لم تعر أوساط سياسية لبنانية بارزة أهمية كبيرة لمجريات الجلسات التي عقدها مجلس النواب اللبناني خلال اليومين الماضيين لمناقشة البيان الوزاري للحكومة ومنحها الثقة باعتبار ان هذه الجلسات جاءت بمثابة تتويج شكلي للتسوية السياسية التي أفضت الى تشكيل الحكومة ووضع بيانها الوزاري ولم تشهد محطات مهمة خارجة عن هذا الاطار.واعتبرت هذه الأوساط عبر «الراي» ان الأسبوع المقبل سيكون المحطة الأبرز في سياقات متعددة متزامنة من شأنها استقطاب الأنظار وتركيزها على بداية مرحلة تضع لبنان امام مرحلة يفترض ان تحمل متغيرات اذ تبدأ من الثلاثاء المقبل في 25 الجاري المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في غضون شهرين ما ينقل البلاد الى مناخ هذا الاستحقاق الاساسي. ومع ان بداية المهلة الدستورية لن تقدّم او تؤخّر شيئاً في الأوضاع القائمة الى ان تتبلور الاتجاهات الداخلية والخارجية التي ستحكم مصير الانتخابات سلباً او ايجاباً، فان الأوساط نفسها تشير الى ان لبنان سيدخل مرحلة محفوفة بالمحاذير الكبيرة في ضوء مجموعة تحديات تواجهها الحكومة بعد نيلها امس ثقة مجلس النواب.ذلك ان الواقع الأمني لا يزال يشكل الأولوية المطلقة الملحة في ظل الأحداث التي حصلت في الأيام الاخيرة ولا سيما في البقاع الشمالي حيث أمكن قبل يومين نشر وحدات من الجيش في بلدة عرسال بعدما كاد قطع الطرق اليها ومحاصرتها ينذر بإشعال فتنة مذهبية.وتقول الاوساط ان ثمة تحضيرات متسارعة لتوسيع نطاق انتشار الجيش في هذه المنطقة والسعي الى ضبطها قدر الإمكان نظراً الى ازدياد الأخطار الناجمة عن تداعيات سقوط منطقة القلمون السورية بكاملها تقريباً بيد القوات النظامية السورية و(حزب الله). ويسابق الجيش في إجراءاته هذه التداعيات في وقت يبدو الوضع الأمني في مدينة طرابلس كأنه بمثابة استنزاف مفتوح مع تعذُّر وقف الجولات المتعاقبة من القتال والاشتباكات الليلية المستمرة منذ نحو اسبوع في المدينة.وتضيف الاوساط نفسها ان حكومة الرئيس تمام سلام تجد نفسها الآن بين حجريْ رحى اوّلهما الوضع الأمني الضاغط، وضرورة احتواء أخطاره بكل الوسائل الامنية والعسكرية والسياسية، وثانيهما بدء الاستعدادات للاستحقاق الرئاسي بالتنسيق بين الحكومة ومجلس النواب، متوقّعة في هذا الاطار ان يقتصر فتح الاستحقاق الرئاسي على مجرد انطلاق العد العكسي للانتخابات اذ يبدو صعباً للغاية الحديث عن اي موعد مبكر محتمل لتوجيه رئيس المجلس نبيه بري الدعوة الاولى لعقد جلسة انتخابية علماً ان ثمة خطوات اخرى ستسبق الدعوة ومن ابرزها الإعداد لجلسة تشريعية للبرلمان قبل اي جلسة انتخابية، علماً ان خبراء دستوريين يعتبرون ان البرلمان يبقى قادراً على التشريع مع بدء مهلة انتخاب رئيس جديد طالما لم توجّه دعوة اليه لجلسة انتخاب، الا ان الايام العشرة الاخيرة من فترة الشهرين المعطاة لانتخاب الرئيس تجعله حكماً هيئة ناخبة غير قابلة لأي عمل آخر.ولفتت الاوساط السياسية اللبنانية البارزة الى ان المناخ السياسي الذي عكسته جلسات الثقة النيابية لم يكن مشجعاً لمؤشرات مريحة في مرحلة انطلاق البلاد نحو الاستحقاق الرئاسي. ذلك رغم ان الكتل المشاركة في الحكومة اجمعت على منح الحكومة ثقة كبيرة فاقت المئة وبما يعكس التسوية التي جمعت الأضداد فيها، فان مضامين الخطب السياسية لفريقيْ 14 اذار و8 اذار عكست في المقابل الهشاشة الكبيرة لواقع الحكومة اذ ان اي شيء لم يبدل في نبرة الانقسام السياسي الحاد بل وتصاعد الخصومة خصوصاً على خلفية تورط «حزب الله» في سورية.وتعتقد الاوساط ان هذه الجلسات شكلت في بُعدها الخلفي نموذجاً متقدماً للتعقيدات الضخمة التي تعترض الاستحقاق الرئاسي اذ بدا كأن اي رهان على توافق داخلي في شأن المرشحين هو من المستحيلات ما يحتم استخلاص نتيجة اوّلية لا تقبل الجدل وهي ان حظوظ اجراء الانتخابات ستكون ضعيفة جداً في المدى المنظور كما ان اي انعقاد لجلسة انتخابية لن يكون متاحاً في المدى القريب وقبل مرور اسابيع عدة من المهلة الدستورية.وكانت الساعات الاخيرة شهدت «تزاحماً» على صعيد «الترشيحات» (وإن غير الملزمة في لبنان) للاستحقاق الرئاسي من الأسماء الأبرز المتداولة في هذا الملف. ففي حين اعلن زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون عبر قناة «العربية» أن ترشحه للانتخابات هو «احتمال جدي» قارناً ذلك بمواقف من أبرزها تأكيده انه مع انسحاب كل المسلحين من سورية وخصوصاً العرب منهم على الأقل احتراماً لميثاق جامعة الدول العربية، رشّح وزير العمل سجعان قزي في مقابلة مع تلفزيون «المستقبل» رئيس حزب «الكتائب» امين الجميل كرئيس قوي ومقتدر لرئاسة الجمهورية، فيما تم ربط المحادثات التي أجراها وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) في روما مع الفاتيكان بسعيه لكسب التأييد للعماد عون كمرشح يحظى ببَركة الكنيسة الكاثوليكية في العالم.أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي تتهيأ ماكينة الحزب لإعلان ترشيحه فواصل التمهيد لهذا الترشيح من خلال توجيه «الرسائل» الى الحلفاء، ولا سيما تيار «المستقبل»، كما الخصوم من خلال المبادرة غير المسبوقة التي قامت بها عقيلته النائبة ستريدا في كلمتها في جلسة الثقة اذ فنّدت «اوجه الشبه» بين «الحكيم» (الدكتور جعجع) وبين الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن الله واصفة الحزب بـ «شركائنا في الوطن»، وإن تحت سقف «الدولة» وتسليم السلاح لها.

على خلفية مشاركة وفد نيابي باجتماع برلمانات «أصدقاء سورية» في طهران

مشادّة كلامية بين بري وفتفت

| بيروت - «الراي» |حضر في اليوم الثاني من جلسات الثقة بحكومة الرئيس تمام سلام ملف مشاركة مجلس النواب اللبناني في اجتماع رؤساء اللجان الخارجية لبرلمانات الدول الصديقة لسورية الذي انعقد في 12 مارس الجاري في طهران بمشاركة وفود من سورية وإيران والعراق وروسيا والجزائر وفنزويلا وكوبا والذي قوبل باستياء من فريق 14 آذار باعتبار انه خروج عن سياسة النأي بالنفس. وقد أثار النائب احمد فتفت (من كتلة الرئيس سعد الحريري) هذا الملف في مداخلته امام البرلمان سائلاً «اين النأي بالنفس في المشاركة في مؤتمر طهران للدفاع عن النظام السوري تحت أي مسمى لجان او غيرها؟»، فردّ الرئيس نبيه بري بانه «تلقى دعوة من ايران الى مؤتمر اصدقاء سورية، وهي موجهة الى اللجان الخارجية في عدة بلدان، وانا شخصيا من انتدبتُ الوفد الى ايران». واضاف متوجهاً الى فتفت «من سمح لك بالذهاب الى البرلمان الاوروبي العام 2012 والحديث ضد الحكومة من دون علم او اعطاء خبر لرئيس المجلس النيابي، ونحن سكتنا كثيرا وما زلنا نسكت، وانا بحب مين يعلق معي».فرد فتفت بالقول انه تحدث باسم كتلة «المستقبل»، فقال بري «انا ساكت من اجل الحكومة، واذا كان اعضاء الحكومة يوجهون لبعضهم هذه الاتهامات، ماذا تركنا للقوات التي هي خارج الحكومة». واضاف بري ان «عضو كتلة القوات النائب جوزيف المعلوف ذهب الى برلمان الاتحاد الاوروبي بدون علم رئاسة المجلس، وكان من المفترض ذهاب رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة وفتفت من دون علم رئاسة المجلس».وبعدها حصلت مشادة بين فتفت والوزير غازي وزعيتر والنائب علي بزي على خلفية مقاطعة فتفت لبري، ليُختم السجال بقول نائب «المستقبل» لبزي: «هذا الكلام غير مقبول ونحن سنبقى نعبر عن رأينا في هذا المكان ولا نقبل ان يهددنا احد».