذ انطلاق الجولة العشرين من معارك التبانة - جبل محسن 21 قتيلاً، بعد وفاة خضر عاصي ونديم سليمان اسعد ومحمود الحسن واحمد ذو الفقار، وارتفاع عدد الجرحى الى أكثر من 150، تبرز خشية كبرى من وجود نيات مبيّتة لدفع عاصمة الشمال الى صِدام كبير في ظل شبه تسليم بصعوبة فرض هدنة اقلّه في المدى القريب، الامر الذي يمكن ان يفتح المدينة على محظورٍ يتداخل فيه المذهبي بالسياسي وقد يجر الى احتكاكات مع الجيش اللبناني وسط شعور شعبي في البيئة السنية بـ «مظلومية» في التعاطي الأمني مع هذه الطائفة ومحاولة «شيْطنتها» وصبغها بـ «الإرهاب».في موازاة ذلك، أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان «عشرات القتلى والجرحى» سقطوا نتيجة استهدافهم اول من امس بالقصف من القوات النظامية بين بلدة الحصن والحدود اللبنانية، فيما افاد مصدر امني لبناني ان «60 جريحا» ممن اصيبوا في القصف لدى محاولتهم دخول لبنان نقلوا الى مستشفيات الشمال، موضحاً ان القصف طاول منطقة وادي خالد اللبنانية واصاب منزلا باضرار.وقال خالد حسين الذي شارك في نقل الجرحى والنازحين في منطقة وادي خالد ان «عملية النزوح من الحصن الى وادي خالد بدأت قبل ثلاثة ايام»، واشار الى وجود «جثث في مجرى النهر الكبير»، مؤكداً ان «هناك عددا كبيرا من المقاتلين اللبنانيين السنّة في الحصن مع مقاتلي المعارضة، وعدد كبير منهم من الشمال».
خارجيات
«خط تداعيات» ساخن لمعارك سورية... من عرسال إلى وادي خالد
سقوط «الحصن» في حمص يفجّر قتالاً عنيفاً في طرابلس
مدنيون لبنانيون يعاينون موقع انفجار عبوة ناسفة بدورية للجيش اللبناني في طرابلس (أ ف ب)
06:38 م